الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا جزية على امرأة ) إجماعا وخلاف ابن حزم لا يعتد به . ( وخنثى ) لاحتمال أنوثته فلو بذلاها أعلما أنها ليست عليهم فإن رغبا بها فهي هبة فلو بان ذكرا أخذ منه لما مضى وفارق ما مر في حربي لم يعلم به إلا بعد مدة بأن هذا غير ملتزم فليس أهلا للضمان بخلاف الخنثى فإنه ملتزم لحكمنا

                                                                                                                              وإنما أسقطنا عنه الجزية لاحتمال أنوثته فلما بانت ذكورته عومل بقضيتها وظاهر أن المأخوذ منه دينار لكل سنة وقول أبي زرعة أخذا من كلام شيخه البلقيني لعل صورته أن تعقد له الجزية حال خنوثته يرد بأن هذا لا يحتاج إليه لما تقرر أنها أجرة وهي تجب وإن لم يقع عقد بل لا يصح ؛ لأنها لو عقدت له كذلك تبين بذكورته صحة العقد ولم يقع خلاف في اللزوم ؛ لأن العبرة في العقود بما في نفس الأمر . ( ومن فيه رق ) ولو مبعضا لنقصه ولا على سيده بسببه وخبر لا جزية على العبد [ ص: 280 ] لا أصل له . ( وصبي ومجنون ) لعدم التزامهما . ( فإن تقطع جنونه قليلا كساعة من شهر ) ونحو يوم من سنة . ( لزمته ) ويظهر ضبطه بأن تكون أوقات الجنون في السنة لو لفقت لم تقابل بأجرة غالبا وقد يؤخذ هذا من قولهم . ( أو تقطع كثيرا كيوم ويوم فالأصح تلفيق الإفاقة ) إن أمكن . ( فإذا بلغت ) أيام الإفاقة . ( سنة وجبت ) الجزية لسكناه سنة بدارنا وهو كامل فإن لم يمكن أجري عليه حكم الجنون في الكل على الأوجه وكذا لو قلت إفاقته بحيث لم يقابل مجموعها بأجرة وطرو جنون أثناء الحول كطرو موت أثناءه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فإنه ملتزم ) انظر من أين كان ملتزما إلا أن يصور فيمن التزم أحكام الإسلام أو كان من قوم عقدت لهم فيجري عليه حكمهم في الالتزام ثم رأيت التصوير الآتي أن يعقد إلخ صورها في شرح الروض بذلك . ( قوله وإن لم يقع عقد ) فيه نظر ؛ لأنه إن أقام بدارنا بلا أمان فهي مسألة الحربي السابقة بل هذا أولى ؛ لأن الحربي مع تحقق ذكورته إذا لم يلزمه شيء بالإقامة فالخنثى أولى وإن أقام بأمان لم يلزمه شيء أيضا كما علم من فصل الأمان فالمتجه اعتبار عقد يقتضي المال ولو على العموم كأن يعقد لهم واحد بإذنهم ومنهم الخنثى على أن على الذكر منهم كذا فليتأمل ثم رأيت قوله الآتي أنه إذا مضت عليه مدة بلا عقد إلخ وقد يفرق بتسليمه بأنه هناك تابع لعقد يقتضي المال بخلافه هنا فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأن العبرة في العقود بما في نفس الأمر ) أقول إنما يصح الاستدلال هنا على انتفاء وقوع خلاف في اللزوم لو لم يكن هذا مختلفا فيه وليس كذلك بدليل أنهم صرحوا بالخلاف فيمن باع مال مورثه أو زوج أمته ظانا حياته فبان ميتا هل يصح أو يبطل وصرحوا بجريان هذا الخلاف في الإجارات والهبات والعتق والطلاق والنكاح وغيرها كما يعلم من الروضة وغيرها في الكلام على شروط البيع فاستناده إلى هذا في جزمه بقوله لا يصح مما لا يصح سم [ ص: 280 ]

                                                                                                                              ( قوله : لزمه ) قياس ما تقدم عن أبي زرعة تصوير هذا بما إذا عقدت له في إفاقته . ( قوله وطرو جنون أثناء الحول ) أي متصل فيما يظهر وإن كان متقطعا فينبغي أخذا مما تقدم أن تلفق الإفاقة ويكمل منها على ما تقدم سنة . ( قوله كطرو موت أثناءه ) وسيأتي أنه يلزمه قسط ما مضى



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ولا جزية على امرأة وخنثى ) عبارة الروض مع شرحه وتعقد الذمة لامرأة وخنثى طلباها بلا بذل جزية ولا جزية عليهما ويعلمهما الإمام بأنه لا جزية عليهما . ا هـ . ( قوله : فلو بذلاها ) أي : لو طلبا عقد الذمة بالجزية . ا هـ . مغني

                                                                                                                              ( قوله : عليهم ) المناسب التثنية

                                                                                                                              ( قوله : فهي هبة ) أي : لجهة الإسلام . ا هـ . ع ش ( قوله : هبة ) أي : لا تلزم إلا بالقبض أسنى ومغني

