الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وزكيت عين [ ص: 76 ] وقفت للسلف ، كنبات ، وحيوان ، أو نسله على مساجد ، أو غير معينين : كعليهم ، إن تولى المالك تفرقته ، [ ص: 77 ] وإلا إن حصل لكل نصاب وفي إلحاق ولد فلان بالمعينين أو غيرهم : قولان

التالي السابق


( وزكيت ) بضم فكسر مثقلا ( عين ) دنانير أو دراهم . [ ص: 76 ]

( وقفت ) بضم فكسر أي : حبست العين على معينين أو غيرهم ( للسلف ) بفتح السين واللام أي : ليتسلفها المحتاج لقضاء حاجته بها ويرد مثلها ومر عليها حول من ملكها ، أو زكاتها وهي بيد واقفها أو الناظر عليها أو بعضه ، وهي بيد أحدهما وبعضه وهي بيد متسلف رد مثلها قبل تمام عام فيزكيها واقفها أو الناظر إن كانت نصابا أو أقل ، وللواقف ما يتمه ; إذ وقفها لم يخرجها عن ملك واقفها . فإن تسلفها أحد ولم يردها إلا بعد عام فيزكيها من ذكر بعد قبضها منه لعام واحد . ولو أقامت عند المدين سنين ويزكيها المدين كل عام إن كان عنده ما يجعله في مقابلة الدين وإلا فلا .

وشبه في التزكية فقال ( كنبات ) خارج من زرع حب وقف ليزرع كل عام في أرض مملوكة أو مستأجرة أو مباحة . ويفرق ما زاد من الخارج على القدر الموقوف على معينين أو غيرهم ويبقى منه القدر الموقوف ليزرع في العام القابل وهكذا ، فإن كان الخارج نصابا ولو بالضم لما لم يوقف من مال الواقف زكاه الواقف أو الناظر قبل قسمه . وكذا ثمر الحوائط الموقوفة .

( وحيوان ) أي نعم وقف ليفرق لبنه أو صوفه أو ليحمل عليه أو يركب في سبيل الله ونسله تبع له ولو سكت عنه واقفه ( أو ) لتفرقة ( نسله ) أي الحيوان ( على مساجد ) أو ربط أو قناطر ( أو ) على آدميين ( غير معينين ) كالفقراء والمجاهدين وبني تميم راجعان للنبات وللحيوان الموقوف لتفرقة نسله لا للحيوان الموقوف لتفرقة غلته ، إذ التفصيل الذي ذكره المصنف لم يقله أحد فيه .

وشبه في التزكية على ملك الواقف فقال ( ك ) النبات والحيوان الموقوف لتفرقة خارجه أو نسله ( عليهم ) أي : المعينين ( إن تولى المالك تفرقته ) وسقيه وعلاجه بنفسه أو نائبه ، فلو قال : إن تولى المالك القيام به لكان أولى بأن كان الحب الموقوف تحت يد واقفه يزرعه ويعالجه حتى يثمر فيفرقه على المعينين ، أو الحيوان الموقوف تحت يده يقوم به [ ص: 77 ] حتى يحصل نسله فيفرقه عليهم فيزكي جملته إن كانت نصابا ولو بالضم لماله غير الموقوف سواء كان يحصل لكل واحد من المعينين نصاب أم لا .

( وإلا ) أي : وإن لم يتول المالك القيام بالنبات أو الحيوان الموقوف تولاه المعينون الموقوف عليهم وصاروا يزرعون ويقتسمون الخارج ويخدمون الحيوان ويقتسمون نسله فلا تزكى جملته على ملك واقفه و ( إن حصل لكل ) من المعينين ( نصاب ) من الخارج أو من النسل بالقسمة فيزكيه وإلا فلا ما لم يكن له ما يضمه له ويكمل به النصاب . هذا حكم الحيوان الموقوف لتفرقة نسله ، وأما الحيوان الموقوف لتفرقة غلته أو لحمل أو الركوب عليه على معينين أو غيرهم فتزكى جملته على ملك واقفه إن كان نصابا ، ولو بضمه لما لم يوقف سواء تولى المالك القيام به أم لا .

ثم ما ذكره المصنف من التفصيل ضعيف والمذهب أن النبات والحيوان الموقوف للنسل والخارج تزكى جملتهما على ملك الواقف إن كانت نصابا ، ولو بالضم كان على معينين أو غيرهم تولاهما الواقف أم لا . والتفصيل الذي ذكره المصنف تبع فيه تشهير ابن الحاجب مع قوله في توضيحه لم أر من صرح بمشهوريته كما فعل المؤلف ، ونسبه في الجواهر لابن القاسم ، ونسبه اللخمي وغيره لابن المواز اقتصر عليه التونسي واللخمي . ثم قيد اللخمي ما ذكره من اعتبار الأنصباء في المعينين بما إذا كانوا يسقون ويلون النظر له ; لأنها طابت على أملاكهم ، وتبعه المؤلف في هذا القيد ، وأما مقابل ما درج عليه من التفصيل فهو لسحنون والمدنيين ، وفهم صاحب المقدمات وأبو عمر أن المدونة عليه .

( وفي إلحاق ) الحبس على ( ولد فلان ) كزيد ( ب ) الحبس على ( المعينين ) في التفصيل بين تولي الواقف أو نائبه للقيام به وتوليهم ذلك نظرا إلى تعين الأب ، فتزكى جملته على ملك الواقف إن تولاه وإلا زكى من نابه نصاب ( أو ) إلحاق ولد فلان ب ( غيرهم ) أي المعينين نظرا إلى أنفسهم ( قولان ) لم يطلع المصنف على أرجحية أحدهما [ ص: 78 ] وهما مبنيان على التفصيل الذي ذكره المصنف ، وقد علمت ضعفه .




الخدمات العلمية