الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      832 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح حدثنا سفيان الثوري عن أبي خالد الدالاني عن إبراهيم السكسكي عن عبد الله بن أبي أوفى قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزئني منه قال قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قال يا رسول الله هذا لله عز وجل فما لي قال قل اللهم ارحمني وارزقني وعافني واهدني فلما قام قال هكذا بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد ملأ يده من الخير

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن أبي خالد الدالاني ) اسمه يزيد بن عبد الرحمن عن عمرو بن مرة والمنهال بن عمرو ، وعنه الثوري وشعبة ، وثقه أبو حاتم ، وقال النسائي : ليس به بأس ، وقال ابن عدي : في حديثه لين ( عن إبراهيم السكسكي ) هو ابن عبد الرحمن أبو إسماعيل الكوفي مولى صخير صدوق ضعيف الحفظ من الخامسة . والسكسكي بفتح السين وسكون الكاف وفتح السين الثانية وكسر الكاف الثانية منسوب إلى سكسك هي قبيلة باليمن ينسب إليها ( لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا ) وفي رواية ابن ماجه [ ص: 46 ] بلفظ " إني لا أحسن من القرآن شيئا " ( فعلمني ما يجزئني منه ) قال شارح المصابيح : اعلم أن هذه الواقعة لا تجوز أن تكون في جميع الأزمان لأن من يقدر على تعلم هذه الكلمات لا محالة يقدر على تعلم الفاتحة ، بل تأويله لا أستطيع أن أتعلم شيئا من القرآن في هذه الساعة وقد دخل علي وقت الصلاة فإذا فرغ من تلك الصلاة لزمه أن يتعلم ( هذا لله ) أي ما ذكر من الكلمات ذكر لله مختص له أذكره به ( فما لي ) أي علمني شيئا يكون لي فيه دعاء واستغفار وأذكره لي عند ربي ( اللهم ارحمني ) أي بترك المعاصي أبدا أو بغفرانها ( وارزقني ) أي رزقا حلالا طيبا كافيا مغنيا عن الأنام ، أو التوفيق والقبول وحسن الاختتام ( وعافني ) من آفات الدارين ( واهدني ) أي ثبتني على دين الإسلام أو دلني على متابعة الأحكام ( قال ) أي فعل الرجل ( هكذا ) قال الطيبي : أي أشار إشارة مثل هذه الإشارة المحسوسة ( بيده ) تفسير وبيان . وفي المشكاة بيديه وقبضهما . قال القاري : وفي نسخة فقبضهما فقيل أي عد تلك الكلمات بأنامله ، وقبض كل أنملة بعدد كل كلمة . قال ابن حجر : ثم بين الراوي المراد بالإشارة بهما فقال وقبضهما أي إشارة إلى أنه يحفظ ما أمره به كما يحفظ الشيء النفيس بقبض اليد عليه . وظاهر السياق أن المشير هو المأمور أي حفظت ما قلت لي وقبضت عليه فلا أضيعه ويؤيده قول الراوي ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما هذا فقد ملأ يده من الخير ) قال ابن حجر المكي كناية عن أخذه مجامع الخير بامتثاله لما أمر به ويصح أن يكون المشير هو عليه السلام حملا له على الامتثال والحفظ لما أمر به ، وحينئذ فيكون معنى قوله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه فهم من ذلك الرجل الامتثال فبشره ومدحه بأنه ظفر بما لم يظفر به غيره كذا في المرقاة . قال الخطابي : الأصل أن الصلاة لا تجزئ إلا بقراءة فاتحة الكتاب ومعقول أن قراءة فاتحة الكتاب على من [ ص: 47 ] أحسنها دون من لا يحسنها ، فإذا كان المصلي لا يحسنها ويحسن غيرها من القرآن كان عليه أن يقرأ منها قدر سبع آيات لأن أولى الذكر بعد الفاتحة ما كان مثلا لها من القرآن ، وإن كان رجلا ليس في وسعه أن يتعلم شيئا من القرآن لعجز في طبعه أو سوء حفظ أو عجمة لسان أو آفة تعرض له كان أولى الذكر بعد القرآن ما علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التسبيح والتحميد والتهليل . وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أفضل الذكر بعد كلام الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي وقال : إبراهيم السكسكي . ليس بذاك القوي ، وقال يحيى بن سعيد القطان : كان شعبة يضعف إبراهيم السكسكي . وذكر ابن عدي أن مدار هذا الحديث على إبراهيم السكسكي وقد احتج البخاري في صحيحه بإبراهيم السكسكي .




                                                                      الخدمات العلمية