فرع
إذا انتهى الأجير إلى الميقات المتعين إما بشرطهما إن اعتبرناه ، وإما بتعيين الشرع ، ، فله حالان . فلم يحرم عن المستأجر ، بل أحرم عن نفسه بعمرة ، فلما فرغ منها ، أحرم عن المستأجر بالحج
أحدهما : أن لا يعود إلى الميقات ، فيصح الحج عن المستأجر للأذان ، ويحط شيء من الأجرة المسماة لإخلاله بالإحرام من الميقات الملتزم .
وفي قدر المحطوط خلاف يتعلق بأصل ، وهو أنه إذا سار الأجير من بلد الإجارة وحج ، فالأجرة تقع في مقابلة أعمال الحج وحدها ، أم تتوزع على اليسير والأعمال ، وسيأتي بيانه [ ص: 24 ] إن شاء الله تعالى . فإن خصصناها بالأعمال ، وزعت الأجرة المسماة على حجة من الميقات ، وحجة من مكة ؛ لأن المقابل بالأجرة على هذا ، هو الحج من الميقات ، فإذا كانت أجرة الحجة المنشأة من مكة دينارين ، والمنشأة من الميقات خمسة ، فالتفاوت ثلاثة أخماس ، فتحط ثلاثة أخماس المسمى . فإن وزعنا الأجرة على السير والأعمال وهو المذهب ، فقولان .
أحدهما : لا تحسب له المسافة هنا ؛ لأنه صرفها إلى غرض نفسه لإحرامه بالعمرة من الميقات . فعلى هذا يوزع المسمى على حجة تنشأ من بلد الإجارة ويقع الإحرام بها من الميقات ، وعلى حجة تنشأ من مكة ، فيحط من المسمى بنسبته . فإذا كانت أجرة المنشأة من البلد مائة ، والمنشأة من مكة عشرة ، حط تسعة أعشار المسمى .
وأظهرهما : يحتسب قطع المسافة إلى الميقات لجواز أن يكون قصد الحج منه إلا أنه عرض له العمرة . فعلى هذا يوزع المسمى على منشأة من بلد الإجارة إحرامها من الميقات ، وعلى منشأة من البلد إحرامها من مكة ، فإذا كانت أجرة الأولى : مائة ، والثانية : تسعين ، حط عشر المسمى ، فحصل في الجملة ثلاثة أقوال . المذهب منها ، هذا الأخير . ثم الأجير في مسألتنا : يلزمه دم لإحرامه بالحج بعد تجاوزه الميقات ، وسنذكر إن شاء الله تعالى خلافا في غير صورة الاعتمار أن إساءة المجاوزة ، هل تنجبر بإخراج الدم حتى لا يحط شيء من الأجرة ، أم لا ؟ وذلك الخلاف يجئ هنا ، صرح به ابن عبدان وغيره ، فإذا الخلاف في قدر المحطوط .
فرع
للقول بإثبات أصل الحط
ويجوز أن يفرق بين الصورتين ، ويقطع بعدم الانجبار هنا ؛ لأنه ارتفق بالمجاوزة حيث أحرم بالعمرة لنفسه .
[ ص: 25 ] الحال الثاني : أن يعود إلى الميقات بعد الفراغ من العمرة فيحرم بالحج منه ، فهل يحط شيء من الأجرة ؟ يبنى على الخلاف المتقدم . إن قلنا : الأجرة موزعة على العمل والسير ، ولم يحسب السير لانصرافه إلى عمرته وزعت الأجرة المسماة على حجة منشأة من بلد الإجارة إحرامها من الميقات ، وعلى منشأة من الميقات بغير قطع مسافة ، ويحط بالنسبة من المسمى . وإن قلنا : الأجرة في مقابلة العمل فقط ، أو وزعناها عليه وعلى السير ، واحتسبنا المسافة ، فلا حط ، فتجب الأجرة كلها ، وهذا هو المذهب ، ولم يذكر كثيرون غيره .
فرع
إذا ، نظر ، إن عاد إليه وأحرم منه ، فلا دم عليه ، ولا يحط من الأجرة شيء ، وإن أحرم من جوف جاوز الميقات المتعين بالشرط أو الشرع غير محرم ، ثم أحرم بالحج عن المستأجر مكة ، أو بين الميقات ومكة ولم يعد ، لزم دم الإساءة بالمجاوزة ، وهل ينجبر به الخلل حتى لا يحط شيء من الأجرة ؟ فيه طريقان . أصحهما : على قولين . أحدهما : ينجبر ، ويصير كأن لا مخالفة ، فتجب جميع الأجرة . وأظهرهما وهو نصه في " المختصر " : يحط . والطريق الثاني : القطع بالحط . فإن قلنا بالانجبار
[ فهل ] نعتبر قيمة الدم ، ونقابلها بالتفاوت ؟ وجهان . أحدهما : نعم ، فلا ينجبر ما زاد على قيمة الدم . وأصحهما : لا ؛ لأن المعول في هذا القول على جبر الخلل ، والشرع قد حكم به من غير نظر إلى القيمة . وإذا قلنا بالمذهب وهو الحط ، ففي قدره الوجهان بناء على الأصل السابق ، وهو أن الأجرة في مقابلة ماذا ؟ فإن قلنا : في مقابلة العمل فقط ، وزعنا المسمى على حجة من الميقات ، وحجة من حيث أحرم . وإن وزعنا على العمل [ ص: 26 ] والسير وهو المذهب ، وزعنا المسمى على حجة من بلدة إحرامها من الميقات ، وعلى حجة من بلدة إحرامها من حيث أحرم . وعلى هذا يقل المحطوط . ثم حكى الشيخ أبو محمد وجهين في أن النظر إلى الفراسخ وحدها ، أم يعتبر مع ذلك السهولة والخشونة ؟ والأصح : الثاني . ولو ، فالمذهب : أنه لا شيء عليه ، هذا كله في الميقات الشرعي . أما إذا عينا موضعا آخر ، فإن كان أقرب إلى عدل الأجير عن طريق الميقات المعتبر إلى طريق آخر ميقاته مثل المعتبر مكة من الشرعي ، فالشرط فاسد مفسد الإجارة ، إذ لا يجوز لمريد النسك مجاوزة الميقات غير محرم . وإن كان أبعد ، بأن عينا الكوفة فهل يلزم الأجير الدم لمجاوزتها غير محرم ؟ وجهان . الأصح المنصوص : نعم . فإن قلنا : لا يلزم الدم ، حط قسط الأجرة قطعا ، وإلا ، ففي حصول الانجبار به الطريقان . وكذلك لو ، كالرمي والمبيت . فإن لزمه بفعل محظور كاللبس والقلم ، لم يحط شيء من الأجرة ؛ لأنه لم ينقص العمل . ولو شرط الإحرام في أول شوال ، فأخره لزمه الدم ، وفي الانجبار الخلاف . وكذا لو شرط أن يحج ماشيا فحج راكبا ، لأنه ترك مقصودا . هكذا نقلت المسألتان عن القاضي حسين ، ويشبه أن تكونا مفرعتين على أن الميقات المشروط كالشرعي ، وإلا فلا [ يلزم ] الدم ، كما في مسألة تعيين الكوفة . لزمه الدم لترك مأمور