فصل
في سنن الإحرام
من سننه : . يستوي في استحبابه ، الرجل ، والصبي ، والحائض ، والنفساء . ولو أمكن الحائض المقام بالميقات حتى تطهر ، فالأفضل أن تؤخر الإحرام حتى تطهر ، فتغتسل ليقع إحرامها في أكمل أحوالها . وحكي قول أن الحائض والنفساء لا يسن لهما الغسل ، وهو شاذ ضعيف . وإذا اغتسلتا نوتا . ولإمام الحرمين في نيتهما احتمال . فإن عجز المحرم عن الماء تيمم ، نص عليه في " الأم " . وذكرنا في غسل الجمعة احتمالا للإمام أنه لا تيمم ، وذاك عائد هنا . وإذا وجد ماء لا يكفيه للغسل ، توضأ ، قاله في " التهذيب " . الغسل إذا أراده
قلت : هذا الذي قاله في " التهذيب " قاله أيضا المحاملي . فإن أراد أنه يتوضأ ، ثم يتيمم ، فحسن . وإن أراد الاقتصار على الوضوء ، فليس بجيد ؛ لأن المطلوب هو الغسل ، فالتيمم يقوم مقامه دون الوضوء . - والله أعلم - .
[ ص: 70 ] ويسن في مواطن . أحدها : عند الإحرام . والثاني : لدخول الغسل للحاج مكة . والثالث : للوقوف بعرفة . والرابع : للوقوف بمزدلفة بعد الصبح يوم النحر . والخامس ، والسادس ، والسابع : ثلاثة أغسال لرمي جمار أيام التشريق . وهذه الأغسال ، نص عليها - رحمة الله عليه - قديما وجديدا . ويستوي في استحبابها الرجل والمرأة . وحكم الحائض ومن لم يجد ماء ، كما سبق في غسل الإحرام . الشافعي
وزاد في القديم ثلاثة أغسال : لطواف الإفاضة ، والوداع ، وللحلق ، ولم يستحبه لرمي جمرة العقبة اكتفاء بغسل العيد ؛ ولأن وقته متسع ، بخلاف رمي أيام التشريق .
قلت : قال - رحمه الله - في " الأم " : أكره ترك الغسل للإحرام . وهذا الذي ذكره في الغسل الرابع : أنه للوقوف الشافعي بمزدلفة ، هو الذي ذكره الجمهور ، وكذا نص عليه في " الأم " . وجعل المحاملي في كتبه ، وسليم الرازي ، والشيخ نصر المقدسي الغسل الرابع للمبيت بالمزدلفة ، ولم يذكروا غسل الوقوف بها . - والله أعلم - .
فرع
يستحب أن يتأهب للإحرام بحلق العانة ، ونتف الإبط وقص الشارب ، وقلم الأظفار ، وغسل الرأس بسدر أو خطمي ونحوه .
فرع
يستحب أن . وسواء الطيب الذي يبقى له أثر وجرم بعد الإحرام ، والذي لا يبقى ، وسواء الرجل والمرأة ، هذا هو المذهب . وحكي [ ص: 71 ] وجه : أن التطيب مباح ، ليس بمستحب . وقول : أنه لا يستحب للنساء بحال . ووجه : أنه يحرم عليهن التطيب بما تبقى عينه . ثم إذا تطيب فله استدامته بعد الإحرام بخلاف المرأة إذا تطيبت ثم لزمتها عدة تلزمها إزالة الطيب في وجه ؛ لأن العدة حق آدمي ، فالمضايقة فيه أكثر . ولو أخذ الطيب من موضعه بعد الإحرام ورده إليه ، أو إلى موضع آخر لزمه الفدية على المذهب . وقيل : قولان . ولو انتقل من موضع إلى موضع آخر بالعرق ، فالأصح : أنه لا شيء عليه . يتطيب للإحرام
والثاني : عليه الفدية إن تركه . هذا كله في تطييب البدن . وفي تطييب إزار الإحرام وردائه وجهان . وقيل : قولان . أصحهما : الجواز كالبدن . والثاني : التحريم ؛ لأنه يلبس مرة بعد أخرى . ووجه ثالث : إن بقي عينه بعد الإحرام ، لم يجز ، وإلا جاز . وهذا الخلاف ، فيمن قصد تطييب الثوب . أما من طيب بدنه فتعطر ثوبه تبعا ، فلا بأس بلا خلاف . فإن جوزنا تطييب الثوب للإحرام ، فلا بأس باستدامة ما عليه بعد الإحرام ، كالبدن . فلو نزعه ثم لبسه ، لزمه الفدية على الأصح كما لو أخذ الطيب من بدنه ، ثم رده إليه ، أو ابتدأ لبس ثوب مطيب .
فرع
يستحب ، وتمسح وجهها أيضا بشيء من الحناء لتستر البشرة ، فإنها تؤمر بكشفهما ، ولا فرق في استحباب الخضاب للمحرمة بين المزوجة وغيرها . وأما في غير الإحرام ، فيستحب للمزوجة الخضاب ، ويكره لغيرها . وحيث استحببناه ، فإنما يستحب تعميم اليد دون النقش والتسويد والتطريف ، وهو خضب أطراف الأصابع . ويكره لها الخضاب بعد الإحرام . للمرأة أن تخضب يديها إلى الكوعين بالحناء قبل الإحرام
[ ص: 72 ] قلت : سواء في استحباب الخضاب العجوز والشابة . ولا تختضب الخنثى ، كما لا يختضب الرجل . - والله أعلم - .
فرع
فإذا أراد الإحرام ، نزع المخيط ، ولبس إزارا ورداء ونعلين . ويستحب أن يكون الإزار والرداء أبيضين جديدين ، وإلا فمغسولين ، ويكره المصبوغ .
فرع
يستحب أن . فإن أحرم في وقت فريضة فصلاها ، أغنته عن ركعتي الإحرام . وإن كان في وقت الكراهة ، لم يصلهما على الأصح . يصلي قبل الإحرام ركعتين
قلت : والمستحب ، أن يقرأ فيهما : ( قل يا أيها الكافرون ) و ( قل هو الله أحد ) . قال أصحابنا : فإن كان في الميقات مسجد ، استحب أن يصليهما فيه . - والله أعلم - .
فرع
فإذا صلى نوى ولبى . وفي الأفضل قولان . أظهرهما : أن ينوي ويلبي حين تنبعث به دابته إلى صوب مكة ، إن كان راكبا ، أو حين يتوجه إلى الطريق ، إن كان ماشيا . والثاني : أن ينوي ويلبي عقب الصلاة وهو قاعد ، ثم يسير .
[ ص: 73 ] قلت : وعلى القولين : يستحب أن يستقبل القبلة عند الإحرام . - والله أعلم - .