الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
16257 7183 - (16698) - (4\76) عن كلثوم بن جبر ، قال : كنا بواسط القصب عند عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال : فإذا عنده رجل يقال له : أبو الغادية ، استسقى ماء ، فأتي بإناء مفضض ، فأبى أن يشرب ، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر هذا الحديث " لا ترجعوا بعدي كفارا أو ضلالا - شك ابن أبي عدي - يضرب بعضكم رقاب بعض " فإذا رجل يسب فلانا ، فقلت : والله لئن أمكنني الله منك في كتيبة. فلما كان يومصفين إذا أنا به وعليه درع قال : ففطنت إلى الفرجة في جربان الدرع. فطعنته ، فقتلته ، فإذا هو عمار بن ياسر ، قال : قلت : وأي يد كفتاه يكره أن يشرب في إناء مفضض ، وقد قتل عمار بن ياسر ؟!

التالي السابق


* قوله : "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" : وكان محبا لعثمان ، ولأجله قتل عمارا؟ فإنه سمع منه يقع في عثمان بالمدينة ، فتوعده بالقتل ، وقال له : لئن أمكنني الله منك ، لأفعلن ، وكان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول : قاتل عمار بالباب ، يتبجح بذلك ، وانظر إلى العجب روى عن [ ص: 464 ] النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن القتل ، ثم يقتل مثل عمار! وجاء أنه أخبر بذلك عمرا ، فقال له عمرو : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "قاتل عمار وسالبه في النار" ، فقيل لعمرو : فكيف تقاتله؟ فقال : إنما قال : قاتله وسالبه ، والله تعالى أعلم .

* قوله : "بواسط القصب" : - بالإضافة - .

* "فلانا" : أي : عثمان .

* "لئن أمكنني الله" : الجزاء مقدر; أي : لأقتلنك .

* "إلى الفرجة" : ضبط - بفتح فسكون - ، وهي التفصي من الهم; أي : التخلص منه; أي : رأيت أن الذي يخلصني من هم قتله هو الطعن في جربان الدرع .

وفي "القاموس" : . الفرجة - مثلثة - : التفصي من الهم ، انتهى .

وأما الفرجة - بضم فسكون - ، فهو بمعنى الانفراج; كفرجة الحائط ، وهذا يمكن أن يكون بهذا المعنى .

* "في جربان الدرع" - بضمتين وتشديد الباء - : قرابه .

* "وأي يد كفتاه" : - الكاف للتشبيه - والمضاف مقدر; أي : كيد فتى ، ويحتمل أن المراد باليد : القوي ، فلا حاجة إلى تقدير مضاف; أي : أي رجل مثلك تراعي الدين على هذا الوجه ، وقد قتلت عمارا الذي وقع في عثمان; كأنه يمدحه ، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية