فصل
في مسائل منثورة :
ينبغي ، حتى يعلم ما يقول وما يقال له ، وينزجر عن اليمين الكاذبة ، فإن حلفه في السكر ، فعلى الخلاف في أن السكران كالصاحي أم كالمجنون . للقاضي أن لا يحلف السكران مدعيا كان ولا مدعى عليه
والأصح : الأول ، ولو قتل رجل وكان اللوث على عبده ، فأراد وارثه أن يقسم عليه ، فله ذلك إن أوجبنا القصاص بالقسامة ليقتص منه ، وإلا فلا يقسم ; لأنه لا يثبت له في رقبة عبده مال إلا أن يكون مرهونا ، فيستفيد بالقسامة فك الرهن وبيعه ، وقسمة ثمنه على الغرماء ، ولو ادعى على رجل أنه قتل أباه عمدا ، فقال المدعى عليه : قتلته ولكن خطأ ، أو شبه عمد ، فإن لم يكن لوث ، صدق المدعى عليه بيمينه ، وإن كان بأن شهد عبيد أو نسوة على إقراره بالعمدية ، فأيهما يصدق ؟ وجهان ، أصحهما : المدعي ، وبه قطع الإمام والمتولي ، فإن حلف المدعى عليه ، فلم يحلف ؟ يبنى على ما لو أنكر أصل القتل إن قلنا : يمينا واحدة ، فكذا هنا وإن قلنا : خمسين ، فكذا هنا على الأصح ، وقيل : يمينا ; لأن إنكار الصفة أخف من إنكار الأصل ، وإذا حلف المدعى عليه ، فهل للمدعي [ ص: 30 ] طلب الدية ؟ فيه وجهان بناء على أن الدية في الخطأ تجب على العاقلة ابتداء أم تجب على الجاني وهم يحملون ، إن قلنا بالأول ، ليس له الطلب ; لأنه ادعى حقا على المدعى عليه ، وهو اعترف بوجوبه على غيره ، وإن قلنا بالثاني ، بني على أن الخلف في الصفة هل هو كالخلف في الموصوف ؟ وفيه قولان سبقا في مسائل خيار النكاح ، إن قلنا : نعم ، فكأنه ادعى مالا فاعترف بمال آخر لا يدعيه ، وإن قلنا : لا ، طالب بالدية وهو المذهب وعليه اقتصر الأكثرون ، وتكون الدية على المدعى عليه مخففة مؤجلة إلا أن تصدقه العاقلة ، فتكون عليهم ، ولو ادعى أنه قتل أباه خطأ ، فقال : قتلته عمدا ، فلا قصاص ، وهل له المطالبة بدية مخففة ؟ قالالمتولي : فيه الوجهان ، ولو نكل المدعى عليه في الصورة الأولى ، حلف المدعي أنه كان عمدا ويكون عدد يمينه بعدد يمين المدعى عليه ، ويثبت له بيمينه القصاص أو الدية المغلظة في ماله .
فرع
ادعى جرحا لا يوجب قصاصا كجائفة ، وأقام بها شاهدا ، وحلف معه يمينا واحدة ليستحق المال ، ثم مات المجروح بالسراية ، قال ابن الحداد : لا يعطى الورثة شيئا إلا بخمسين يمينا ; لأنها صارت نفسا ، قال : تصوير ابن الحداد مبني على أن دعوى الجرح والبينة به تسمعان قبل اندماله ، وفيه خلاف ، ومفرع على أن الأيمان لا تتعدد في الجراحات ، فإن قلنا : تتعدد ، وحلف مع شاهده خمسين ، وإن قلنا : بالتوزيع على قدر الدية ، حلف للجائفة مع الشاهد ثلث الخمسين ، ثم إذا مات المجروح ، وصارت الجراحة نفسا ، أقسم الورثة واللوث حاصل بشهادة الشاهد الذي أقامه مورثهم ، ولا تحسب يمينه لهم ، وقال القاضي أبو الطيب الخضري : تحسب حتى لو حلف خمسين على قولنا بالتكميل ، فلا يمين على الورثة ، والصحيح : الأول .