[ ص: 297 ] كتاب عقد الجزية والهدنة فيه بابان : الأول : في ، وفيه طرفان : الأول : في أركانها وهي خمسة : الأول : نفس العقد ، الجزية أن يقول الإمام أو نائبه : أقررتكم ، أو أذنت لكم في الإقامة في دار الإسلام على أن تبذلوا كذا ، وتنقادوا لأحكام الإسلام . وكيفيته
؟ وجهان ، أحدهما : لا ، ويجب الأقل ، وأصحهما : نعم ، كالثمن والأجرة . وهل يشترط التعرض لقدر الجزية ؟ وجهان ، أصحهما : لا ، لأنه داخل في الانقياد ، وهل يشترط التعرض لكفهم اللسان عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ودينه ، أو رضيت بذلك ، ولو ويشترط من الذمي لفظ ، كقبلت ، تم العقد ، قال الذمي : قررني بكذا ، فأجابه الإمام على المذهب ، لأنه خلاف مقتضاه ، ومن صحح ، قاسه على الهدنة ، ولو ولا يصح عقد الذمة مؤقتا ، لم يصح على المذهب ، وقيل : على الخلاف في المؤقت بمعلوم وعكسه ، وجعل هذا أولى بالصحة ، وهو خلاف ما قاله الأصحاب . ولو قال : أقركم ما شئت ، أو أقركم ما أقركم الله ، أو إلى أن يشاء الله ، جاز ، لأن لهم نبذ العقد متى شاءوا ، فليس فيه إلا التصريح بمقتضاه ، قال الأصحاب : ولو قال : أقركم ما شئتم ، لم يصح ، لأنه يجعل الكفار محكمين على المسلمين . قال في الهدنة : هادنتكم ما شئتم
فرع
إذا ، وجبت إجابتهم ، وفي " البيان " وغيره وجه : أنها لا تجب إلا إذا رأى الإمام فيها مصلحة [ ص: 298 ] كما في الهدنة ، وهذا شاذ متروك ، فلو خاف غائلتهم ، وأن ذلك مكيدة منهم ، لم يجبهم . طلبت طائفة تقر بالجزية عقد الذمة
فرع
إذا ، لم يلزم الوفاء ، ولم تجب الجزية المسماة ، لكن لا يغتالون ، بل يبلغون المأمن ، ولو بقي بعضهم على ذلك العقد عندنا سنة أو أكثر ، وجب عليه لكل سنة دينار ، ولو عقدت الذمة مع إخلال بشرط فوجهان ، الصحيح الذي حكاه الإمام عن الأصحاب : أنا لا نأخذ منه شيئا لما مضى بخلاف من سكن دارا غصبا ، لأن عماد الجزية القبول ، وهذا حربي لم يلتزم شيئا ، وخرج دخل حربي دارنا وبقي مدة ، فاطلعنا عليه وجها آخر : أنه تؤخذ منه جزية ما مضى ، وعلى الوجهين : لنا قتله واسترقاقه ، وأخذ ماله ، ويكون فيئا ، ولو رأى الإمام أن يمن عليه ، ويترك أمواله وذريته له ، جاز بخلاف سبايا الحرب وأموالها ، لأن الغانمين ملكوها ، فاشترط استرضاؤهم ، فإن كان الكافر كتابيا ، وطلب عقد الذمة بالجزية ، فهل يجيبه ونعصمه ؟ تقدم على هذا حكم الأسير إذا كان كتابيا ، وطلب عقد الذمة بعد الأسر ، وفي تحريم قتله حينئذ قولان ، أظهرهما : التحريم ، لأن بذل الجزية يقتضي حقن الدم ، كما لو بذلها قبل الأسر ، فعلى هذا في استرقاقه وجهان ، أحدهما : يحرم أيضا ، ويجب تقريره بالجزية كما قبل الأسر ، وأصحهما : لا يحرم ، لأن الإسلام أعظم من قبول الجزية ، والإسلام بعد الأسر لا يمنع الاسترقاق ، وماله مغنوم سواء قلنا : يحرم ، أم لا . إذا عرفت هذا فبدل الداخل الذي أطلقنا عليه الجزية وجب قبولها على المذهب ، وقيل : وجهان ، كالأسير . ابن القطان
[ ص: 299 ] فرع
، صدق ولا يتعرض له ، سواء كان معه كتاب أم لا ، وفيما إذا لم يكن معه احتمال للإمام ، ثم نقل اطلعنا على كافر في دارنا ، فقال : دخلت لسماع كلام الله تعالى ، أو لرسالة عن النص أنه مدعي الرسالة إن اتهم ، حلف ، وفي " البحر " أنه لا يلزم تحليفه ، ويمكن الجمع بين الكلامين ، ولو قال : دخلت بأمان مسلم ، فهل يطالب ببينة لإمكانها غالبا أم يصدق بلا بينة كدعوى الرسالة ، لأن الظاهر أنه لا يدخل بغير أمان ؟ فيه وجهان ، أصحهما : الثاني ، قال ابن كج الروياني : وما اشتهر أن آمن هو في رسالة فيها مصلحة للمسلمين من هدنة وغيرها ، فإن كان رسولا في وعيد وتهديد ، فلا أمان له ، ويتخير الإمام فيه بين الخصال الأربع كأسير . الرسول
قلت : ليس ما ادعاه الروياني بمقبول ، والصواب أنه لا فرق ، وهو آمن مطلقا . والله أعلم .