الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6299 6677 - فدخل الأشعث بن قيس فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن؟ فقالوا: كذا وكذا. قال: في أنزلت، كانت لي بئر في أرض ابن عم لي، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "بينتك أو يمينه" قلت: إذا يحلف عليها يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين صبر وهو فيها فاجر، يقتطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله يوم القيامة، وهو عليه غضبان" . [انظر: 2357 - مسلم: 138 - فتح: 11 \ 588].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أبي وائل ، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله وهو عليه غضبان" فأنزل الله تصديق ذلك: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا [آل عمران: 77] إلى آخر الآية.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 325 ] ثم ساق باقي الحديث. وقد سلف.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن بطال : وبهذه الآيات والحديث احتج الجمهور في أن اليمين الغموس لا كفارة فيها ; لأنه - عليه السلام - ذكر في هذه اليمين المقصود بها الحنث والعصيان والعقوبة والإثم، ولم يذكر فيها كفارة، ولو كانت لذكرت كما ذكر في اليمين المعقودة، فقال: "فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير".

                                                                                                                                                                                                                              قال: ويقوي هذا المعنى قوله - عليه السلام - للمتلاعنين بعد تكرار أيمانهما: "الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟" ولم يوجب كفارة، ولو وجبت لذكرها كما قال: "هل منكما تائب؟ " قال ابن المنذر : والأخبار دالة على أن اليمين التي يحلف بها الرجل يقتطع بها مالا حراما هي أعظم أن يكفرها ما يكفر اليمين، ولا نعلم سنة تدل على قول من أوجب فيها الكفارة، بل هي دالة على قول من لم يوجبها. قال تعالى: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم الآية [البقرة: 224].

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن عباس : هو الرجل يحلف ألا يصل قرابته، فجعل له مخرجا في التكفير، وأمره ألا يعتل بالله فليكفر يمينه ويبر.

                                                                                                                                                                                                                              وأما الخطابي فقال: فيه (حجة) لمن يرى الكفارة فيها.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 326 ] وقال زيد بن أسلم : أي: يكثر الحلف به، وإن كانوا بررة مصلحين بين الناس. وقال سعيد بن جبير : هو الرجل يحلف أن لا يبر ولا يصل ولا يصلح فيقال له: بر، فيقول: قد حلفت. والتقدير: كراهة أن يبروا، ونحو هذا في كتاب محمد قال: هو أن يحلف على أن لا يبر ولا يصل رحمه، فقال تعالى: أن تبروا فهو بما يمضي على ما لا يصلح فينبغي أن يكفر ويأتي بما هو خير.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              يمين الصبر: هو أن يحبس السلطان رجلا على يمين حتى يحلف بها، ويقال: صبرت يمينه، أي: حلفته بالله، وأصل الصبر: الحبس (ومعناه: الجبر) عليها.

                                                                                                                                                                                                                              قال الداودي : معناه أن يوقف حتى يحلف على رءوس الناس.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              واحتج بهذه الآية في "المعونة" على أن العهد يمين، قال: وذلك يدل على أن العهد والميثاق والكفالة أيمان، ولأن عرف الناس جار بالحلف بهذه الأشياء، وهي من صفات الذات.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (إذا يحلف) هو بنصب الفاء; لأنه فعل مستقبل منصوب بـ (إذا).




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية