الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فائدة : قوله ( ثم يصلي ركعتين . يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة طويلة ) قال الأصحاب : البقرة أو قدرها ، قلت : الذي يظهر : أن مرادهم إذا امتد الكسوف أما إذا كان الكسوف يسيرا : فإنه يقرأ على قدره ، ويؤيده قول المصنف وغيره " فإن تجلى الكسوف أتمها خفيفة " [ ص: 443 ] فائدة : الصحيح من المذهب : أن صلاة الكسوف سنة ، وعليه أكثر الأصحاب . وقطع به أكثرهم ، وقال أبو بكر في الشافي : هي واجبة على الإمام والناس ، وأنها ليست بفرض . قال ابن رجب : ولعله أراد أنها فرض كفاية قوله ( ويجهر بالقراءة ) ، هذا المذهب بلا ريب ، وعليه أكثر الأصحاب ، والجهر في كسوف الشمس من المفردات ، وعنه لا يجهر فيها بالقراءة اختاره الجوزجاني ، وعنه لا بأس بالجهر ، قوله ( ثم يركع ركوعا طويلا ) هكذا قال كثير من الأصحاب ، وأطلقوا وقدمه في الفروع ، والفائق ، ومجمع البحرين ، والزركشي ، وغيرهم . وقطع به الخرقي ، وإدراك الغاية ، وتذكرة ابن عبدوس ، والمنتخب وغيرهم ، وقال جماعة من الأصحاب : يكون ركوعه قدر قراءة مائة آية منهم القاضي ، وأبو الخطاب ، وتبعهم صاحب المذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمغني ، والتلخيص ، والبلغة ، والشرح ، والمحرر ، والمنور ، والإفادات ، والرعاية الصغرى ، والنظم ، والوجيز ، والحاويين ، وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى ، قلت : والأولى أولى ، وأن الطول والقصر يرجع إلى طول الكسوف وقصره . كما قلنا في القراءة ، وقيل : يكون ركوعه قدر معظم القراءة واختاره ابن أبي موسى ، والمجد ، وقيل : يكون قدر نصف القراءة ، وقال في المبهج : يسبح في الركوع بقدر ما قرأ . فائدة : ظاهر كلامه في الفروع ، ومجمع البحرين ، والفائق ، والزركشي : أن الأقوال التي حكوها في قدر الركوع متنافية .

لقولهم " ثم يركع فيطيل " وقال فلان : بقدر كذا بالواو والذي يظهر : قول من قال " يركع ركوعا طويلا " لا ينافي ما حكى من الأقوال ، بل اختلافهم في تفسير الطويل ، ولذلك قال ابن تميم : [ ص: 444 ] ثم يركع فيطيل " قال القاضي " بقدر مائة آية " وقال ابن أبي موسى " بقدر معظم القراءة " ففسر قدر الإطالة . وقال في الرعاية " ثم يركع ويسبح قدر مائة آية " وقيل " بل قدر معظم القراءة " وقيل : قدر نصفها فلم يحك خلافا في الإطالة ، وإنما حكى الخلاف في قدرها .

قوله ( ثم يرفع فيسمع ويحمد ثم يقرأ الفاتحة ، وسورة ، ويطيل ، وهو دون القيام الأول ) قال في المذهب ، والمستوعب ، والرعاية ، وغيرهم : يقرأ آل عمران ، أو قدرها قال ابن رجب في شرح البخاري وقال بعض الأصحاب : تكون كمعظم القراءة الأولى ، وقيل : تكون قراءة الثانية قدر ثلثي قراءة الأولى ، وقراءة الثالثة نصف قراءة الأولى ، وقراءة الرابعة بقدر ثلثي قراءة الثالثة واختاره ابن أبي موسى ، ذكره في المستوعب .

قوله ( ثم يركع فيطيل ، وهو دون الركوع الأول ) فتكون نسبته إلى القراءة كنسبة الركوع الأول من القراءة الأولى كما تقدم ثم يركع بقدر ثلثي ركوعه الأول قال في الرعاية وقيل : يكون كل ركوع بقدر ثلثي القراءة التي قبله .

قوله ( ثم يرفع ، ثم يسجد ) لكن لا يطيل القيام من رفعه الذي يسجد بعده . جزم به في الفروع قال ابن تميم ، والزركشي : وهو ظاهر كلام أكثر أصحابنا ، وصرح به ابن عقيل ، قلت : وحكاه القاضي عياض إجماعا قوله ( سجدتين طويلتين ) هذا المذهب جزم به الخرقي ، والمذهب ، والمغني ، والشرح ، والوجيز ، وإدراك الغاية قال في الفروع : ويطيلهما في الأصح وقدمه في الرعاية الكبرى [ ص: 445 ] وقيل : يطيلهما كإطالة الركوع . جزم به في التذكرة لابن عقيل ، والخلاصة ، والتلخيص ، والبلغة ، والمحرر ، والنظم ، والرعاية الصغرى ، والحاويين ، والمنور ، وقيل : لا يطيلهما ، وهو ظاهر كلام ابن حامد ، ابن أبي موسى ، وأبي الخطاب في الهداية ، تنبيه : ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب : أنه لا يطيل الجلسة بين السجدتين ، لعدم ذكره ، وهو صحيح ، وهو المذهب قال المجد : هو أصح وقدمه في الفروع قال الزركشي : هو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وقيل : يطيله . اختاره الآمدي قال في التلخيص ، والبلغة : ويطيل الجلوس بين السجدتين كالركوع وجزم به فيهما أيضا في الرعاية الصغرى ، والحاويين وقدمه في الرعاية الكبرى ، وأطلقهما في الفائق . قوله ( ثم يقوم إلى الثانية ، فيفعل مثل ذلك ) يعني في الركوعين وغيرهما ، لكن يكون دون الأولى قياما وقراءة ، وركوعا وسجودا ، وتسبيحا واستغفارا قال القاضي ، وابن عقيل ، والمجد ، وغيرهم : القراءة في كل قيام أقصر مما قبله ، وكذلك التسبيح قال في المستوعب : يقرأ في الثانية في القيام الأول بعد الفاتحة سورة النساء أو قدرها ، وفي الثاني بعد الفاتحة سورة المائدة أو قدرها ، وذكر أبو الخطاب وغيره القيام الثالث أطول من الثاني ، وقيل : بقدر النصف مما قرأ أو سبح في ركوع الأولى وقيامها . قوله ( فإن تجلى الكسوف فيها أتمها خفيفة ) يعني على صفتها ، وهو المذهب مطلقا ، وعليه جمهور الأصحاب ، وقيل : يتمها كالنافلة إن تجلى قبل الركوع الأول أو فيه ، وإلا أتمها على صفتها ، لتأكدها بخصائصها ، وقال أبو المعالي : من جوز الزيادة عند حدوث [ ص: 446 ] الامتداد على القدر المنقول جوز النقصان عند التجلي ، ومن منع منع النقص ، لأنه التزم ركنا بالشروع فتبطل بتركه ، وقيل : لا تشرع الزيادة لحاجة زالت قال في الفروع : كذا قال .

التالي السابق


الخدمات العلمية