الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة

" ويمنع عشرة أشياء : فعل الصلاة ووجوبها وفعل الصيام ، والطواف وقراءة القرآن ومس المصحف ، واللبث في المسجد والوطء في الفرج وسنة الطلاق والاعتداد بالأشهر ، ويوجب الغسل والبلوغ والاعتداد به ، فإذا انقطع الدم أبيح فعل الصيام والطلاق ولم يبح سائرها حتى تغتسل ، ويجوز الاستمتاع من الحائض بما دون الفرج لقول النبي صلى الله عليه وسلم " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " .

في هذا الكلام فصول ، أحدها : أن الحائض لا يحل لها أن تصلي ولا تصوم فرضا ولا نفلا ، فإذا طهرت وجب عليها قضاء الصوم المفروض دون [ ص: 458 ] الصلاة ، وهذا مما اجتمعت عليه الأمة . وقد روى الجماعة عن معاذة العدوية ، قالت : سألت عائشة فقلت لها : ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحرورية أنت ؟ فقالت : لست بحرورية ولكني أسأل ، فقالت : " كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة " ومعنى قولها : أحرورية أنت ، الإنكار عليها أن تكون من أهل حروراء وهي مكان ينتسب إليه الخوارج ، وإنما قالت ذلك لأن من الخوارج من كان يأمرها بقضاء الصلاة لفرط تعمقهم في الدين حتى مرقوا منه .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أليست إحداكن إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟ قلن : بلى " متفق عليه . وقال للمستحاضة " إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة " والصوم واجب في ذمتها حين الحيض ، وكذلك على المسافر ، وكل من لزمته العبادة قضاء فإنها وجبت في ذمته كما يجب الدين المؤجل في ذمة المدين ، وكذلك يفعلها قضاء لكن ذلك مشروط بالتمكن منها فيما بعد ، فإن مات قبل التمكن لم يكن عاصيا ، فإذا انقطع دمها صح الصوم في المعروف من المذهب كما يصح صوم الجنب ؛ لأن الطهارة غير مشروطة للصوم ولم تصح صلاتها لكن تجب في ذمتها لأنها صارت قادرة على فعلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية