الباب الثاني .  
[ معرفة أعمال الوضوء ] - وأما  معرفة فعل الوضوء      : فالأصل فيه ما ورد من صفته في قوله تعالى : (  ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين      ) . وما ورد من ذلك أيضا في  صفة وضوء النبي      - صلى الله عليه وسلم - في الآثار الثابتة ، ويتعلق بذلك مسائل اثنتا عشرة مشهورة تجري مجرى الأمهات ، وهي راجعة إلى معرفة الشروط والأركان وصفة الأفعال وأعدادها وتعيينها وتحديد محال أنواع أحكام جميع ذلك .  
المسألة الأولى من الشروط  
[  نية الوضوء      ]  
اختلف علماء الأمصار هل النية شرط في صحة الوضوء أم لا ؟ بعد اتفاقهم على اشتراط النية في العبادات لقوله تعالى : (  وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين      ) ولقوله - صلى الله عليه وسلم - "  إنما الأعمال بالنيات     " الحديث المشهور . فذهب فريق منهم إلى أنها شرط ، وهو مذهب   الشافعي  ومالك  وأحمد   وأبي ثور  وداود     .  
وذهب فريق آخر إلى أنها ليست بشرط ، وهو مذهب  أبي حنيفة   والثوري     .  
وسبب اختلافهم تردد الوضوء بين أن يكون عبادة محضة ( أعني : غير معقولة المعنى ، وإنما يقصد بها القربة فقط ) كالصلاة وغيرها ، وبين أن يكون عبادة معقولة المعنى كغسل النجاسة ، فإنهم لا يختلفون أن العبادة المحضة مفتقرة إلى النية ، والعبادة المفهومة المعنى غير مفتقرة إلى النية ، والوضوء فيه شبه من العبادتين ، ولذلك وقع الخلاف فيه ، وذلك أنه يجمع عبادة ونظافة ، والفقه أن ينظر بأيهما هو أقوى شبها فيلحق به .  
				
						
						
