الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      914 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة لها أعلام فقال شغلتني أعلام هذه اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانيته حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن يعني ابن أبي الزناد قال سمعت هشاما يحدث عن أبيه عن عائشة بهذا الخبر قال وأخذ كرديا كان لأبي جهم فقيل يا رسول الله الخميصة كانت خيرا من الكردي

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( في خميصة ) بفتح المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة كساء مربع له [ ص: 136 ] علمان قاله الحافظ . وقال في النهاية : خميصة هي ثوب خز أو صوف معلم ، وقيل لا نسمي خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة وكانت من لباس الناس قديما وجمعها الخمائص ( شغلتني ) وفي رواية للبخاري " ألهتني " وهما بمعنى واحد ( أعلام هذه ) يعني الخميصة . وقال في اللسان علم الثوب رقمة في أطرافه ( إلى أبي جهم ) هو عبيد ويقال عامر بن حذيفة القرشي العدوي صحابي مشهور ، وإنما خصه - صلى الله عليه وسلم - بإرسال الخميصة لأنه كان أهداها للنبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواه في الموطأ من طريق أخرى عن عائشة قالت أهدى أبو جهم بن حذيفة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خميصة لها علم فشهد فيها الصلاة فلما انصرف قال ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم ووقع عند الزبير بن بكار ما يخالف ذلك ، فأخرج من وجه مرسل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بخميصتين سوداوين فلبس إحداهما وبعث الأخرى إلى أبي جهم . ولأبي داود من طريق أخرى وأخذ كرديا لأبي جهم فقيل يا رسول الله الخميصة كانت خيرا من الكردي قاله الحافظ ( وأتوني بأنبجانيته ) بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف الجيم وبعد النون ياء النسبة كساء غليظ لا علم له وقال ثعلب يجوز فتح همزته وكسرها وكذا الموحدة يقال كبش أنبجاني إذا كان ملتفا كثير الصوف وكساء أنبجاني كذلك . وأنكر أبو موسى المديني على من زعم أنه منسوب إلى منبج البلد المعروف بالشام . قال صاحب الصحاح إذا نسبت إلى منبج فتحت الباء فقلت كساء منبجاني أخرجوه مخرج منظراني . وفي الجمهرة منبج موضع أعجمي تكلمت به العرب ونسبوا إليه الثياب المنبجانية . وقال أبو حاتم السجستاني لا يقال كساء أنبجاني وإنما يقال منبجاني قال وهذا مما تخطئ فيه العامة ، وتعقبه أبو موسى كما تقدم فقال الصواب أن هذه النسبة إلى موضع يقال له أنبجان والله أعلم . قاله الحافظ . قال ابن بطال إنما طلب منه ثوبا غيرها ليعلمه أنه لم يرد عليه هديته استخفافا به قال وفيه أن الواهب إذا ردت عليه عطيته من غير أن يكون هو الراجع فيها فله أن يقبلها من غير كرامة .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه . ( وأخذ كرديا ) أي رداء كرديا الكرد بالضم ويشبه أن يكون الرداء منسوبا [ ص: 137 ] إلى كرد بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن صعصعة وكان عمرو بن عامر يلبس كل يوم حلة فإذا كان آخر النهار مزقها لئلا تلبس بعده ، هكذا ضبط نسبه أبو اليقظان أحد أئمة النساب . وقيل الفاضل محمد أفندي الكردي أنه كرد بن كنعان بن كوش بن حام بن نوح وهم قبائل كثيرة يرجعون إلى أربعة قبائل السوران والكوران والكلهر واللر . كذا في شرح القاموس .




                                                                      الخدمات العلمية