الفصل الثاني .
في العروض .
وأما الحيوان ، والعروض : فاتفق الفقهاء على أنه لا يجوز قسمة واحد منهما للفساد الداخل في ذلك . واختلفوا إذا تشاح الشريكان في العين الواحدة منهما ، ولم يتراضيا بالانتفاع بها على الشياع ، وأراد أحدهما أن يبيع صاحبه معه ، فقال مالك ، وأصحابه : يجبر على ذلك ، فإن أراد أحدهما أن يأخذه بالقيمة التي أعطى فيها أخذه . وقال أهل الظاهر : لا يجبر; لأن الأصول تقتضي أن لا يخرج ملك أحد من يده إلا بدليل من كتاب ، أو سنة ، أو إجماع .
وحجة مالك أن في ترك الإجبار ضررا ، وهذا من باب القياس المرسل ، وقد قلنا في غير ما موضع : إنه ليس يقول به أحد من فقهاء الأمصار إلا مالك ، ولكنه كالضروري في بعض الأشياء .
وأما إذا كانت العروض أكثر من جنس واحد : فاتفق العلماء على قسمتها على التراضي . واختلفوا في قسمتها بالتعديل والسهمة ، فأجازها مالك ، وأصحابه في الصنف الواحد ، ومنع من ذلك عبد العزيز بن أبي سلمة ، وابن الماجشون .
واختلف أصحاب مالك في تمييز الصنف الواحد الذي تجوز فيه السهمة من التي لا تجوز :
فاعتبره أشهب بما لا يجوز تسليم بعضه في بعض .
وأما ابن القاسم فاضطرب : فمرة أجاز القسم بالسهمة فيما لا يجوز تسليم بعضه في بعض ، فجعل القسمة أخف من السلم . ومرة منع القسمة فيما منع فيه السلم . وقد قيل : إن مذهبه أن القسمة في ذلك أخف ، وأن مسائله التي يظن من قبلها أن القسمة عنده أشد من السلم تقبل التأويل على أصله الثاني .
وذهب ابن حبيب إلى أنه يجمع في القسمة ما تقارب من الصنفين مثل الخز ، والحرير ، والقطن ، والكتان . وأجاز أشهب جمع صنفين في القسمة بالسهمة مع التراضي ، وذلك ضعيف; لأن الغرر لا يجوز بالتراضي .


