الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
15617 [ ص: 193 ] 6866 - (16047) - (3\496) عن ابن عبد الله بن أنيس، عن أبيه، قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إنه قد بلغني أن خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني، وهو بعرنة، فأته فاقتله "، قال : قلت : يا رسول الله، انعته لي حتى أعرفه، قال : " إذا رأيته وجدت له إقشعريرة " قال : فخرجت متوشحا بسيفي حتى وقعت عليه، وهو بعرنة مع ظعن يرتاد لهن منزلا، وحين كان وقت العصر، فلما رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإقشعريرة فأقبلت نحوه، وخشيت أن يكون بيني وبينه محاولة تشغلني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي الركوع، والسجود، فلما انتهيت إليه قال : من الرجل؟ قلت : رجل من العرب سمع بك، وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لهذا، قال : أجل أنا في ذلك، قال : فمشيت معه شيئا حتى إذا أمكنني حملت عليه السيف حتى قتلته، ثم خرجت، وتركت ظعائنه مكبات عليه، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني فقال : " أفلح الوجه " قال : قلت : قتلته يا رسول الله، قال : " صدقت " قال : ثم قام معي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بي بيته فأعطاني عصا، فقال : " أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس " قال : فخرجت بها على الناس فقالوا : ما هذه العصا؟ قال : قلت : أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرني أن أمسكها، قالوا : أولا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله عن ذلك؟ قال : فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت : يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا؟ قال : " آية بيني وبينك يوم القيامة، إن أقل الناس المتخصرون يومئذ" قال : ، " فقرنها عبد الله بسيفه فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فصبت معه في كفنه "، ثم دفنا جمعا .

التالي السابق


* قوله : "بعرفة" : هي موقف الحاج ، وفي بعض النسخ : "بعرنة" : - بضم عين وفتح راء ونون - ، وهي اسم موضع بعرفة .

* "إقشعريرة" : المشهور : قشعريرة ، بلا ألف ، وهي قيام الشعر على الجلد .

[ ص: 194 ] * "مع ظعن" : ضبط - بضمتين - ; أي : نساء راكبات .

* "يرتاد" : يطلب .

* "وحين كان وقت العصر" : أي : وصلت إليه ، أو وقعت عليه ، ففيه تقدير تركه; اعتمادا على السابق .

* "محاولة" : - بالحاء المهملة - : طلب الشيء بحيلة .

* "أومئ" : استدل به أبو داود على جواز ذلك للطالب ، ويلزم منه مثله للمطلوب بالأولى .

* "مكبات" : أي : ساقطات باكيات ، اسم فاعل من أكب - بتشديد الباء - .

* "المتخصرون" : المتخصر : من يمسك العصا بيده ، وقد يتكئ عليها ، قيل : المراد ها هنا : هم الذين يأتون ومعهم أعمال صالحة يتكئون عليها ، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية