الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وأن تذبح يوم سابع ولادته ) فيحسب يومها كما مر في الختان مع الفرق بينهما ولا تحسب الليلة بل اليوم الذي يليها ( و ) أن ( يسمى فيه ) للخبر الصحيح بهما [ ص: 373 ] وإن مات قبله بل تسن تسمية سقط نفخت فيه الروح فإن لم يعلم أذكر أو أنثى سمي بما يصلح لهما كهند وطلحة ووردت أخبار صحيحة بتسميته يوم الولادة وحملها البخاري على من لم يرد العق يوم السابع وظاهر كلام أئمتنا ندبها يومه وإن لم يرد العق وكأنهم رأوا أن إخباره صح وفيه ما فيه ، يسن تحسين الأسماء وأحبها عبد الله وعبد الرحمن ولا يكره اسم نبي أو ملك بل جاء في التسمية بمحمد فضائل عليه ومن ثم قال الشافعي في تسمية ولده محمدا سميته بأحب الأسماء إلي وكأن بعضهم أخذ منه قوله معنى خبر مسلم { أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن } إنها أحبية مخصوصة لا مطلقة لأنهم كانوا يسمون عبد الدار وعبد العزى

                                                                                                                              فكأنه قيل لهم أحب الأسماء المضافة للعبودية هذان لا مطلقا لأن أحبها إليه كذلك محمد وأحمد إذ لا يختار لنبيه صلى الله عليه وسلم إلا الأفضل ا هـ . وهو تأويل بعيد مخالف لما درجوا عليه وما علل به لا ينتج له ما قاله ؛ لأن من أسمائه صلى الله عليه وسلم عبد الله كما في سورة الجن ولأن المفضول قد يؤثر لحكمة هي هنا الإشارة إلي حيازته لمقام الحمد وموافقته للمحمود من أسمائه تعالى كما مر ويؤيد ذلك أنه صلى الله عليه وسلم سمى ولده إبراهيم دون واحد من تلك الأربعة لإحياء اسم أبيه إبراهيم ولا حجة له في كلام الشافعي ؛ لأن عدوله عن الأفضل لنكتة لا تقتضي أن ما عدل إليه هو الأفضل مطلقا

                                                                                                                              ومعنى كونه أحب الأسماء إليه أي بعد ذينك فتأمله ولا تغتر بمن اعتمده غير مبال لمخالفته لصريح كلامهم ويكره قبيح كشهاب وحرب ومرة وما يتطير بنفيه كيسار ونافع وبركة ومبارك ويحرم ملك الملوك ؛ لأن ذلك ليس لغير الله تعالى وكذا عبد النبي أو الكعبة أو الدار أو علي أو الحسين لإيهام التشريك ومنه يؤخذ حرمة التسمية بجار الله ورفيق الله ونحوهما لإيهامه المحذور أيضا وحرمة قول بعض العامة إذا حمل ثقيلا الحملة على الله قال الأذرعي نقلا [ ص: 374 ] عن بعض الأصحاب ومثله قاضي القضاة وأفظع منه حاكم الحكام ا هـ .

                                                                                                                              وما ذكره عن بعض الأصحاب يرده تجويز القاضي أبي الطيب الأول واستدلاله بتجويزهم الثاني لكن فيه نظر بالنسبة للأول بل الذي عليه الماوردي وغيره تحريمه وزعم القاضي أن المراد ملك ملوك الأرض بعيد ؛ لأن اللفظ صريح في خلافه وأما الثاني فحله محتمل ثم أطبق العلماء وغيرهم عليه ويفرق بأن هذا أشهر في المخلوقين فقط بخلاف الأول وحاكم الحكام يتردد النظر فيه وإلحاقة بقاضي القضاة فيما ذكرناه أقرب ولا نسلم أن أفظعيته إن سلمت تقتضي تحريمه لأنه مع ذلك محتمل لا صريح بخلاف ملك الملوك ولما تسمى به وزير كان الماوردي أقرب الناس عنده فاستفتى عنه فأفتى بحرمته ثم هجره فسأل عنه وزاد في تقريبه

                                                                                                                              وقال لو كان يحابي أحدا لحاباني وقال الحليمي قال الحاكم في حديث { لا تقولوا الطبيب وقولوا الرفيق فإنما الطبيب الله } ووجهه بأنه رفيق بالعليل والطبيب العالم بحقيقة الداء والدواء والقادر على الشفاء ا هـ . والأوجه حله إلا إن صح الحديث الذي ذكره بل مع صحته لا يبعد أن النهي للتنزيه لتجويزهم التسمية والوصف بغير لفظ الله والرحمن بل ظاهر هذا عدم الكراهة أيضا فإن سلمت اطردت في كل ما أشبه الطبيب في أنه لا يتبادر منه إلا الله وحده ولا بأس باللقب الحسن إلا ما توسع فيه الناس حتى سموا السفلة بفلان الدين ومن ثم قيل إنها الغصة التي لا تساغ ويكره كراهة شديدة نحو ست الناس أو العرب أو القضاة أو العلماء لأنه من أقبح الكذب ولا تعرف الست إلا في العدد ومرادهم سيدة ويحرم التكني بأبي القاسم مطلقا كما مر في الخطبة بما فيه مما ينبغي مجيئه هنا وأن الحرمة خاصة بالواضع أولا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 372 - 373 ] ويكره قبيح كشهاب وحرب ومرة إلخ ) في شرح الروض قال في المجموع ، والتسمية بست الناس أو العلماء [ ص: 374 ] ونحوه أشد كراهة وقد منعه العلماء بملك الملوك وشاهان شاه ا هـ . ( قوله : فإنما الطبيب الله ) قضية هذا جواز إطلاق الطبيب على الله ( قوله : ولا تعرف الست إلا في العدد ) في القاموس وستي للمرأة أي يا ست جهاتي [ ص: 375 ] أو لحن ، والصواب سيدتي ا هـ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله مع الفرق بينهما ) وهو ضعفه وعدم تحمله للختن ا هـ ع ش ( قول المتن ويسمى فيه ) وينبغي أن التسمية حق من له عليه الولاية من الأب وإن لم تجب عليه نفقته لفقره ثم الجد وينبغي أيضا أن تكون التسمية قبل العق كما قد يؤخذ من قوله [ ص: 373 ] السابق ويقول عند ذبحها بسم الله إلخ ا هـ ع ش ( قوله وإن مات قبله ) ظاهره أنه يسمى في السابع وإن مات قبله فتؤخر التسمية للسابع ويحتمل أنه غاية في أصل التسمية لا بقيد كونها في السابع فليراجع ا هـ رشيدي عبارة المغني ولو مات قبل التسمية استحب تسميته بل يسن تسمية السقط ا هـ وهذا الصنيع كالصريح فيما ذكره آخرا ( قوله ووردت إلخ ) عبارة المغني ولا بأس بتسميته قبله وذكر المصنف في أذكاره أن السنة تسميته يوم السابع أو يوم الولادة واستدل لكل منهما بأخبار صحيحة وحمل البخاري أخبار يوم الولادة على من لم يرد العق وأخبار يوم السابع على من أراده قال ابن حجر شارحه وهو جمع لطيف لم أره لغيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وحملها البخاري إلخ ) هذا الحمل حسن كما قاله بعض المتأخرين سم ا هـ بجيرمي ( قوله وكأنهم ) أي أئمتنا ( قوله أن أخباره ) أي ندبها يوم السابع ( قوله ويسن ) إلى قوله ومن ثم قال في النهاية والمغني ( قوله ويسن تحسين الأسماء ) لخبر { إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسنوا أسماءكم } ا هـ مغني ( قوله ثم عبد الرحمن ) كذا في النهاية بثم وعبر المغني بالواو ( قوله اسم نبي أو ملك ) و يس و طه خلافا لمالك ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله بل جاء في التسمية بمحمد فضائل إلخ ) وفي كتاب الخصائص لابن سبع عن ابن عباس أنه إذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا ليقم من اسمه محمد فليدخل الجنة كرامة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وفي مسند الحارث بن أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من كان له ثلاثة من الولد ولم يسم أحدهم بمحمد فقد جهل } قال مالك سمعت أهل المدينة يقولون ما من أهل بيت فيهم اسم محمد إلا رزقوا رزق خير قال ابن رشد يحتمل أن يكونوا عرفوا ذلك بالتجربة أو عندهم في ذلك أثر ا هـ مغني ( قوله في تسمية إلخ ) أي سببها ( قوله وكأن ) بشد النون ( قوله منه ) أي قول الشافعي المذكور ( قوله معنى حبر إلخ ) مقول البعض ( قوله المضافة ) أي المنسوبة ( قوله لا مطلقا ) أي لا مطلق الأسماء مضافة إلى العبودية أم لا ( قوله إليه ) أي الله تعالى وقوله كذلك أي أجنبية مطلقة ( قوله انتهى ) أي قول البعض ( قوله لما درجوا إليه ) أي من أن عبد الله وعبد الرحمن أحب الأسماء مطلقا ( قوله وما علل به ) أي قوله لأن أحبها إليه إلخ ( قوله لأن من أسمائه ) رد لقول البعض لأن أحبها إلخ وقوله ولأن المفضول إلخ رد لقوله إذ لا يختار إلخ ( قوله ويؤيد ذلك ) أي التعليل الثاني ( قوله من تلك الأربعة ) أي عبد الله وعبد الرحمن ومحمد وأحمد ولا حجة أي للبعض ( قوله ومعنى كونه ) أي محمد مبتدأ خبره قوله أي بعد إلخ وكان الأولى التفريع .

