( ) غير قاضي ضرورة ولا قاضي ضرورة إذا لم يوجد مجتهد صالح ولا من ولايته عامة كناظر بيت المال والجيش والحسبة والأوقاف ( بموت الإمام ) الأعظم ولا بانعزاله لعظم الضرر بتعطيل الحوادث ، ومن ثم لو ولاه للحكم بينه وبين خصمه انعزل بفراغه منه ، ولأن الإمام إنما يولي القضاء نيابة عن المسلمين ، بخلاف تولية القاضي لنوابه فإنه عن نفسه ومن ثم كان له عزلهم بغير سبب كما مر ، بخلاف الإمام يحرم عليه إلا بسبب . ولا ينعزل قاض
وما بحثه البلقيني من أن قاضي الضرورة حيث انعزل استرد منه ما أخذه من نظر الأوقاف ، وعلى القضاء لا يتأتى مع القول بصحة ولايته كما مر ، والأوجه عدم انعزاله مع وجود مجتهد صالح إلا إن رجي توليته وإلا فلا فائدة في انعزاله وكذا بانعزاله لئلا تختل المصالح ، نعم لو شرط النظر لحاكم المسلمين انعزل كما بحثه ( ولا ) ينعزل ( ناظر يتيم ) ومسجد ( ووقف بموت قاض ) نصبهم الأذرعي وغيره بتولية قاض جديد لصيرورة النظر إليه بشرط الواقف ( ولا يقبل قوله ) وإن كان انعزاله بالعمى على الأوجه خلافا للبلقيني ( بعد انعزاله ) ولا قول للمحكم بعد [ ص: 247 ] مفارقة مجلس حكمه ( حكمت بكذا ) لأنه لا يملك إنشاء الحكم حينئذ ( فإن شهد ) وحده أو مع ( آخر بحكمه لم يقبل على الصحيح ) لأنه يشهد بفعل نفسه ، والثاني يقبل لأنه لم يجر لنفسه بذلك نفعا ولم يدفع ضررا ، ويفارق المرضعة على الأول بأن فعلها غير مقصود بالإثبات مع أن شهادتها لا تتضمن تزكية نفسها بخلاف الحاكم فيهما ، وخرج بحكمه شهادته بإقرار صدر في مجلسه فيقبل جزما ( أو ) شهد ( بحكم حاكم جائز الحكم قبلت ) شهادته ( في الأصح ) كما لو شهدت المرضعة برضاع محرم ولم تذكر فعلها ، والثاني المنع لأنه قد يريد نفسه فيجب البيان ليزول اللبس ولا أثر لاحتمال المبطل على الأول ، ومن ثم لو علم أنه يعني حكمه لم يقبله ، وإنما قيد بقوله جائز الحكم لإيهام حذفه حكم حاكم لا يجوز حكمه كحاكم الشرطة مثلا ( يقبل قوله قبل عزله حكمت بكذا ) لقدرته على الإنشاء حينئذ حتى لو قال على سبيل الحكم نساء هذه القرية طوالق من أزواجهن قبل ، ومحله كما بحثه الأذرعي في محصورات وإلا فهو كاذب مجازف وفي قاض مجتهد ولو في مذهب إمامه قال ولا ريب عندي في عدم نفوذه من فاسق وجاهل ، ولا بد في قاضي الضرورة من بيان مستنده ، فلو قال حكمت بحجة أوجبت الحكم شرعا وامتنع من بيان ذلك لم يقبل حكمه كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لاحتمال أن يظن ما ليس بمستند مستندا ، وأفتى أيضا بأنه لو حكم بطلاق امرأة بشاهدين فقالا إنما شهدنا بطلاق مقيد بصفة ولم توجد وقال بل أطلقتما قبل قوله إن لم يتهم في ذلك لعلمه وأمانته ( فإن كان في غير محل ولايته ) وهو خارج عمله لا مجلس حكمه ، ودعوى من أراد الثاني أراد به أن موليه قيد ولايته بذلك المجلس ( فكمعزول ) لأنه لا يملك إنشاء الحكم حينئذ فلا ينفذ إقراره به ، وأفهم قوله فكمعزول عدم نفوذ تصرف منه استباحه بالولاية كإيجار وقف نظره للقاضي وبيع مال يتيم وتقرير في وظيفة وهو كذلك كتزويج من ليست في ولايته ، نعم لو استخلف وهو في غير محل ولايته من يحكم بها بعد وصوله لها صح كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، إذ الاستخلاف ليس بحكم حتى يمتنع بل مجرد إذن فهو كمحرم ، وكل من يزوجه بعد التحلل أو أطلق ومنازعة بعضهم .
فيه بأنه إذن استفاده بالولاية بمحل مخصوص فكيف يعتد منه به قبل وصوله إليه ، وأن القياس المذكور ليس بمسلم لأنه المحرم ليس ممنوعا إلا من المباشرة بنفسه والقاضي قبل وصوله لمحل ولايته لم يتأهل لإذن ولا حكم ، وإنما قياسه أن يقيد تصرف الوكيل ببلد [ ص: 248 ] فليس له كما هو ظاهر كلامهم فيه التوكيل وإن جوزنا له الإذن لغيره ، وهو في غيرها مردودة بصحة القياس لأن عبارة المحرم في النكاح مختلة مطلقا بنفسه أو نائبه في زمن الإحرام وصح إذنه المذكور ، فكذلك القاضي يمتنع عليه الحكم في ذلك المكان الخارج عن محل ولايته وصح إذنه فيه فتأمل ذلك .