فصل :
ويجوز أن
nindex.php?page=treesubj&link=338يجمع بتيمم واحد بين طوافين كطواف الإفاضة وطواف منذور ، وكذلك بين صلاتي جنازة ، ذكره القاضي ، كالجمع بين صلاتين في الوقت وأولى ، وتبطل كذلك بخروج وقت الصلاة كالتيمم للفريضة ، وكذلك التيمم للنافلة مقدر بوقت المكتوبة ؛ لأنه إذا بطل بخروج الوقت بتيمم الفريضة ، فما سواه
[ ص: 445 ] أولى ، والمنصوص عن
أحمد أنه إذا
nindex.php?page=treesubj&link=338_32602صلى على الجنازة بتيمم ثم جيء بجنازة أخرى حين سلم من الأولى صلى عليها بذلك التيمم ، وإن كان بينهما وقت يمكنه فيه التيمم لم يصل على الأخرى حتى يعيد التيمم ، وهذا لأن التيمم للجنازة ونحوها لا يتقدر بوقت المكتوبة لأنه لا يستبيح به المكتوبة ، فالفعل المتواصل في هذه العبادات ، كتواصل الوقت بالوقت للمكتوبة ، فإذا وجبت الثانية بعد زمن يتسع للتيمم صارت مستقلة بنفسها وانفصل وقتها عن وقت الأولى كصلاتي الوقتين ، وعلى قياس المنصوص كل ما ليس له وقت محدد من العبادات كمس المصحف والطواف ونحوهما ، وحمل القاضي هذا على الاستحباب ، وظاهر المنصوص خلافه ؛ فعلى هذا النوافل المؤقتة " كالوتر " والكسوف والسنن الرواتب وصلاة الليل تبطل بخروج وقت تلك النافلة ، وأما النوافل المطلقة فيحتمل أن تكون كالجنازة ونحوها يقدر فيه تواصل الفعل ، ويحتمل أن يمتد وقتها إلى وقت النهي عن النافلة ، فأما إن كان التيمم للمكتوبة تعلق الحكم بوقتها فيصلي فيه ما شاء من جنائز ونوافل لأن ذلك سبيل التبع للمكتوبة .
الشرط الثالث : ( النية : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=323تيمم لنافلة لم يصل به فريضة ، وإن تيمم لفريضة فله فعلها وفعل ما شاء من الفرائض والنوافل حتى يخرج وقتها ) أما النية في الجملة فلا بد منها كالوضوء والغسل وأوكد ؛ لأن التراب في نفسه ليس بمطهر وإنما يصير مطهرا بالنية ، ولأن المسح بالتراب إذا خلا عن نية كان عبثا وتغبيرا محضا ، وقد قيل : لأنه جاء في القرآن بلفظ القصد بقوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فتيمموا " وهذا ضعيف لأن القصد للتراب لا لنفس العبادة .
وصيغة
nindex.php?page=treesubj&link=323النية هنا أن ينوي استباحة فعل من الأفعال التي يمنعها الحدث كالصلاة ومس المصحف ، فأما إن نوى رفع الحدث لم يصح ، وخرج الأصحاب رواية : أنه يصح ، بناء على أن التيمم كالوضوء في صحة بقائه إلى ما بعد الوقت ، وعلى هذا فصفة نيته كصفة نية الوضوء ، أن يتيمم لما يجب له التيمم
[ ص: 446 ] كالصلاة فرضها ونفلها ، ارتفع المنع مطلقا ، وإن نواه لما تستحب له النية ففيه وجهان ، كالوضوء ، ولا يلزم من هذا أن يكون التيمم رافعا للحدث ، بل يرفع منع الحدث ؛ لأن المقصود من رفع الحدث إزالة منعه ، وذلك موجود هنا ، فإذا وجد الماء عاد المنع ، والتزم بعض أصحابنا على هذا أن التيمم يرفع الحدث رفعا مؤقتا إلى حين وجود الماء ، فإذا وجد الماء عاد بموجب السبب السابق ، كما يقول : إن تخمر العصير يخرجه من عقد الرهن ، فإذا تخلل عاد بموجب العقد السابق ، وكما قلنا في طهارة مسح الخفين على أقوى الوجهين ، وقال
ابن حامد : إن نوى به استباحة الصلاة مطلقا صلى به المكتوبة وإن تيمم لنافلة فلا ، والمشهور أنه لا يستبيح بالتيمم إلا ما نواه وما هو مثله أو دونه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014764وإنما لكل امرئ ما نوى " ولأن الحدث قائم لم يرتفع كما تقدم ، وإنما يبيح التيمم ما نواه كما تقدم ولا يلزم من إباحة الأدنى إباحة الأعلى ، فعلى هذا إذا تيمم لصلاة حاضرة مفروضة أو فائتة أو مطلقة فعل جميع ما سواها ؛ لأن الفرض أكمل أنواع الممنوعات بالحدث المباحة بالتيمم ، ولا فرق بين أن تكون واجبة بالشرع أو النذر ، وعلى مقتضى كلام أصحابنا لا يستبيح فعل الفرض إلا بنية ، وإذا نوى نافلة الصلاة المطلقة أو المعينة فله فعل جميع النوافل ، والطواف فرضه ونفله ومس المصحف ؛ لأن الطهارة للنافلة أوكد لها منهما ؛ لاشتراطها للصلاة إجماعا ، ولا يباح فرض الجنازة لأنها واجبة ، ولو تيمم للجنازة الواجبة أبيحت الصلاة النافلة لأنها دونها ، ويتخرج أنه لا يصح ، إلا أن
أحمد جعل الطهارة لنفل الصلاة أوكد منه للجنازة ، وإن تيمم للطواف أبيح له اللبث في المسجد وقراءة القرآن ، وكذلك ينبغي أن يكون مس المصحف أو قراءة القرآن أو اللبث في المسجد لم يستبح غير ذلك ، وقيل : يستبيح بنية مس المصحف والقراءة واللبث بخلاف العكس ، وكل واحد من القراءة واللبث
[ ص: 447 ] بنية الآخر ، وهذا أصح ؛ لأن ما اشترط له الطهارة أعلى مما اشترط له الطهارة الكبرى ، وقال القاضي يستبيح بنية مس المصحف وقراءة القرآن جميع النوافل لأن جميع ذلك نافلة فهي في درجة واحدة ، ولو تيمم الصبي لصلاة ثم بلغ لم يجز أن يصليها به لأنه كان لنافلة ، وله أن يتنفل قبل الفريضة وبعدها . وعنه : ليس له أن يتنفل قبلها إلا السنن الرواتب لئلا يصير النفل متبوعا بخلاف السنن الرواتب فإن نية الفريضة تتضمنها .
الشرط الرابع : ( التراب ،
nindex.php?page=treesubj&link=342فلا يتيمم إلا بتراب طاهر له غبار ) هذه ثلاثة شروط ؛ الأول : أنه لا يتيمم إلا بالتراب خاصة ، وعنه أنه يجوز بالرمل ، وحملها القاضي على رمل فيه تراب وأقرها بعض أصحابنا على ظاهرها ، لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=16014765أن ناسا من أهل البادية أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا نكون بالرمال الأشهر الثلاثة والأربعة ويكون فينا الجنب والنفساء والحائض ولسنا نجد الماء فقال : " عليكم بالأرض ، ثم ضرب بيديه على الأرض لوجهه ضربة وضرب الأخرى فمسح يديه إلى المرفقين " رواه
أحمد .
ووجه الأول : أن الله قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فتيمموا صعيدا طيبا ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " هو تراب الحرث " ولفظه فيما ذكر
أحمد "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014766أطيب الصعيد أرض الحرث " ، ومعنى أرض الحرث الأرض التي يكون فيها الشجر والزرع . قال
أحمد : " السباخ لا تنبت والحجر لا ينبت والحرث ينبت " ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014767 " فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا [ ص: 448 ] كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض مسجدا ، وجعلت تربتها لنا طهورا ، إذا لم نجد الماء " رواه
مسلم .
