قال ففي هذا الحديث دلالتان على أن السارق ، والزاني ، ومن ذكر في هذا الحديث غير خارجين من الإيمان بأسره إحداهما قوله : أبو عبد الله : " فمن أصاب من ذلك شيئا ، فعوقب في الدنيا ، فهو كفارة له " ، ألا ترى قوله : والحدود لا تكون كفارات إلا للمؤمنين ، فإذا غفر له أدخله الجنة ، " من [ ص: 617 ] ستر الله عليه ، فأمره إلى الله ، إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه " ، ولا يدخل الجنة من البالغين المكلفين إلا مؤمن .
وقوله صلى الله عليه وسلم : هو نظير قول الله تبارك وتعالى : ( " إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) .
فحكم بأن لقوله : ( الشرك غير مغفور للمشرك يعني إذا مات غير تائب منه قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) مع آيات غير هذه تدل على أن التائب من الشرك مغفور له شركه ، فثبت بذلك أن الشرك الذي أخبر الله أنه لا يغفره : هو الشرك الذي لم يتب منه ، وأن التائب مغفور له شركه ، وأخبر أنه يغفر ما دون الشرك لمن يشاء ، يعني لمن أتى ما دون الشرك ، فلقي الله غير تائب منه ، لأنه لو أراد أن يغفر ما دون الشرك للتائب ، دون من لم يتب لكان قد سوى بين الشرك ، وما دونه ، ولو كان كذلك لم يكن لفصله بين الشرك ، وما دونه معنى ، ففصله بينهما دليل على أن الشرك لا يغفره لو مات وهو غير تائب منه ، وأن يغفر ما دون ذلك الشرك لمن يشاء ممن مات وهو غير تائب ، ولا جائز أن يغفر له ، ويدخله الجنة إلا وهو مؤمن ، كذلك [ ص: 618 ] أخبر المصطفى رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن .