الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا ( 10 ) فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ( 11 ) ) .

يقول تعالى مخبرا عن زكريا ، عليه السلام ، أنه ( قال رب اجعل لي آية ) أي : علامة ودليلا على وجود ما وعدتني ، لتستقر نفسي ويطمئن قلبي بما وعدتني كما قال إبراهيم ، عليه السلام : ( رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) الآية [ البقرة : 260 ] . ) قال آيتك ) أي : علامتك ( ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا ) أي : أن تحبس لسانك عن الكلام ثلاث ليال وأنت صحيح سوي من غير مرض ولا علة .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، ووهب بن منبه ، والسدي وقتادة وغير واحد : اعتقل لسانه من غير مرض .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كان يقرأ ويسبح ولا يستطيع أن يكلم قومه إلا إشارة .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( ثلاث ليال سويا ) أي : متتابعات .

والقول الأول عنه وعن الجمهور أصح كما قال تعالى في أول [ آل عمران : ( قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار ) [ آل عمران : 41 ] [ ص: 216 ]

وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : ( ثلاث ليال سويا ) من غير خرس .

وهذا دليل على أنه لم يكن يكلم الناس في هذه الليالي الثلاث وأيامها ) إلا رمزا ) أي : إشارة ; ولهذا قال في هذه الآية الكريمة : ( فخرج على قومه من المحراب ) أي : الذي بشر فيه بالولد ، ( فأوحى إليهم ) أي : أشار إشارة خفية سريعة : ( أن سبحوا بكرة وعشيا ) أي : موافقة له فيما أمر به في هذه الأيام الثلاثة زيادة على أعماله ، وشكرا لله على ما أولاه .

قال مجاهد : ( فأوحى إليهم ) أي : أشار . وبه قال وهب ، وقتادة .

وقال مجاهد في رواية عنه : ( فأوحى إليهم ) أي : كتب لهم في الأرض ، كذا قال السدي .

التالي السابق


الخدمات العلمية