الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      829 حدثنا ابن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فلما انفتل قال أيكم قرأ بسبح اسم ربك الأعلى فقال رجل أنا فقال علمت أن بعضكم خالجنيها

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( فلما انفتل ) أي فرغ وانصرف من الصلاة ( فقال : علمت أن بعضكم خالجنيها ) قال الخطابي في المعالم : أي جاذبنيها ، والخلج الجذب ، وهذا وقوله نازعنيها في المعنى سواء . وإنما أنكر عليه مجاذبته إياه في قراءة السورة ، حين تداخلت القراءتان وتجاذبتا ، فأما قراءة فاتحة الكتاب فإنه مأمور بها على كل حال إن أمكنه أن يقرأ في السكتة فعل وإلا قرأ معه لا محالة . وقد اختلف العلماء في هذه المسألة ، فروي عن جماعة من الصحابة أنهم أوجبوا القراءة خلف الإمام .

                                                                      وقد روي عن آخرين أنهم كانوا لا يقرءون . وافترق الفقهاء فيه على ثلاثة أقاويل ، فكان مكحول والأوزاعي والشافعي وأبو ثور يقولون لا بد من أن يقرأ خلف الإمام فيما جهر به وفيما لم يجهر به من الصلاة . وقال الزهري ومالك وابن المبارك وأحمد وإسحاق : يقرأ فيما أسر الإمام فيه بالقراءة ولا يقرأ فيما جهر به . وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي : لا يقرأ أحد خلف الإمام جهر أو أسر واحتجوا بحديث رواه عبد الله بن شداد مرسلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة انتهى .

                                                                      قلت : هذا الحديث ضعيف . قال البخاري في جزء القراءة : هذا خبر لم يثبت عند أهل العلم من أهل الحجاز وأهل العراق لإرساله وانقطاعه . وقال الدارقطني : لم يسنده [ ص: 44 ] عن موسى بن أبي عائشة غير أبي حنيفة والحسن بن عمارة وهما ضعيفان . قال : وروى هذا الحديث سفيان الثوري وشعبة وإسرائيل وشريك وأبو خالد الدالاني وأبو الأحوص وسفيان بن عيينة وحريث بن عبد الحميد وغيرهم عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد مرسلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الصواب . انتهى .

                                                                      قال الحافظ : هو مشهور من حديث جابر وله طرق عن جماعة من الصحابة كلها معلولة . وقال في الفتح : إنه ضعيف عند جميع الحفاظ . وقد استوعب طرقه وعلله الدارقطني ، وقد احتج به القائلون بأن الإمام يتحمل القراءة عن المؤتم في الجهرية الفاتحة وغيرها . والجواب أنه عام لأن القراءة مصدر مضاف وهو من صيغ العموم ، وحديث عبادة المتقدم خاص فلا معارضة . كذا في النيل .




                                                                      الخدمات العلمية