فلما خص التربة بالذكر بعد تعميم الأرض بكونها مسجدا علم اختصاصها بالحكم ، وحديث الرمل ضعيف ؛ لأن فيه
المثنى بن الصباح ، ثم إن صح فهو محمول على الرمال التي فيها تراب ، " لأنه جاء " بلفظ آخر " عليكم بالتراب " فيدل على الذي في الرمل إنما تيمم بالتراب لأن العرب عادتها أن تعزب إلى الأرض لها حشائش رطبة ، وإنما الحشائش الرطبة في الرمل الذي يخالطه التراب ، ولأن الرمل لا يلصق باليد فأشبه الحصاء ، ولأن طهارة الوضوء خصت بالنوع الذي " هو " أصل المائعات ، وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=350التيمم يخص بالنوع " الذي " هو أصل الجامدات وهو التراب ، فأما الأرض السبخة فقد قال
أحمد : " أرض الحرث أحب إلي وإن تيمم من أرض سبخة أجزأ " ، وقال أيضا : " من الناس من يتوقى السبخة لأنها تشبه الملح " ، وقال أيضا : " لا يعجبني
nindex.php?page=treesubj&link=26971التيمم بالسباخ لأنه لا يثبت في يده منه شيء يخرج منها إلى غيرها " فمن أصحابنا من جعلها كالرمل ، والمذهب أنها إذا كان لها غبار فهي كالتراب .
وإن لم يكن لها غبار فهي كالرمل ، وعلى هذا ينزل كلام
أحمد ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=340عدم التراب وجب عليه التيمم بالرمل والسبخة والنورة والكحل والزرنيخ والرماد ،
[ ص: 449 ] وكل طاهر تصاعد على وجه الأرض ، في إحدى الروايتين ، اختارها
ابن أبي موسى وغيره ، لقوله عليه السلام "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014768جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره " .
ويحمل حديث
حذيفة على حال وجود التراب ، والأحاديث المطلقة على عدمه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المسلم لا يزال عنده مسجده وطهوره وقد يعدم التراب في أرض الرمال والسباخ وغيرها ، ولا إعادة عليه إذا وجد الماء أو التراب ، في أصح الروايتين ، كما لو عدم الماء والتراب وأولى ، وفي الأخرى : يعيد لأنه عذر نادر ، ويكون حكمه إذا وجد التراب كحكم التمسح بالتراب إذا وجد الماء . نص عليه .
والرواية الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=342لا يتيمم إلا بالتراب ، اختارها
الخلال وغيره ؛ لأن ما ليس بطهور مع وجود التراب لا يكون طهورا مع عدمه ، كالحشيش والملح المائي ، فإن خالط التراب ما ليس بطهور كالكحل والنورة والزرنيخ فخرجها القاضي على وجهين :
أحدهما ، وهو اختيار
أبي الخطاب أن حكمه حكم الماء إذا خالطته الطاهرات ، إن لم تغيره لم تؤثر ، وإن غير اسمه وغلب على أجزائه منع ، وإن غير بعض صفاته فعلى روايتي الماء .
والثاني ، اختاره
ابن عقيل وغيره : يمنع بكل حال لأنه ربما حصل في العضو فمنع وصول التراب إليه ، إلا أن يكون مما ليس له غبار يعلق " كا ...." ونخالة الذهب فلا يؤثر ما لم يمنع وصول غبار التراب إلى جميع اليد ، وإذا خالط الرمل التراب ، وقلنا : لا يجوز التيمم به ، فهل يمنع
nindex.php?page=treesubj&link=342التيمم بالتراب ؟ على وجهين ذكرهما القاضي وغيره .
[ ص: 450 ] الشرط الثاني : أن يكون طاهرا لأن الله تعالى قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6صعيدا طيبا ) والطيب هو الطاهر .
ووجه الأول : أن نزع الخفين والعمامة يبطل الوضوء فيبطل التيمم كسائر النواقض ، وهذا لأن الخف تتعدى إليه طهارة التيمم حكما كما تتعدى إلى سائر البدن ؛ لأن المسح على العضوين قائم مقام تطهير الأعضاء الأربعة ، فإذا كان عليه خفان فكأنه في الحكم مسح عليهما ، ولأن الحدث قائم بالرجلين وإنما استباح الصلاة بالتيمم مع سترهما ، إذا ظهرتا ظهر حكم الحدث فيحتاج إلى تيمم حتى لو تيمم قبل اللبس ثم خلع لم ينتقض تيممه . ويزيد التيمم على الماء بشيئين ؛ أحدهما : أن خروج الوقت يبطلها في المشهور لأنها طهارة ضرورة فتقدر بقدرها كطهارة المستحاضة ، وقيل لا تبطل إلا بدخول وقت الصلاة الثانية لأنه حينئذ يخاطب بتجديد التيمم ، فعلى هذا يصلي الضحى بتيمم الفجر وقد تقدمت الروايتان الأخريان .
الثاني : القدرة على استعمال الماء إما أن يجده إن كان عادما أو يقدر على استعماله إن كان مريضا ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014769الصعيد الطيب طهور المسلم إذا لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته ؛ فإن ذلك خير " ، وقد تقدم ، ثم إن وجده قبل الصلاة بطل التيمم قولا واحدا ، وكذلك إن رأى ما يدل على الماء أو ظن وجود الماء فإنه يلزمه الطلب ويبطل تيممه في أحد الوجهين ، وإن وجده بعد الصلاة بطل أيضا فلا يصلي به صلاة أخرى ، وإن وجده في الصلاة بطل تيممه أيضا في ظاهر المذهب .
[ ص: 451 ] وكان قبل ذلك يقول : يمضي فيها ولا يبطلها ، فحمل
الخلال وصاحبه المسألة قولا واحدا ؛ لأن الرجوع عنه وجوده كعدمه ، وأثبت
ابن حامد وغيره المسألة على روايتين ؛ لأن القول الأول قاله باجتهاد فلا ينتقض باجتهاد ثان بخلاف نسخ الشارع ، وكذلك كل رواية علم الرجوع عنها ، وذلك لأن الصلاة حال لا يجب فيها استعماله كما بعد الفراغ ، ولأنه عمل صح بالبدل فلا يبطل بوجود المبدل عنه كحكم الحاكم بشهود الفرع لا يبطل بوجود شهود الأصل ، ولأنه وجد المبدل منه بعد الشروع في البدل ، فلم يجب الانتقال إليه كما لو وجد الأصل الهدي بعد الشروع في صوم المتمتع ، أو الرقبة بعد الشروع في صوم الكفارة ، ولأنه لا يتمكن من الوضوء إلا بإبطال الصلاة ، وذلك منهي عنه بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=33ولا تبطلوا أعمالكم ) ونهى النبي صلى الله عليه وسلم الذي يخيل إليه الحدث في الصلاة أن يخرج منها إلا باستيقان الحدث . فعلى هذا لو خرج منها لنجاسة أصابته أو غير ذلك ، لم يكن له أن يعيدها بذلك التيمم ؛ قولا واحدا ، فإن لم يجد من الماء إلا ما يكفيه لإزالة النجاسة أعاد التيمم ؛ لأن الأول قد بطل بطلب الماء ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=336نوى الإقامة في الصلاة ثم رأى الماء لم تبطل الصلاة بناء على جواز التيمم في الحضر ، وإنه لا إعادة عليه ، قاله القاضي ، فعلى هذا إن قلنا : لا يتيمم في الحضر أو يعيد ، بطلت هنا لأنها غير معتد بها ، والأول أصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014770الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك " وقوله عليه السلام في الحديث "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014771وجعلت لنا تربتها طهورا إذا لم نجد الماء " .
[ ص: 452 ] فجعله طهورا بشرط عدم الماء ، والحكم المشروط بشرط يزول بزواله ، وأمر بأن يمسه بشرته إذا وجده ، وهذا يعم المصلي وغيره ، ولو افترق الحكم لبينه ولأن ما أبطل الطهارة خارج الصلاة أبطلها في الصلاة كسائر النواقض ، وتقريب الشبه أن هذه طهارة ضرورة ، ورؤية الماء تبطلها خارج الصلاة ، فكذلك داخلها ، كانقطاع دم المستحاضة وانتهاء مدة المسح ، ولأنه قد بطل تيممه فلزمه الخروج من الصلاة ، كما لو كان مقيما أو نوى الإقامة ، والدليل على أن تيممه بطل مع قوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014772الصعيد الطيب طهور المسلم إذا لم يجد الماء " أنه لو مضى فيها ولم يفرغ حتى عدم الماء لم يجز له أن ينتقل حتى يتيمم ، مع قولنا : يمضي فيها ، على أشهر الوجهين ، وكذلك في المشهور : لا يجوز له أن يزيد على ركعتين في التنفل المطلق الذي لم ينوه عددا ، ولأن الطهارة بالماء فرض كان عاجزا عنه ، فإذا قدر عليه في الصلاة لزمه فعله ، كالعاري إذا وجد الثوب والمريض إذا قدر على القيام ، وأما كونه لا يجب فيها الطلب فإنما ذاك إذا شك في وجود الماء لأنه قد دخل في الصلاة بيقين فلا يخرج منها بشك ، كالذي يخيل إليه الحدث ، فأما إن رأى ما يدل على وجود الماء مثل ركب لا يخلون من ماء ونحو ذلك ، لزمه الطلب ، فإن وجد الماء وإلا استأنف التيمم . وشهود الفرع قد تم العمل المقصود بهم فنظيره هنا أن يجد الماء بعد الفراغ .
ونظير مسألة التيمم أن يقدر على شهود الفرع في أثناء كلمة الحكم فإنه لا ينفذ حكمه بهم ، وأما قولهم : وجد المبدل منه بعد الشروع في البدل هنا ، هو التيمم وليس هو الصلاة ، فلا يصح الوصف في الفرع ، وإن قالوا بعد الشروع في العمل بالبدل ، لم يصح الأصل .
وثانيها : أنه إذا شرع هنا في البدل وهو التيمم ثم وجد المبدل وهو الماء انتقل إجماعا .
[ ص: 453 ] وثالثها : إن وجود المبدل منه هنا يبطل البدل فلا يمكن إتمامه والاكتفاء به ، وهناك وجود الرقبة والهدي لا يبطل الصوم ، فأمكن إجزاؤه ، فنظير هذا بدل يفسد بوجود مبدله .
ورابعها : أنه منتقض بالصغيرة إذا اعتدت بالشهور ثم حاضت في أثنائها لتنتقل إلى المبدل وهو الأقراء ، وهذا نص
أحمد ، وإلحاق مسألتنا بهذا أولى لأن العدة والصلاة يبنى آخرهما على أولهما فتفسد بفساده بخلاف الصيام ، وأما إبطال الصلاة هنا فهو لم يبطلها وإنما بطلت بحكم الشرع ، كما لو سبقه الحدث أو وجد السترة يعيد منه ، ولو فرضنا أنه أبطلها لغرض صحيح ليأتي بها على وجه الكمال ، لم يكن ذلك محذورا ، فإذا قلنا : يخرج ، فإنه يستأنف الصلاة بعد وضوئه في المنصوص ، وخرج القاضي وغيره رواية : أنه يتطهر ويبني كما يقول فيمن سبقه الحدث على إحدى الروايتين ، وفرق آخرون بين هذا وبين من سبقه الحدث بأن هذا كان المانع موجودا حين ابتداء الصلاة ، وهو الحدث ، وإنما جازت الصلاة معه بالتيمم إذا كمل مقصوده ، وهنا لم يكمل المقصود فيبقى المانع بحاله ، بخلاف من سبقه الحدث ، وكذلك الطريقان في
nindex.php?page=treesubj&link=32560المستحاضة إذا انقطع دمها في أثناء الصلاة ، ومن ابتدأ الصلاة عاريا ثم وجد السترة يعيد منه ، وكذلك الماسح إذا انقضت مدته في أثناء الصلاة إن قلنا : المسح لا يرفع الحدث ، وإن قلنا : يرفعه ، فهو كالحدث السابق ، ولا فرق بين صلاة العيد والجنازة وغيرهما ، ويتخرج أن يبني في صلاة الجنازة وإن كان يخاف أنه إن خرج وتطهر فات الوقت وهو في السفر لم يخرج في أشهر الوجهين ، وإن كان في الحضر خرج كما لو كان خارج الصلاة ، ومن صلى بلا ماء ولا تراب ثم وجد أحدهما ، وقلنا : يمضي في التي قبلها ، فقيل : تبطل هنا لأنها صلاة بغير طهارة ، والصحيح أنا إن قلنا : لا يعيدها ، مضى فيها ، وإن قلنا : يعيدها ، قطعها ،
nindex.php?page=treesubj&link=32603كالمحبوس في المصر إذا وجد الماء في أثناء صلاته ،
nindex.php?page=treesubj&link=32603والمتيمم من البرد إذا قدر على الماء المسخن في أثناء صلاته ، وكذلك كل من تلزمه الإعادة فإنه يخرج ، ومن لا تلزمه فإنه يمضي . وإن يمم الميت ثم وجد الماء في أثناء
[ ص: 454 ] الصلاة عليه فقيل : يقطع قولا واحدا ، وقيل : هي كالأولى ، وحيث جاز له المضي فهو واجب عليه في أحد الوجهين لأن إبطال الصلاة لا يجوز إلا لواجب .
وقال
الشريف أبو جعفر : القطع أولى لما فيه من الاختلاف ، وكالمكفر إذا انتقل من الصوم إلى العتق ، وإذا خرج الوقت وهو في الصلاة بطل تيممه في أشهر الوجهين ، وكذلك لو خرج الوقت قبل أن يصليها لأن
nindex.php?page=treesubj&link=337خروج الوقت مبطل للتيمم ، كالقدرة على استعمال " الماء " ، والآخر : لا تبطل ؛ بناء على أن التيمم لفعل الصلاة لا لوقتها وأنه يمضي فيها إذا شرع فيها بالتيمم ، ولو قدر على استعمال الماء في أثناء قراءة أو وطء أو لبث في المسجد ، أو مس مصحف ، قطعه ، قولا واحدا ؛ لأن بعضه لا يرتبط ببعض ، وإن كان في أثناء طواف فهو كالصلاة إلا أن نقول : الموالاة فيه ليست واجبة ،
nindex.php?page=treesubj&link=319_1344ومن لم يجد ماء ولا ترابا أو وجدهما وعجز عن الوضوء والتيمم إما لقروح ببدنه ، وإما لعجزه عن فعل الطهارتين وعدم من يطهره - فإنه يصلي على حسب حاله ؛ لما
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014773روت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها " أنها استعارت من nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء قلادة فهلكت ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا في ظنها فوجدوها ، nindex.php?page=treesubj&link=32599فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا بغير وضوء ، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه ، فأنزل الله تعالى آية التيمم " رواه الجماعة إلا
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي .
فصلوا بغير طهارة للضرورة ، فكذلك كل من عجز عن الطهارة ، ولأنه شرط من شرائط الصلاة ، فإذا عدم عجز عنه فعل ما يقدر عليه كسائر الشرائط ، فلا إعادة عليه في إحدى الروايتين ، وفي الأخرى يعيد . اختارها
[ ص: 455 ] القاضي بناء على العذر النادر وقد تقدم ، وبناء على أنه عجز عن الأصل والبدل فلم يسقط الفرض عنه ، كما لو عجز في الكفارات عن الأصول والأبدال . " أما " فعل ما لا يجب من قراءة أو وطء أو مس مصحف أو صلاة نافلة فلا يجوز إلا بطهارة ؛ لأنه لا حاجة إليه ، ولو قيل بجوازه لتوجه بناء على أن التحريم إنما ثبت مع إمكان الطهارة ، ولأن له أن يزيد في الصلاة على أداء الواجب على ظاهر قول أصحابنا حتى لو كان جنبا قرأ بأكثر من الفاتحة ، فكذلك فيما يستحب خارج الصلاة إذا
nindex.php?page=treesubj&link=25487اجتمع حي وميت كلاهما مفتقر إلى الغسل وهناك ماء مبذول لأولاهما به ، فالميت أولى به في أقوى الروايتين ، اختارها
أبو بكر وغيره ، والحائض أولى به في أقوى الوجهين ، ومن عليه نجاسة أولى منهما ، وهو أولى من الميت في أحد الوجهين ، وإن قلنا : الميت أولى من الجنب ، والصحيح أن الميت أولى به بكل حال ؛ لأنه لا ترجى له الطهارة بالماء بعد ذلك ، وإن اجتمع جنب ومحدث والماء يكفي المحدث ولا يفضل منه شيء دون الجنب فهو أولى ، " وإن كان يكفي الجنب لصغر خلقه " ولا يفضل منه شيء أو لا يكفي واحدا منهما أو يكفي المحدث وحده ويفضل منه شيء ، فالجنب أولى ؛ لأن حدثه أغلظ وهو محتاج إلى استعمال الماء كله ، وإن كان يكفي كلا منهما وحده ويفضل منه شيء فهل يقدم المحدث أو الجنب ، أو يتساويان بحيث يقرع الباذل بينهما ، أو يعطيه لمن شاء ؟ على ثلاثة أوجه ، فأما إن كان ملكا لأحد هؤلاء فهو أولى به ، وإن اشتركا اقتسموه واستعمل كل واحد نصيبه ؛ لأنه لا يلزم الرجل بذل ما يحتاج للطهارة لطهارة غيره ، وإن كان الماء مباحا فهو كالمبذول ؛ لأنه " متى وجده أحدهم كان أحوج إليه بمنزلة " المضطر وغيره
[ ص: 456 ] إذا وجد فاكهة مباحة ، وقيل : لا حظ فيه للميت لأنه لا يجد شيئا وإنما يجده الأحياء ، والأول أوجه ؛ لأن تغسيل الميت أوجب على الأحياء ، فإذا وجدوه كان صرفه إلى ما وجب عليهم للميت أولى ، ولأنهم يستفيدون بذلك الصلاة عليه ، ولو بادر المجروح فتطهر به أساء ، وصحت طهارته ، بخلاف الماء المغصوب لأنه لم يملكه أحد ، هكذا ذكر كثير من أصحابنا وحملوا مطلق كلام
أحمد رضي الله عنه على ذلك ، وقد قال
الإمام أحمد في
nindex.php?page=treesubj&link=25487قوم في سفر ومعهم من الماء ما يشربون ومعهم ما يغتسل " به " وقد أصابت رجلا منهم جنابة ومعهم ميت : " أعجب إلي أن يغسل الميت ويتيمم الجنب " فهؤلاء قوم مشتركون في الماء ، وقد يقدم الميت وهو إما أن يكون له نصيب في الماء أو لا يكون له شيء ، وقد قدمه بنصيب الأحياء حتى بنصيب الجنب وهو في نفس هذه المسألة قدم الجنب في رواية أخرى ، وهذا فيما إذا كان الماء مشتركا ؛ لأن نصيب كل واحد لا يكفيه لطهوره ، ولا يستبيح به شيئا بل لا بد من تيممه ، فكان تخصيص واحد بالماء وآخر بالتيمم أولى من تيمم كل واحد وتشقيص طهارته . ألا ترى أن الشرع قد حكم فيما إذا أعتق شقص من عبيد أن يجمع الحرية كلها في شخص واحد والرق في آخر ، لمصلحة تخليص الحرية والملك ، وإن كان فيه إسقاط حق المشترك من الحرية ، وقال أيضا فيمن معه ماء بأرض فلاة وهو جنب ومعه ميت ، إن هو اغتسل بالماء بقي الميت ، وإن غسل الميت بقي هو ، قال : " ما أدري ، ما سمعت في هذا شيئا " وتوقفه هنا يخرج على الروايتين هناك ، وظاهر الرواية أن الميت لا شيء له في الماء ، ووجهه هذا أن تغسيل الميت واجب على الحي من الماء ، الذي يملكه كما يجب اغتساله ، بخلاف الحيين ، وهذا أيضا دلالة على المسألة الأولى .
فَصْلٌ :
وَيَجُوزُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=338يَجْمَعَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ بَيْنَ طَوَافَيْنِ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافٍ مَنْذُورٍ ، وَكَذَلِكَ بَيْنَ صَلَاتَيْ جِنَازَةٍ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، كَالْجَمْعِ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فِي الْوَقْتِ وَأَوْلَى ، وَتَبْطُلُ كَذَلِكَ بِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ كَالتَّيَمُّمِ لِلْفَرِيضَةِ ، وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ لِلنَّافِلَةِ مُقَدَّرٌ بِوَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا بَطَلَ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ بِتَيَمُّمِ الْفَرِيضَةِ ، فَمَا سِوَاهُ
[ ص: 445 ] أَوْلَى ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ
أَحْمَدَ أَنَّهُ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=338_32602صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ بِتَيَمُّمٍ ثُمَّ جِيءَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى حِينَ سَلَّمَ مِنَ الْأُولَى صَلَّى عَلَيْهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَقْتٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ التَّيَمُّمُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْأُخْرَى حَتَّى يُعِيدَ التَّيَمُّمَ ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْجِنَازَةِ وَنَحْوِهِا لَا يَتَقَدَّرُ بِوَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ بِهِ الْمَكْتُوبَةَ ، فَالْفِعْلُ الْمُتَوَاصِلُ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ ، كَتَوَاصُلِ الْوَقْتِ بِالْوَقْتِ لِلْمَكْتُوبَةِ ، فَإِذَا وَجَبَتِ الثَّانِيَةُ بَعْدَ زَمَنٍ يَتَّسِعُ لِلتَّيَمُّمِ صَارَتْ مُسْتَقِلَّةً بِنَفْسِهَا وَانْفَصَلَ وَقْتُهَا عَنْ وَقْتِ الْأُولَى كَصَلَاتَيِ الْوَقْتَيْنِ ، وَعَلَى قِيَاسِ الْمَنْصُوصِ كُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُحَدَّدٌ مِنَ الْعِبَادَاتِ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِمَا ، وَحَمَلَ الْقَاضِي هَذَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ، وَظَاهِرُ الْمَنْصُوصِ خِلَافُهُ ؛ فَعَلَى هَذَا النَّوَافِلُ الْمُؤَقَّتَةُ " كَالْوِتْرِ " وَالْكُسُوفِ وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَصَلَاةِ اللَّيْلِ تَبْطُلُ بِخُرُوجِ وَقْتِ تِلْكَ النَّافِلَةِ ، وَأَمَّا النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كَالْجِنَازَةِ وَنَحْوِهِا يُقَدَّرُ فِيهِ تُوَاصِلُ الْفِعْلَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْتَدَّ وَقْتُهَا إِلَى وَقْتِ النَّهْيِ عَنِ النَّافِلَةِ ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ التَّيَمُّمُ لِلْمَكْتُوبَةِ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِوَقْتِهَا فَيُصَلِّي فِيهِ مَا شَاءَ مِنْ جَنَائِزَ وَنَوَافِلَ لِأَنَّ ذَلِكَ سَبِيلُ التَّبَعِ لِلْمَكْتُوبَةِ .
الشَّرْطُ الثَّالِثُ : ( النِّيَّةُ : فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=323تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ لَمْ يُصَلِّ بِهِ فَرِيضَةً ، وَإِنْ تَيَمَّمَ لِفَرِيضَةٍ فَلَهُ فِعْلُهَا وَفِعْلُ مَا شَاءَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا ) أَمَّا النِّيَّةُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَأَوْكَدُ ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِمُطَهِّرٍ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُطَهِّرًا بِالنِّيَّةِ ، وَلِأَنَّ الْمَسْحَ بِالتُّرَابِ إِذَا خَلَا عَنْ نِيَّةٍ كَانَ عَبَثًا وَتَغْبِيرًا مَحْضًا ، وَقَدْ قِيلَ : لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ بِلَفْظِ الْقَصْدِ بِقَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَتَيَمَّمُوا " وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْقَصْدَ لِلتُّرَابِ لَا لِنَفْسِ الْعِبَادَةِ .
وَصِيغَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=323النِّيَّةِ هُنَا أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَمْنَعُهَا الْحَدَثُ كَالصَّلَاةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ ، فَأَمَّا إِنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ لَمْ يَصِحَّ ، وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ رِوَايَةً : أَنَّهُ يَصِحُّ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ كَالْوُضُوءِ فِي صِحَّةِ بَقَائِهِ إِلَى مَا بَعْدَ الْوَقْتِ ، وَعَلَى هَذَا فَصِفَةُ نِيَّتِهِ كَصِفَةِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ ، أَنْ يَتَيَمَّمَ لِمَا يَجِبُ لَهُ التَّيَمُّمُ
[ ص: 446 ] كَالصَّلَاةِ فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا ، ارْتَفَعَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا ، وَإِنْ نَوَاهُ لِمَا تُسْتَحَبُّ لَهُ النِّيَّةُ فَفِيهِ وَجْهَانِ ، كَالْوُضُوءِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ التَّيَمُّمُ رَافِعًا لِلْحَدَثِ ، بَلْ يَرْفَعُ مَنْعَ الْحَدَثِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ رَفْعِ الْحَدَثِ إِزَالَةُ مَنْعِهِ ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ هُنَا ، فَإِذَا وُجِدَ الْمَاءُ عَادَ الْمَنْعُ ، وَالْتَزَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى هَذَا أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ رَفْعًا مُؤَقَّتًا إِلَى حِينِ وُجُودِ الْمَاءِ ، فَإِذَا وُجِدَ الْمَاءُ عَادَ بِمُوجِبِ السَّبَبِ السَّابِقِ ، كَمَا يَقُولُ : إِنَّ تَخَمُّرَ الْعَصِيرِ يُخْرِجُهُ مِنْ عَقْدِ الرَّهْنِ ، فَإِذَا تَخَلَّلَ عَادَ بِمُوجِبِ الْعَقْدِ السَّابِقِ ، وَكَمَا قُلْنَا فِي طَهَارَةِ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ عَلَى أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ ، وَقَالَ
ابْنُ حَامِدٍ : إِنْ نَوَى بِهِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا صَلَّى بِهِ الْمَكْتُوبَةَ وَإِنْ تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ فَلَا ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا مَا نَوَاهُ وَمَا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014764وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى " وَلِأَنَّ الْحَدَثَ قَائِمٌ لَمْ يَرْتَفِعْ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَإِنَّمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمُ مَا نَوَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِبَاحَةِ الْأَدْنَى إِبَاحَةُ الْأَعْلَى ، فَعَلَى هَذَا إِذَا تَيَمَّمَ لِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ مَفْرُوضَةٍ أَوْ فَائِتَةٍ أَوْ مُطْلَقَةٍ فَعَلَ جَمِيعَ مَا سِوَاهَا ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَكْمَلُ أَنْوَاعِ الْمَمْنُوعَاتِ بِالْحَدَثِ الْمُبَاحَةِ بِالتَّيَمُّمِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً بِالشَّرْعِ أَوِ النَّذْرِ ، وَعَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْحَابِنَا لَا يَسْتَبِيحُ فِعْلَ الْفَرْضِ إِلَّا بِنِيَّةٍ ، وَإِذَا نَوَى نَافِلَةَ الصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ أَوِ الْمُعَيَّنَةٍ فَلَهُ فِعْلُ جَمِيعِ النَّوَافِلِ ، وَالطَّوَافُ فَرْضُهُ وَنَفْلُهُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لِلنَّافِلَةِ أَوْكَدُ لَهَا مِنْهُمَا ؛ لِاشْتِرَاطِهَا لِلصَّلَاةِ إِجْمَاعًا ، وَلَا يُبَاحُ فَرْضُ الْجِنَازَةِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ ، وَلَوْ تَيَمَّمَ لِلْجِنَازَةِ الْوَاجِبَةِ أُبِيحَتِ الصَّلَاةُ النَّافِلَةُ لِأَنَّهَا دُونَهَا ، وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ، إِلَّا أَنَّ
أَحْمَدَ جَعَلَ الطَّهَارَةَ لِنَفْلِ الصَّلَاةِ أَوْكَدَ مِنْهُ لِلْجِنَازَةِ ، وَإِنْ تَيَمَّمَ لِلطَّوَافِ أُبِيحَ لَهُ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَسُّ الْمُصْحَفِ أَوْ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَوِ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَسْتَبِحْ غَيْرَ ذَلِكَ ، وَقِيلَ : يَسْتَبِيحُ بِنِيَّةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةِ وَاللُّبْثِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَاللُّبْثِ
[ ص: 447 ] بِنِيَّةِ الْآخَرِ ، وَهَذَا أَصَحُّ ؛ لِأَنَّ مَا اشْتُرِطَ لَهُ الطَّهَارَةُ أَعْلَى مِمَّا اشْتُرِطَ لَهُ الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى ، وَقَالَ الْقَاضِي يَسْتَبِيحُ بِنِيَّةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ جَمِيعَ النَّوَافِلِ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ نَافِلَةٌ فَهِيَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَلَوْ تَيَمَّمَ الصَّبِيُّ لِصَلَاةٍ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ لِنَافِلَةٍ ، وَلَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ وَبَعْدَهَا . وَعَنْهُ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ قَبْلَهَا إِلَّا السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ لِئَلَّا يَصِيرَ النَّفْلُ مَتْبُوعًا بِخِلَافِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ فَإِنَّ نِيَّةَ الْفَرِيضَةِ تَتَضَمَّنُهَا .
الشَّرْطُ الرَّابِعُ : ( التُّرَابُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=342فَلَا يَتَيَمَّمُ إِلَّا بِتُرَابٍ طَاهِرٍ لَهُ غُبَارٌ ) هَذِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ ؛ الْأَوَّلُ : أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ إِلَّا بِالتُّرَابِ خَاصَّةً ، وَعَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ بِالرَّمْلِ ، وَحَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى رَمْلٍ فِيهِ تُرَابٌ وَأَقَرَّهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى ظَاهِرِهَا ، لِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=16014765أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : إِنَّا نَكُونُ بِالرِّمَالِ الْأَشْهُرَ الثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ وَيَكُونُ فِينَا الْجُنُبُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ وَلَسْنَا نَجِدُ الْمَاءَ فَقَالَ : " عَلَيْكُمْ بِالْأَرْضِ ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ لِوَجْهِهِ ضَرْبَةً وَضَرَبَ الْأُخْرَى فَمَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ " رَوَاهُ
أَحْمَدُ .
وَوَجْهُ الْأَوَّلُ : أَنَّ اللَّهَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : " هُوَ تُرَابُ الْحَرْثِ " وَلَفْظُهُ فِيمَا ذَكَرَ
أَحْمَدُ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014766أَطْيَبُ الصَّعِيدِ أَرْضُ الْحَرْثِ " ، وَمَعْنَى أَرْضِ الْحَرْثِ الْأَرْضُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الشَّجَرُ وَالزَّرْعُ . قَالَ
أَحْمَدُ : " السِّبَاخُ لَا تُنْبِتُ وَالْحَجَرُ لَا يُنْبِتُ وَالْحَرْثُ يُنْبِتُ " ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014767 " فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ : جُعِلَتْ صُفُوفُنَا [ ص: 448 ] كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا ، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا ، إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ " رَوَاهُ
مُسْلِمٌ .
فَلَمَّا خَصَّ التُّرْبَةَ بِالذِّكْرِ بَعْدَ تَعْمِيمِ الْأَرْضِ بِكَوْنِهَا مَسْجِدًا عُلِمَ اخْتِصَاصُهَا بِالْحُكْمِ ، وَحَدِيثُ الرَّمْلِ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ فِيهِ
الْمُثَنَّى بْنَ الصَّبَّاحِ ، ثُمَّ إِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الرِّمَالِ الَّتِي فِيهَا تُرَابٌ ، " لِأَنَّهُ جَاءَ " بِلَفْظٍ آخَرَ " عَلَيْكُمْ بِالتُّرَابِ " فَيَدُلُّ عَلَى الَّذِي فِي الرَّمْلِ إِنَّمَا تَيَمَّمَ بِالتُّرَابِ لِأَنَّ الْعَرَبَ عَادَتُهَا أَنْ تَعْزُبَ إِلَى الْأَرْضِ لَهَا حَشَائِشُ رَطْبَةٌ ، وَإِنَّمَا الْحَشَائِشُ الرَّطْبَةُ فِي الرَّمْلِ الَّذِي يُخَالِطُهُ التُّرَابُ ، وَلِأَنَّ الرَّمْلَ لَا يَلْصَقُ بِالْيَدِ فَأَشْبَهَ الْحَصَاءَ ، وَلِأَنَّ طَهَارَةَ الْوُضُوءِ خُصَّتْ بِالنَّوْعِ الَّذِي " هُوَ " أَصْلُ الْمَائِعَاتِ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=350التَّيَمُّمُ يُخَصُّ بِالنَّوْعِ " الَّذِي " هُوَ أَصْلُ الْجَامِدَاتِ وَهُوَ التُّرَابُ ، فَأَمَّا الْأَرْضُ السَّبِخَةُ فَقَدْ قَالَ
أَحْمَدُ : " أَرْضُ الْحَرْثِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ تَيَمَّمَ مِنْ أَرْضٍ سَبِخَةٍ أَجْزَأَ " ، وَقَالَ أَيْضًا : " مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَوَقَّى السَّبَخَةَ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْمِلْحَ " ، وَقَالَ أَيْضًا : " لَا يُعْجِبُنِي
nindex.php?page=treesubj&link=26971التَّيَمُّمَ بِالسِّبَاخِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي يَدِهِ مِنْهُ شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا " فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ جَعَلَهَا كَالرَّمْلِ ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا إِذَا كَانَ لَهَا غُبَارٌ فَهِيَ كَالتُّرَابِ .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا غُبَارٌ فَهِيَ كَالرَّمْلِ ، وَعَلَى هَذَا يُنَزَّلُ كَلَامُ
أَحْمَدَ ، فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=340عَدِمَ التُّرَابَ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ بِالرَّمْلِ وَالسَّبَخَةِ وَالنُّورَةِ وَالْكُحْلِ وَالزِّرْنِيخِ وَالرَّمَادِ ،
[ ص: 449 ] وَكُلِّ طَاهِرٍ تَصَاعَدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، اخْتَارَهَا
ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014768جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ " .
وَيُحْمَلُ حَدِيثُ
حُذَيْفَةَ عَلَى حَالِ وُجُودِ التُّرَابِ ، وَالْأَحَادِيثُ الْمُطْلَقَةُ عَلَى عَدَمِهِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَزَالُ عِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ وَقَدْ يَعْدَمُ التُّرَابَ فِي أَرْضِ الرِّمَالِ وَالسِّبَاخِ وَغَيْرِهَا ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ أَوِ التُّرَابَ ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، كَمَا لَوْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ وَأَوْلَى ، وَفِي الْأُخْرَى : يُعِيدُ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ إِذَا وَجَدَ التُّرَابَ كَحُكْمِ التَّمَسُّحِ بِالتُّرَابِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ . نَصَّ عَلَيْهِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=342لَا يَتَيَمَّمُ إِلَّا بِالتُّرَابِ ، اخْتَارَهَا
الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ ؛ لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِطَهُورٍ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ لَا يَكُونُ طَهُورًا مَعَ عَدَمِهِ ، كَالْحَشِيشِ وَالْمِلْحِ الْمَائِيِّ ، فَإِنْ خَالَطَ التُّرَابَ مَا لَيْسَ بِطَهُورٍ كَالْكُحْلِ وَالنَّوْرَةِ وَالزِّرْنِيخِ فَخَرَّجَهَا الْقَاضِي عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا ، وَهُوَ اخْتِيَارُ
أَبِي الْخَطَّابِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَاءِ إِذَا خَالَطَتْهُ الطَّاهِرَاتُ ، إِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ لَمْ تُؤَثِّرْ ، وَإِنْ غَيَّرَ اسْمَهُ وَغَلَبَ عَلَى أَجْزَائِهِ مُنِعَ ، وَإِنْ غَيَّرَ بَعْضَ صِفَاتِهِ فَعَلَى رِوَايَتَيِ الْمَاءِ .
وَالثَّانِي ، اخْتَارَهُ
ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ : يُمْنَعُ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَصَلَ فِي الْعُضْوِ فَمَنَعَ وُصُولَ التُّرَابِ إِلَيْهِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ غُبَارٌ يَعْلَقُ " كَا ...." وَنُخَالَةِ الذَّهَبِ فَلَا يُؤَثِّرُ مَا لَمْ يَمْنَعْ وُصُولَ غُبَارِ التُّرَابِ إِلَى جَمِيعِ الْيَدِ ، وَإِذَا خَالَطَ الرَّمْلُ التُّرَابَ ، وَقُلْنَا : لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ ، فَهَلْ يُمْنَعُ
nindex.php?page=treesubj&link=342التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ .
[ ص: 450 ] الشَّرْطُ الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا لِأَنَّ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6صَعِيدًا طَيِّبًا ) وَالطِّيِّبُ هُوَ الطَّاهِرُ .
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ : أَنَّ نَزْعَ الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ يُبْطِلُ الْوُضُوءَ فَيُبْطِلُ التَّيَمُّمَ كَسَائِرِ النَّوَاقِضِ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْخُفَّ تَتَعَدَّى إِلَيْهِ طَهَارَةُ التَّيَمُّمِ حُكْمًا كَمَا تَتَعَدَّى إِلَى سَائِرِ الْبَدَنِ ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْعُضْوَيْنِ قَائِمٌ مَقَامَ تَطْهِيرِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ ، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ خُفَّانِ فَكَأَنَّهُ فِي الْحُكْمِ مَسَحَ عَلَيْهِمَا ، وَلِأَنَّ الْحَدَثَ قَائِمٌ بِالرِّجْلَيْنِ وَإِنَّمَا اسْتَبَاحَ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ سَتْرِهِمَا ، إِذَا ظَهَرَتَا ظَهَرَ حُكْمُ الْحَدَثِ فَيَحْتَاجُ إِلَى تَيَمُّمٍ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ اللُّبْسِ ثُمَّ خَلَعَ لَمْ يَنْتَقِضْ تَيَمُّمُهُ . وَيَزِيدُ التَّيَمُّمُ عَلَى الْمَاءِ بِشَيْئَيْنِ ؛ أَحَدُهُمَا : أَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ يُبْطِلُهَا فِي الْمَشْهُورِ لِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ ، وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ إِلَّا بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُخَاطَبُ بِتَجْدِيدِ التَّيَمُّمِ ، فَعَلَى هَذَا يُصَلِّي الضُّحَى بِتَيَمُّمِ الْفَجْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الرِّوَايَتَانِ الْأُخْرَيَانِ .
الثَّانِي : الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ إِمَّا أَنْ يَجِدَهُ إِنْ كَانَ عَادِمًا أَوْ يَقْدِرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ إِنْ كَانَ مَرِيضًا ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014769الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسُّهُ بَشَرَتَهُ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ " ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ، ثُمَّ إِنْ وَجَدَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ بَطَلَ التَّيَمُّمُ قَوْلًا وَاحِدًا ، وَكَذَلِكَ إِنْ رَأَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَاءِ أَوْ ظَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ وَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ بَطَلَ أَيْضًا فَلَا يُصَلِّي بِهِ صَلَاةً أُخْرَى ، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ أَيْضًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ .
[ ص: 451 ] وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَقُولُ : يَمْضِي فِيهَا وَلَا يُبْطِلُهَا ، فَحَمَلَ
الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ الْمَسْأَلَةَ قَوْلًا وَاحِدًا ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْهُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ ، وَأَثْبَتَ
ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ قَالَهُ بِاجْتِهَادٍ فَلَا يَنْتَقِضُ بِاجْتِهَادٍ ثَانٍ بِخِلَافِ نَسْخِ الشَّارِعِ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ رِوَايَةٍ عُلِمَ الرُّجُوعُ عَنْهَا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ حَالٌ لَا يَجِبُ فِيهَا اسْتِعْمَالُهُ كَمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ ، وَلِأَنَّهُ عَمَلٌ صَحَّ بِالْبَدَلِ فَلَا يَبْطُلُ بِوُجُودِ الْمُبْدَلِ عَنْهُ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ بِشُهُودِ الْفَرْعِ لَا يَبْطُلُ بِوُجُودِ شُهُودِ الْأَصْلِ ، وَلِأَنَّهُ وَجَدَ الْمُبْدَلَ مِنْهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْبَدَلِ ، فَلَمْ يَجِبِ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْأَصْلَ الْهَدْيَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي صَوْمِ الْمُتَمَتِّعِ ، أَوِ الرَّقَبَةَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ ، وَلِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْوُضُوءِ إِلَّا بِإِبْطَالِ الصَّلَاةِ ، وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=33وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ) وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ الْحَدَثُ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا إِلَّا بِاسْتِيقَانِ الْحَدَثِ . فَعَلَى هَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْهَا لِنَجَاسَةٍ أَصَابَتْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعِيدَهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ ؛ قَوْلًا وَاحِدًا ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا مَا يَكْفِيهِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَعَادَ التَّيَمُّمَ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ بَطَلَ بِطَلَبِ الْمَاءِ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=336نَوَى الْإِقَامَةَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ رَأَى الْمَاءَ لَمْ تَبْطُلِ الصَّلَاةُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ ، وَإِنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ ، قَالَهُ الْقَاضِي ، فَعَلَى هَذَا إِنْ قُلْنَا : لَا يَتَيَمَّمُ فِي الْحَضَرِ أَوْ يُعِيدُ ، بَطَلَتْ هُنَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014770الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ بَشَرَتَكَ " وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْحَدِيثِ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014771وَجُعِلَتْ لَنَا تُرْبَتُهَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ " .
[ ص: 452 ] فَجَعَلَهُ طَهُورًا بِشَرْطِ عَدَمِ الْمَاءِ ، وَالْحُكْمُ الْمَشْرُوطُ بِشَرْطٍ يَزُولُ بِزَوَالِهِ ، وَأَمَرَ بِأَنْ يُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ إِذَا وَجَدَهُ ، وَهَذَا يَعُمُّ الْمُصَلِّيَ وَغَيْرَهُ ، وَلَوِ افْتَرَقَ الْحُكْمُ لَبَيَّنَهُ وَلِأَنَّ مَا أَبْطَلَ الطَّهَارَةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَبْطَلَهَا فِي الصَّلَاةِ كَسَائِرِ النَّوَاقِضِ ، وَتَقْرِيبُ الشَّبَهِ أَنَّ هَذِهِ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ ، وَرُؤْيَةُ الْمَاءِ تُبْطِلُهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ ، فَكَذَلِكَ دَاخِلَهَا ، كَانْقِطَاعِ دَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَانْتِهَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ ، وَلِأَنَّهُ قَدْ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ فَلَزِمَهُ الْخُرُوجُ مِنَ الصَّلَاةِ ، كَمَا لَوْ كَانَ مُقِيمًا أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ تَيَمُّمَهُ بَطَلَ مَعَ قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014772الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ " أَنَّهُ لَوْ مَضَى فِيهَا وَلَمْ يَفْرَغْ حَتَّى عَدِمَ الْمَاءَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ حَتَّى يَتَيَمَّمَ ، مَعَ قَوْلِنَا : يَمْضِي فِيهَا ، عَلَى أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ ، وَكَذَلِكَ فِي الْمَشْهُورِ : لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فِي التَّنَفُّلِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يَنْوِهِ عَدَدًا ، وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ فَرْضٌ كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ لَزِمَهُ فِعْلُهُ ، كَالْعَارِي إِذَا وَجَدَ الثَّوْبَ وَالْمَرِيضِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا يَجِبُ فِيهَا الطَّلَبُ فَإِنَّمَا ذَاكَ إِذَا شَكَّ فِي وُجُودِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِيَقِينٍ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِشَكٍّ ، كَالَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ الْحَدَثُ ، فَأَمَّا إِنْ رَأَى مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْمَاءِ مِثْلَ رَكْبٍ لَا يَخْلُونَ مِنْ مَاءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، لَزِمَهُ الطَّلَبُ ، فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ التَّيَمُّمَ . وَشُهُودُ الْفَرْعِ قَدْ تَمَّ الْعَمَلُ الْمَقْصُودُ بِهِمْ فَنَظِيرُهُ هُنَا أَنْ يَجِدَ الْمَاءَ بَعْدَ الْفَرَاغِ .
وَنَظِيرُ مَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شُهُودِ الْفَرْعِ فِي أَثْنَاءِ كَلِمَةِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِهِمْ ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : وَجَدَ الْمُبْدَلَ مِنْهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْبَدَلِ هُنَا ، هُوَ التَّيَمُّمُ وَلَيْسَ هُوَ الصَّلَاةَ ، فَلَا يَصِحُّ الْوَصْفُ فِي الْفَرْعِ ، وَإِنْ قَالُوا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ بِالْبَدَلِ ، لَمْ يَصِحَّ الْأَصْلُ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ إِذَا شَرَعَ هُنَا فِي الْبَدَلِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ ثُمَّ وَجَدَ الْمُبْدَلَ وَهُوَ الْمَاءُ انْتَقَلَ إِجْمَاعًا .
[ ص: 453 ] وَثَالِثُهَا : إِنَّ وُجُودَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ هُنَا يُبْطِلُ الْبَدَلَ فَلَا يُمْكِنُ إِتْمَامُهُ وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ ، وَهُنَاكَ وُجُودُ الرَّقَبَةِ وَالْهَدْيِ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ ، فَأَمْكَنَ إِجْزَاؤُهُ ، فَنَظِيرُ هَذَا بَدَلٌ يَفْسُدُ بِوُجُودِ مُبْدَلِهِ .
وَرَابِعُهَا : أَنَّهُ مُنْتَقِضٌ بِالصَّغِيرَةِ إِذَا اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ ثُمَّ حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا لِتَنْتَقِلَ إِلَى الْمُبْدَلِ وَهُوَ الْأَقْرَاءُ ، وَهَذَا نَصُّ
أَحْمَدَ ، وَإِلْحَاقُ مَسْأَلَتِنَا بِهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْعِدَّةَ وَالصَّلَاةَ يُبْنَى آخِرُهُمَا عَلَى أَوَّلِهِمَا فَتَفْسُدُ بِفَسَادِهِ بِخِلَافِ الصِّيَامِ ، وَأَمَّا إِبْطَالُ الصَّلَاةِ هُنَا فَهُوَ لَمْ يُبْطِلْهَا وَإِنَّمَا بَطَلَتْ بِحُكْمِ الشَّرْعِ ، كَمَا لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ أَوْ وَجَدَ السُّتْرَةَ يُعِيدُ مِنْهُ ، وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ أَبْطَلَهَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لِيَأْتِيَ بِهَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَحْذُورًا ، فَإِذَا قُلْنَا : يَخْرُجُ ، فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ بَعْدَ وُضُوئِهِ فِي الْمَنْصُوصِ ، وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ رِوَايَةً : أَنَّهُ يَتَطَهَّرُ وَيَبْنِي كَمَا يَقُولُ فِيمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَفَرَّقَ آخَرُونَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ بِأَنَّ هَذَا كَانَ الْمَانِعُ مَوْجُودًا حِينَ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ ، وَهُوَ الْحَدَثُ ، وَإِنَّمَا جَازَتِ الصَّلَاةُ مَعَهُ بِالتَّيَمُّمِ إِذَا كَمُلَ مَقْصُودُهُ ، وَهُنَا لَمْ يَكْمُلِ الْمَقْصُودُ فَيَبْقَى الْمَانِعُ بِحَالِهِ ، بِخِلَافِ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ ، وَكَذَلِكَ الطَّرِيقَانِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32560الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ ، وَمَنِ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ عَارِيًا ثُمَّ وَجَدَ السُّتْرَةَ يُعِيدُ مِنْهُ ، وَكَذَلِكَ الْمَاسِحُ إِذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ إِنْ قُلْنَا : الْمَسْحُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ ، وَإِنْ قُلْنَا : يَرْفَعُهُ ، فَهُوَ كَالْحَدَثِ السَّابِقِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَغَيْرِهِمَا ، وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَبْنِيَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ كَانَ يَخَافُ أَنَّهُ إِنْ خَرَجَ وَتَطَهَّرَ فَاتَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِي السَّفَرِ لَمْ يَخْرُجْ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَضَرِ خَرَجَ كَمَا لَوْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ ، وَمَنْ صَلَّى بِلَا مَاءٍ وَلَا تُرَابٍ ثُمَّ وَجَدَ أَحَدَهُمَا ، وَقُلْنَا : يَمْضِي فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، فَقِيلَ : تَبْطُلُ هُنَا لِأَنَّهَا صَلَاةٌ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّا إِنْ قُلْنَا : لَا يُعِيدُهَا ، مَضَى فِيهَا ، وَإِنْ قُلْنَا : يُعِيدُهَا ، قَطَعَهَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=32603كَالْمَحْبُوسِ فِي الْمِصْرِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=32603وَالْمُتَيَمِّمُ مِنَ الْبَرْدِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ الْمُسَخَّنِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ ، وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ فَإِنَّهُ يَمْضِي . وَإِنْ يَمَّمَ الْمَيِّتَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ
[ ص: 454 ] الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقِيلَ : يَقْطَعُ قَوْلًا وَاحِدًا ، وَقِيلَ : هِيَ كَالْأُولَى ، وَحَيْثُ جَازَ لَهُ الْمُضِيُّ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ إِبْطَالَ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِوَاجِبٍ .
وَقَالَ
الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ : الْقَطْعُ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ ، وَكَالْمُكَفِّرِ إِذَا انْتَقَلَ مِنَ الصَّوْمِ إِلَى الْعِتْقِ ، وَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=337خُرُوجَ الْوَقْتِ مُبْطِلٌ لِلتَّيَمُّمِ ، كَالْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ " الْمَاءِ " ، وَالْآخَرُ : لَا تَبْطُلُ ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ لَا لِوَقْتِهَا وَأَنَّهُ يَمْضِي فِيهَا إِذَا شَرَعَ فِيهَا بِالتَّيَمُّمِ ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ لُبْثٍ فِي الْمَسْجِدِ ، أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ ، قَطَعَهُ ، قَوْلًا وَاحِدًا ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ لَا يَرْتَبِطُ بِبَعْضٍ ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافٍ فَهُوَ كَالصَّلَاةِ إِلَّا أَنْ نَقُولَ : الْمُوَالَاةُ فِيهِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً ،
nindex.php?page=treesubj&link=319_1344وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا أَوْ وَجَدَهُمَا وَعَجَزَ عَنِ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ إِمَّا لِقُرُوحٍ بِبَدَنِهِ ، وَإِمَّا لِعَجْزِهِ عَنْ فِعْلِ الطَّهَارَتَيْنِ وَعَدِمَ مَنْ يُطَهِّرُهُ - فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ ؛ لِمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014773رَوَتْ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالًا فِي ظَنِّهَا فَوَجَدُوهَا ، nindex.php?page=treesubj&link=32599فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ التَّيَمُّمِ " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيَّ .
فَصَلَّوْا بِغَيْرِ طَهَارَةٍ لِلضَّرُورَةِ ، فَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الطَّهَارَةِ ، وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ مِنْ شَرَائِطِ الصَّلَاةِ ، فَإِذَا عُدِمَ عَجَزَ عَنْهُ فَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الشَّرَائِطِ ، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَفِي الْأُخْرَى يُعِيدُ . اخْتَارَهَا
[ ص: 455 ] الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى الْعُذْرِ النَّادِرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ، وَبِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَجَزَ عَنِ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ فَلَمْ يَسْقُطِ الْفَرْضُ عَنْهُ ، كَمَا لَوْ عَجَزَ فِي الْكَفَّارَاتِ عَنِ الْأُصُولِ وَالْأَبْدَالِ . " أَمَّا " فِعْلُ مَا لَا يَجِبُ مِنْ قِرَاءَةٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ أَوْ صَلَاةِ نَافِلَةٍ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِطَهَارَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ ، وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِهِ لَتَوَجَّهَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ إِنَّمَا ثَبَتَ مَعَ إِمْكَانِ الطَّهَارَةِ ، وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا حَتَّى لَوْ كَانَ جُنُبًا قَرَأَ بِأَكْثَرَ مِنَ الْفَاتِحَةِ ، فَكَذَلِكَ فِيمَا يُسْتَحَبُّ خَارِجَ الصَّلَاةِ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=25487اجْتَمَعَ حَيٌّ وَمَيِّتٌ كِلَاهُمَا مُفْتَقِرٌ إِلَى الْغُسْلِ وَهُنَاكَ مَاءٌ مَبْذُولٌ لِأَوْلَاهُمَا بِهِ ، فَالْمَيِّتُ أَوْلَى بِهِ فِي أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ ، اخْتَارَهَا
أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ ، وَالْحَائِضُ أَوْلَى بِهِ فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ ، وَمَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَوْلَى مِنْهُمَا ، وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْمَيِّتِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، وَإِنْ قُلْنَا : الْمَيِّتُ أَوْلَى مِنَ الْجُنُبِ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْلَى بِهِ بِكُلِّ حَالٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا تُرْجَى لَهُ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِنِ اجْتَمَعَ جُنُبٌ وَمُحْدِثٌ وَالْمَاءُ يَكْفِي الْمُحْدِثَ وَلَا يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ دُونَ الْجُنُبِ فَهُوَ أَوْلَى ، " وَإِنْ كَانَ يَكْفِي الْجُنُبَ لِصِغَرِ خَلْقِهِ " وَلَا يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا يَكْفِي وَاحِدًا مِنْهُمَا أَوْ يَكْفِي الْمُحْدِثَ وَحْدَهُ وَيَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ ، فَالْجُنُبُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ أَغْلَظُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ كُلِّهِ ، وَإِنْ كَانَ يَكْفِي كُلًّا مِنْهُمَا وَحْدَهُ وَيَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْمُحْدِثُ أَوِ الْجُنُبُ ، أَوْ يَتَسَاوَيَانِ بِحَيْثُ يُقْرِعُ الْبَاذِلُ بَيْنَهُمَا ، أَوْ يُعْطِيهِ لِمَنْ شَاءَ ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِلْكًا لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ ، وَإِنِ اشْتَرَكَا اقْتَسَمُوهُ وَاسْتَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الرَّجُلُ بَذْلَ مَا يَحْتَاجُ لِلطَّهَارَةِ لِطَهَارَةِ غَيْرِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُبَاحًا فَهُوَ كَالْمَبْذُولِ ؛ لِأَنَّهُ " مَتَى وَجَدَهُ أَحَدُهُمْ كَانَ أَحْوَجَ إِلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ " الْمُضْطَرِّ وَغَيْرِهِ
[ ص: 456 ] إِذَا وَجَدَ فَاكِهَةً مُبَاحَةً ، وَقِيلَ : لَا حَظَّ فِيهِ لِلْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ شَيْئًا وَإِنَّمَا يَجِدُهُ الْأَحْيَاءُ ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ ؛ لِأَنَّ تَغْسِيلَ الْمَيِّتِ أَوْجَبُ عَلَى الْأَحْيَاءِ ، فَإِذَا وَجَدُوهُ كَانَ صَرْفُهُ إِلَى مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ لِلْمَيِّتِ أَوْلَى ، وَلِأَنَّهُمْ يَسْتَفِيدُونَ بِذَلِكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ بَادَرَ الْمَجْرُوحُ فَتَطَهَّرَ بِهِ أَسَاءَ ، وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ ، بِخِلَافِ الْمَاءِ الْمَغْصُوبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ أَحَدٌ ، هَكَذَا ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَحَمَلُوا مُطْلَقَ كَلَامِ
أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَقَدْ قَالَ
الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=25487قَوْمٍ فِي سَفَرٍ وَمَعَهُمْ مِنَ الْمَاءِ مَا يَشْرَبُونَ وَمَعَهُمْ مَا يُغْتَسَلُ " بِهِ " وَقَدْ أَصَابَتْ رَجُلًا مِنْهُمْ جَنَابَةٌ وَمَعَهُمْ مَيِّتٌ : " أَعْجَبُ إِلَيَّ أَنْ يُغْسَلَ الْمَيِّتُ وَيَتَيَمَّمَ الْجُنُبُ " فَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُشْتَرِكُونَ فِي الْمَاءِ ، وَقَدْ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْمَاءِ أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ ، وَقَدْ قَدَّمَهُ بِنَصِيبِ الْأَحْيَاءِ حَتَّى بِنَصِيبِ الْجُنُبِ وَهُوَ فِي نَفْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدَّمَ الْجُنُبَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ، وَهَذَا فِيمَا إِذَا كَانَ الْمَاءُ مُشْتَرَكًا ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ لَا يَكْفِيهِ لِطُهُورِهِ ، وَلَا يَسْتَبِيحُ بِهِ شَيْئًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَيَمُّمِهِ ، فَكَانَ تَخْصِيصُ وَاحِدٍ بِالْمَاءِ وَآخَرَ بِالتَّيَمُّمِ أَوْلَى مِنْ تَيَمُّمِ كُلِّ وَاحِدٍ وَتَشْقِيصِ طَهَارَتِهِ . أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّرْعَ قَدْ حَكَمَ فِيمَا إِذَا أُعْتِقَ شِقْصٌ مِنْ عَبِيدٍ أَنْ يَجْمَعَ الْحُرِّيَّةَ كُلَّهَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ وَالرِّقَّ فِي آخَرَ ، لِمَصْلَحَةِ تَخْلِيصِ الْحُرِّيَّةِ وَالْمِلْكِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِسْقَاطُ حَقِّ الْمُشْتَرَكِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ ، وَقَالَ أَيْضًا فِيمَنْ مَعَهُ مَاءٌ بِأَرْضِ فَلَاةٍ وَهُوَ جُنُبٌ وَمَعَهُ مَيِّتٌ ، إِنْ هُوَ اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ بَقِيَ الْمَيِّتُ ، وَإِنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ بَقِيَ هُوَ ، قَالَ : " مَا أَدْرِي ، مَا سَمِعْتُ فِي هَذَا شَيْئًا " وَتَوَقُّفُهُ هُنَا يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ هُنَاكَ ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْمَاءِ ، وَوَجْهُهُ هَذَا أَنَّ تَغْسِيلَ الْمَيِّتِ وَاجِبٌ عَلَى الْحَيِّ مِنَ الْمَاءِ ، الَّذِي يَمْلِكُهُ كَمَا يَجِبُ اغْتِسَالُهُ ، بِخِلَافِ الْحَيِّينَ ، وَهَذَا أَيْضًا دَلَالَةٌ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى .