الطرف الثاني في سبي الكفار واسترقاقهم ، وفيه مسائل
إحداها : ، رقوا ، وكان حكمهم حكم سائر أموال الغنيمة ، فالخمس لأهل الخمس ، والباقي للغانمين ، والعبيد إذا وقعوا في الأسر ، كانوا كسائر أموال الغنيمة ، لا يتخير الإمام فيهم ؛ لأن عبد الحربي مال له ، واحتج له الشيخ نساء الكفار وصبيانهم إذا وقعوا في الأسر أبو علي بأن عبد الحربي لو أسلم في دار الحرب ، ولم يخرج ، ولا قهر سيده ، [ ص: 251 ] لا يزول ملك الحربي عنه ، وإذا سباه المسلمون ، كان عبدا مسلما ، ولا يجوز المن عليه ، ويسترق ، ولولا أنه مال يخلى سبيله ، كالحر ، ولما جاز استرقاقه ، هكذا ذكره ابن الحداد ، وصرح بأنه ليس للإمام قتل العبيد ، ولا المن عليهم ، وتابعه الأصحاب على هذا ، وفي " المهذب " أنه لو رأى الإمام قتله لشره وقوته ، قتله وضمن قيمته للغانمين ، وأما ، فالإمام مخير بين أن يقتلهم صبرا بضرب الرقبة ، لا بتحريق وتغريق ، ولا يمثل بهم ، أو يمن عليهم بتخلية سبيلهم ، أو يفاديهم بالرجال ، أو بالمال ، أو يسترقهم ، ويكون مال الفداء ورقابهم إذا استرقوا ، كسائر أموال الغنيمة ، وليس هذا التخيير للتشهي ، بل يلزم الإمام أن يجتهد ويفعل من هذه الأمور الأربعة ما هو الحظ للمسلمين ، فإن لم يظهر له وجه الصواب في الحال وتردد ، حبسهم حتى يظهر ، وسواء في الاسترقاق كان الأسير كتابيا أو وثنيا ، وقال الرجال الأحرار الكاملون إذا أسروا الإصطخري : يحرم استرقاق الوثني ؛ لأنه لا يقر بالجزية ، والصحيح الأول ، وسواء كان الكافر من العرب ، أو غيرهم على الجديد المشهور ، وفي القديم لا يجوز استرقاق العرب ، وهل يجوز استرقاق بعض شخص ؟ وجهان ، أصحهما : نعم ، قال البغوي : فإن منعناه ، فضرب الرق على بعضه ، رق كله ، وكان يجوز أن يقال : لا يرق شيء ، وإذا اختار الفداء ، جاز بالمال سلاحا كان أو غيره ، ويجوز بأسارى المسلمين ، فيرد مشركا بمسلم ، أو مسلمين ، أو مشركين بمسلم ، ويجوز أن يفديهم بأسلحتنا التي في أيديهم ، ولا يجوز أن يرد أسلحتهم التي في أيدينا بمال يبذلونه ، كما لا يجوز أن يبيعهم السلاح ، وفي جواز ردها بأسارى المسلمين وجهان .
فرع
لو ، عزر [ ص: 252 ] ولا قصاص ولا دية ؛ لأنه لا أمان له وهو حر إلى أن يسترق ، ولذلك يجوز أن يخلى سبيله ، والأموال لا ترد إليهم بعد الاغتنام ، ولو وقع في الأسر صبي أو امرأة ، فقيل : وجبت القيمة ؛ لأنه صار مالا بنفس الأسر ، ثم إن سبي الصبي وحده ، فهو محكوم بإسلامه تبعا للسابي ، ففيه قيمة عبد مسلم ، وإن كان قاتله عبدا ، لزمه القصاص . قتل مسلم أو ذمي الأسير قبل أن يرى الإمام رأيه فيه
فرع
لو أسر بالغ له زوجة ، لم ينفسخ عقد نكاحه بالأسر ، فإن فاداه الإمام ، أو من عليه ، استمرت الزوجية ، وإن استرقه ، ارتفع النكاح حينئذ ، وإن أسر صبي له زوجة ، انفسخ النكاح بنفس أسره .
فرع
لو أسر كافر ومعه زوجته وصبيانه ، يخير الإمام فيه دونهم .