الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الشرط الثالث : أن يشترط للسابق كل المال أو أكثره ، فإذا تسابق اثنان ، وبذل المال غيرهما ، فإن شرطه للسابق منهما ، فذاك ، وإن شرطه للثاني ، أو شرط له مثل الأول ، لم يجز ، وإن شرط للثاني أقل مما شرط للأول جاز على الأصح ، وإن تسابق ثلاثة ، وشرط باذل المال المال للأول ، جاز ، وإن شرطه للثاني ، أو شرط له أكثر من الأول ، لم يجز على الأصح ، وقيل : يجوز ، لأن ضبط الفرس في شدة عدوه ليقف في مقام الثاني يحتاج إلى حذق ومعرفة ، وإن شرط له مثل ما شرط للأول ، جاز على الأصح ، لأن كل واحد يجتهد هنا أن يكون أولا وثانيا ، وإن شرط له [ ص: 353 ] دون ما شرط للأول ، جاز على الصحيح ، ويخرج من هذا الاختلاف في الثلاثة أربعة أوجه ، أحدها : يجوز أن يشرط الجميع للثاني ، والثاني : لا يجوز شرط شيء له ، والثالث : يجوز له شرط بشرط تفضيل السابق ، والأصح : يجوز أن يشرط له بحيث لا يفضل على السابق ، وأما الفسكل بكسر الفاء والكاف وإسكان السين المهملة بينهما وهو الأخير ، فلا يجوز أن يساوى بمن قبله ، ويجوز أن يشرط له دون ما شرط لمن قبله على الأصح كما سبق في الاثنين ، ويقاس بها ما إذا تسابق أكثر من ثلاثة حتى لو كانوا عشرة ، وشرط لكل واحدة سوى الفسكل مثل المشروط لمن قبله ، جاز على الأصح ، والأحب أن يكون المشروط لكل واحد دون المشروط لمن قبله ، وفي شرط شيء للفسكل الوجهان ، ولو أهمل بعضهم ، بأن شرط للأول عشرة ، وللثالث تسعة ، وللرابع ثمانية ، فهل يجوز ؟ وجهان ، أحدهما : لا ، لأن الرابع والثالث يفضلان من قبلهما ، والثاني : نعم ، ويقام الثالث مقام الثاني ، والرابع مقام الثالث ، وكأن الثاني لم يكن ، وإذا بطل المشروط في حق بعضهم ، ففي بطلانه في حق من بعده وجهان ، وهذان الوجهان مع الوجهين في الإهمال مبنيان على أن من بطل السبق في حقه هل يستحق على الباذل أجرة المثل ؟ وفيه خلاف يأتي - إن شاء الله تعالى - فإن قلنا : لا ، بطل العقد في حق من بعده لئلا يفضل من سبقه ، وإن قلنا : نعم ، لم يبطل في حق من بعده ولا يضر كون المشروط له زائدا على أجرة المثل ، لأن الممتنع أن يفضل المسبوق السابق فيما يستحقانه بالعقد ، وأجرة المثل غير مستحقة بالعقد . واعلم أن الصور المذكورة وضعوها فيما لو كان باذل المال غير المتسابقين ، ويمكن فرضها أو فرض بعضها فيما لو بذله أحدهما ، بأن [ ص: 354 ] يتسابق اثنان ، ويبذل أحدهما مالا على أنه إن سبق دفع إلى الآخر منه كذا ، وإن سبقه الآخر أمسك لنفسه منه كذا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال : من سبق فله كذا فجاء المتسابقون معا فلا شيء لهم ، ولو جاء اثنان فصاعدا معا ، وتأخر الباقون فالمشروط للأولين بالسوية ، ولو قال : من سبق ، فله دينار ، ومن جاء ثانيا ، فله نصف دينار ، فسبق واحد ، ثم جاء ثلاثة معا ، ثم الباقون ، فللسابق دينار ، وللثلاثة نصف ، وإن سبق واحد ، ثم جاء الباقون ، فله دينار ، ولهم نصف ، وإن جاء الجميع معا ، فلا شيء لهم ، ولو قال : كل من سبق فله دينار ، فسبق ثلاثة ، قال الداركي : لكل واحد منهم دينار .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية