الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6730 7149 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة ، عن بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا ورجلان من قومي ، فقال أحد الرجلين : أمرنا يا رسول الله . وقال الآخر مثله . فقال : " إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه " . [انظر : 2261 - مسلم : 1733 - فتح: 13 \ 125 ] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - عليه السلام - قال : "ستحرصون على الإمارة ، وستكون ندامة يوم القيامة ، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة " .

                                                                                                                                                                                                                              وقال محمد بن بشار : ثنا عبد الله بن حمران ، ثنا عبد الحميد ، عن سعيد المقبري ، عن عمر بن الحكم ، عن أبي هريرة قوله .

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أبي موسى - رضي الله عنه - ، وفيه "إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه " .

                                                                                                                                                                                                                              قال المهلب : حرص الناس على الإمارة ظاهر للعيان ، وهو الذي جعل الناس يسفكون عليها دماءهم ، ويستبيحون حريمهم ، ويفسدون في الأرض حتى يصلوا بالإمارة إلى لذاتهم ثم لا بد أن يكون فطامهم إلى السوء من الحال ؛ لأنه لا يخلو أن يقتل عليها أو يعزل عنها وتلحقه الذلة ، أو يموت عليها ، فيطالب في الآخرة بالتبعات ، فيندم حينئذ .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 446 ] والحرص الذي اتهم الشارع صاحبه ولم يدعه ، هو أن يطلب من الإمارة ما هو قائم بغيره متواطئا عليه ، فهذا لا يجب أن يعان عليه ويتهم طالبه .

                                                                                                                                                                                                                              وأما إن حرص على القيام بأمر ضائع من أمور المسلمين أو حرص على سد خلة فيهم وإن كان له أمثال في الوقت والعصر لم يتحركوا لهذا ، فلا بأس أن يحرص على القيام بالأمر الضائع ولا يتهم هذا إن شاء الله ، وبين هذا المعنى حديث خالد بن الوليد حين أخذ الراية من غير إمرة ، ففتح عليه .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              نعم وبئس : فعلان لا ينصرفان ؛ لأنهما (انتقلا ) عن موضعهما ، فنعم مفعول من قولك : نعم فلان إذا أصاب نعمة ، وبئس مفعول من بئس إذا أصاب بؤسا ، فنقلا إلى المدح والذم ، فشابها الحروف .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : إنهما استعملا للحال بمعنى الماضي وفيها أربع لغات : نعم بفتح أوله وكسر ثانيه ، وكسرهما ، وسكون العين وكسر النون ، وفتح النون وسكون العين نعم المرأة هند وإن شئت : نعمت المرأة هند .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة :

                                                                                                                                                                                                                              حرص . بفتح الراء . قال تعالى : ولو حرصت بمؤمنين [يوسف : 103 ] .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 447 ] وقال الداودي : نعم المرضعة في الدنيا بشرها وبئست الفاطمة . أي : إذا مات صار إلى الشر كالذي يفطم قبل استغنائه ، فيكون فيه هلاكه .

                                                                                                                                                                                                                              قال : وفي حديث أبي موسى أنه لم يكن ليختار لأحدهما ما لا خير فيه




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية