الحكم الثاني : سقوط حق الغانمين بالإعراض وفيه مسائل : إحداها : ، وتركها قبل القسمة ، لأن المقصود الأعظم من الجهاد إعلاء الدين ، والذب عن الملة ، والغنيمة تابعة ، فمن أعرض عنها ، فقد محض عمله للمقصود الأعظم ، ولو يسقط حق الغانم بالإعراض عن الغنيمة ، فإن أراد الإسقاط ، سقط حقه ، وإن أراد التمليك ، فوجهان ، أصحهما عند صاحب " الشامل " : الصحة ، وبه قال قال أحدهم : وهبت نصيبي للغانمين أبو إسحاق ، وأقواهما : المنع وبه قال ، وأما بعد القسمة فيستقر الملك ، ولا يسقط بالإعراض ، كسائر الأملاك ، ولو أفرز الخمس ، ولم يقسم الأخماس الأربعة فوجهان ، ويقال : قولان ، الأصح المنصوص : يصح الإعراض ، لأنه لم يتعين حقه ، والثاني خرجه ابن أبي هريرة ابن سريج : لا يصح ، لأن حقهم تميز عن الجهات العامة ، فصار كمال مشترك ، ولو قال : اخترت الغنيمة ، هل يمنع ذلك من صحة الإعراض وجهان ، أشبههما : نعم ، ولو أعرض جميع الغانمين فوجهان ، أصحهما : يصح إعراضهم ، فيصرف الجميع إلى مصرف الخمس ، لأن المعنى المصحح للإعراض يشمل للواحد والجمع ، وأما أصحاب الخمس فغير ذوي القربى جهات عامة لا يتصور فيها إعراض ، وفي صحة إعراض ذوي القربى وجهان ، أحدهما : نعم ، كالغانم ، وأصحهما : لا ، لأنهم يستحقونه بلا عمل ، فأشبه الإرث ، ولو كان من الغانمين محجور عليه بفلس ، صح إعراضه ، لأن اختيار التملك كالاكتساب ، فلا يلزمه ، ولأن الإعراض يمحض جهاده للآخرة ، فلا يمنع [ ص: 267 ] منه ، ولو أعرض محجور عليه بسفه ، قال الإمام : ففي صحة إعراضه تردد ، ولعل الظاهر : المنع ، فلو فك حجره قبل القسمة ، صح إعراضه ، ولا يصح إعراض صبي عن الرضخ ، ولا إعراض وليه ، فإن بلغ قبل القسمة ، صح إعراضه ، ولا يصح إعراض العبد عن رضخه ، ويصح إعراض سيده ، لأنه حقه ، ولا يصح إعراض مستحق السلب عنه على الأصح ، لأنه متعين كالوارث ، وكنصيبه بعد القسمة .
فرع
من أعرض من الغانمين ، قدر كأنه لم يحضر ، وضم نصيبه إلى المغنم ، وقيل : يضم إلى الخمس خاصة ، والصحيح الأول ، ولو مات غانم ولم يعرض ، انتقل حقه إلى ورثته ، فإن شاءوا طلبوا ، أو أعرضوا .