                                                                                                                              ( قوله إليه ) أي الشافعي ( قوله أي بعد ذينك ) أي عبد الله وعبد الرحمن ( قوله فتأمله ) ويظهر أن كلام الشافعي المذكور على ظاهره من الإطلاق ومنشؤه كمال محبته له صلى الله عليه وسلم ( قوله بمن اعتمده ) أي قول البعض ( قوله ويكره ) إلى قوله قال الأذرعي في النهاية إلا ما سأنبه عليه وإلى قوله انتهى في المغني إلا ما سأنبه عليه ( قوله ويكره قبيح ) أي من الأسماء ويسن أن تغير الأسماء القبيحة وما يتطير بنفيه مغني وروض مع شرحه ( قوله ويحرم ملك الملوك ) وشاهان شاه ومعناه ملك الأملاك مغني وزيادي والأولى ملك الملوك .

                                                                                                                              ( قوله عبد النبي ) خلافا للنهاية والمغني حيث قالا واللفظ للأول وكذا عبد الكعبة أو النار إلخ ومثله عبد النبي أي أو عبد الرسول على ما قاله الأكثرون والأوجه جوازه أي مع الكراهة لا سيما عند إرادة النسبة له صلى الله عليه وسلم ا هـ بزيادة تفسير في موضعين من ع ش ( قوله ومنه يؤخذ ) أي من التعليل ( قوله لإيهامه ) أي نحوهما ( قوله لإيهامه المحذور ) أي التشريك ا هـ ع ش ( قوله وحرمة قول بعض العامة إلخ ) أي وإن لم يقصد [ ص: 374 ] المعنى المستحيل على الله تعالى لإيهامه إياه ا هـ ع ش ( قوله عن بعض الأصحاب ) عبارة المغني عن القاضي أبي الطيب ا هـ وهي مخالفة لما يأتي في الشرح فليراجع ( قوله ومثله ) أي ملك الملوك في الحرمة ( قوله وأفظع إلخ ) هذا من جملة المنقول ( قوله منه ) أي من ملك الملوك ( قوله الأول ) أي ملك الملوك ا هـ سيد عمر ( قوله واستدلاله إلخ ) هذا هو محط الرد ( قوله الثاني ) أي قاضي القضاة ( قوله فيه نظر ) أي في الرد أو فيما اختاره القاضي ( قوله وأما الثاني ) أي قاضي القضاة سيد عمر ( قوله فحله محتمل إلخ ) المعتمد الكراهة زيادي ا هـ بجيرمي ( قوله عليه ) أي جواز الثاني ( قوله أقرب ) وفي البجيرمي عن الزيادي اعتماد أنه كملك الأملاك حرام ا هـ وكذا أقر المغني الأذرعي في حرمة كل من قاضي القضاة وحاكم الحكام كما مر ( قوله تسمى به ) أي بملك الملوك ( قوله فاستفتى ) أي الوزير عنه أي الماوردي ( قوله ثم هجره ) أي الماوردي الوزير فسأل أي الوزير عنه أي الماوردي وزاد أي الوزير في تقريبه أي الماوردي وقال أي الوزير لو كان أي الماوردي يحابي أي يميل ( قوله وقال الحليمي ) إلى قوله ا هـ في المغني ( قوله وفي حديث ) بالتنوين خبره مقدم لقوله لا تقولوا إلخ مرادا به لفظه ( قوله فإنما الطبيب الله ) قضية هذا جواز إطلاق الطبيب على الله ا هـ سم ( قوله ووجهه ) أي وجه الحليمي ذلك الحديث وقوله بأنه أي الشخص المعالج للمريض وقوله والطبيب العالم إلخ مبتدأ وخبر عبارة المغني وإنما سمي الرفيق لأنه يرفق بالعليل وأما الطبيب فهو العالم إلخ وليست هذه إلا لله تعالى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لتجويزهم التسمية إلخ ) ففي تفسير القرطبي عند قوله تعالى { السلام المؤمن المهيمن } عن ابن عباس أنه قال إذا كان يوم القيامة أخرج الله تعالى أهل التوحيد من النار وأول من يخرج من وافق اسمه اسم نبي حتى إذا لم يبق من وافق اسمه اسم نبي قال أنتم المسلمون وأنا السلام وأنتم المؤمنون وأنا المؤمن فيخرجهم من النار ببركة هذين الاسمين ا هـ مغني ( قوله فإن سلمت ) أي كراهة الطبيب ( قوله ولا بأس ) إلى قوله وإن الحرمة في المغني وكذا في النهاية إلا قوله ومن ثم إلى ويكره وقوله ولا يعرف إلى ويحرم ( قوله باللقب الحسن ) ويحرم تلقيب الشخص بما يكره وإن كان فيه كالأعور والأعمش ويجوز ذكره بنية التعريف لمن لا يعرفه إلا به ا هـ مغني ( قوله حتى سموا ) أي لقبوا ا هـ مغني ( قوله بفلان الدين ) أي كضياء الدين وعلاء الدين فيكره ا هـ ع ش ( قوله ومن ثم ) أي من أجل قبح ذلك التلقيب ( قوله إنها ) أي تسمية السفلة وتلقيبهم بنحو محيي الدين من الألقاب العلية ( قوله نحو ست الناس إلخ ) بل ينبغي الكراهة بنحو عرب وناس وقضاة وعلماء بدون ست ا هـ ع ش ( قوله لأنه من أقبح الكذب ) ولم يحرم لأنه لم يرد به معناه الحقيقي ا هـ ع ش ( قوله ولا يعرف الست إلخ ) في القاموس وستي للمرأة أي ياست جهاتي أو لحن والصواب سيدتي انتهى ا هـ سم ( قوله ومرادهم ) أي العوالم ا هـ مغني . ( قوله ويحرم التكني بأبي القاسم إلخ ) ويسن أن يكنى أهل الفضل الرجال والنساء وإن لم يكن لهم ولد ولا يكنى كافر قال في الروضة ولا فاسق ولا مبتدع لأن الكنية للتكرمة وليسوا من أهلها بل أمرنا بالإغلاظ عليهم إلا لخوف فتنة من ذكره باسمه أو تعريف ويسن أن يكنى من له أولاد بأكبر أولاده أي ولو أنثى ولا بأس بتكنية الصغير أي ولو أنثى ويسن لولد الشخص وتلميذه وغلامه أن لا يسميه باسمه أي ولو في المكتوب ، والأدب أن لا يكني الشخص نفسه في كتاب أو غيره إلا إن كان لا يعرف بغيرها أو كانت أشهر من الاسم مغني ونهاية ( قوله مطلقا ) أي سواء كان اسمه محمدا أم لا ا هـ ع ش أي وسواء كان في زمنه صلى الله عليه وسلم أو بعده ( قوله إن الحرمة إلخ ) بيان لما ينبغي




                                                                                                                              الخدمات العلمية