                                                                                                                              ( قوله : فلو بان ) أي : الخنثي وقوله أخذ منه لما مضى هل يطالب وإن كان يدفع في كل سنة ما عقد عليه على وجه الهبة ، أو محل ذلك إذا لم يدفع والذي يظهر الثاني ؛ لأن العبرة في العقود بما في نفس الأمر وقد تبين أنه من أهل الجزية فما يدفعه يقع جزية هكذا قال بعضهم واعتمد شيخنا الزيادي الأول وقال : لأنه إنما كان يعطي هبة لا عن الدين وما قاله شيخنا الزيادي الأقرب . ا هـ . ع ش ( قوله : ما مر في حربي إلخ ) أي : في شرح ويشترط لفظ قبول من أنه لم يلزمه شيء

                                                                                                                              ( قوله : به ) أي : بدخوله في دارنا ( قوله : فإنه ملتزم إلخ ) انظر من أين كان ملتزما إلا أن يصور فيمن التزم أحكام الإسلام ، أو كان من قوم عقدت لهم فيجري عليه حكمهم في الالتزام ، ثم رأيت التصوير الآتي . ا هـ . سم ( قوله : لعل صورته أن تعقد إلخ ) صورها في شرح الروض بذلك . ا هـ . سم وجزم بذلك التصوير أيضا النهاية والمغني كما أشرنا ( قوله : حال خنوثته ) أفهم أنه لو لم تعقد ومضى عليه مدة من غير دفع شيء لم تؤخذ منه كالحربي إذا قام بدارنا بلا عقد لعدم التزامه . ا هـ . ع ش وهذا على ما جرى عليه النهاية والمغني من اعتماد هذا التصوير ويأتي في الشارح رده واختيار لزوم الجزية عليه وإن لم يقع عقد

                                                                                                                              ( قوله : وإن لم يقع عقد ) فيه نظر ؛ لأنه إن أقام بدارنا بلا أمان فهي مسألة الحربي السابقة بل هذا ، أولى وإن أقام بأمان لم يلزمه شيء أيضا كما علم من فصل الأمان فالمتجه اعتبار عقد يقتضي المال ولو على العموم كأن يعقد لهم واحد بإذنهم ومنهم الخنثى على أن على الذكر منهم كذا فليتأمل ، ثم رأيت قوله الآتي إنه إذا مضت عليه مدة بلا عقد إلخ وقد يفرق بتسليمه بأنه هناك تابع لعقد يقتضي المال بخلافه هنا فليتأمل . ا هـ . سم ( قوله : ؛ لأن العبرة إلخ ) أقول إنما يصح الاستدلال بهذا على انتفاء وقوع خلاف في اللزوم لو لم يكن هذا مختلفا فيه وليس كذلك فاستناده إلى هذا في جزمه بقوله بل لا يصح مما لا يصح . ا هـ . سم

                                                                                                                              ( قوله : ولو مبعضا ) فمن كله رقيق ، أولى ولو مكاتبا ؛ لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم والعبد مال والمال لا جزية فيه . ا هـ . مغني ( قوله : [ ص: 280 ] لا أصل له ) أي : فلا يستدل به . ا هـ . رشيدي زاد ع ش بل بالنقص . ا هـ . ( قول المتن وصبي ) ولو عقد على الرجال أن يؤدوا عن نسائهم وصبيانهم شيئا غير ما يؤدونه عن أنفسهم فإن كان من أموال الرجال جاز ولزمهم وإن كان من أموال النساء والصبيان لم يجز كما قاله الإمام . ا هـ . مغني ( قوله : لعدم التزامهما ) أي : لعدم صحته منهما . ا هـ . رشيدي ( قول المتن قليلا ) حال من جنونه ( قول المتن لزمته ) قياس ما تقدم عن أبي زرعة تصوير هذا بما إذا عقدت له في إقامته . ا هـ . سم

                                                                                                                              ( قوله : ضبطه ) أي : القليل

                                                                                                                              ( قوله : لم تقابل بأجرة ) لعله بالنسبة لمجموع المدة لو استؤجر له أن يتسامح في نحو اليوم بالنسبة لمجموع المدة وإلا فاليوم ونحوه يقابل بأجرة في حد ذاته . ا هـ . رشيدي ( قول المتن فإذا بلغت سنة ) ومعلوم أن ذلك لا يحصل إلا من أكثر من سنة وهو صادق بسنين متعددة . ا هـ . ع ش ( قوله : أيام الإفاقة ) أي : أزمنتها المتفرقة . ا هـ . مغني

                                                                                                                              ( قوله : فإن لم يمكن ) لعله بأن لم يكن أوقاته منضبطة . هـ ا . رشيدي ( قوله : أجري عليه حكم الجنون إلخ ) أي : فلا جزية عليه . ا هـ . ع ش

                                                                                                                              ( قوله : وطرو جنون إلخ ) أي : متصل فيما يظهر فإن كان متقطعا فينبغي أخذا مما تقدم أن تلفق الإفاقة وتكمل منها على ما تقدم سنة سم على حج . ا هـ . ع ش عبارة المغني هذا أي : ما في المتن إذا تعاقب الجنون والإفاقة فلو كان عاقلا فجن في أثناء الحول فكموت الذمي في أثنائه وإن كان مجنونا فأفاق في أثنائه استأنف الحول من حينئذ . ا هـ . ( قوله : كطرو موت أثناءه ) وسيأتي أنه يلزمه قسطه سم و ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية