الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 113 ] وعلى عدل أو مرجو : رفع رؤيته والمختار ، وغيرهما ، وإن أفطروا فالقضاء والكفارة ، إلا بتأويل : فتأويلان لا بمنجم

[ ص: 113 ]

التالي السابق


[ ص: 113 ] وعلى عدل ) رأى الهلال ( أو مرجو ) قبوله وهو مستور الحال ( رفع رؤيته ) للحاكم وجوبا بإخباره برؤيته الهلال ، ولو علم المرجو جرحة نفسه ( والمختار ) اللخمي من الخلاف وجوب رفع العدل والمرجو ( وغيرهما ) وهو الفاسق المكشوف حاله ، وهذا قول ابن عبد الحكم ، لكن اللخمي لم يختره . وإنما اختار قول أشهب بندبه وأجيب بأن على في كلامه مستعمل في مطلق الطلب الصادق بالوجوب بالنسبة للأولين والندب بالنسبة للأخير .

( وإن أفطروا ) أي : العدل والمرجو والمكشوف المنفردون برؤية الهلال بلا رفع للحاكم ( فالقضاء والكفارة ) واجبان على كل منهم لوجوب الصيام عليهم اتفاقا في كل حال ( إلا ) حال فطرهم ( بتأويل ) منهم أي : اعتقادهم عدم وجوب الصوم عليهم كغيره لجهلهم ( فتأويلان ) أي : فهمان لشارحيها في وجوب الكفارة عليهم وعدمه سببهما . الاختلاف في كونه تأويلا قريبا لاستناده لأمر موجود وهو عدم الوجوب على غيرهم أو بعيدا ; لأنه ليس بعد العيان بيان . والمعتمد وجوبها فالمناسب ولو بتأويل . فإن رفعوا له فردهم فأفطروا فعليهم الكفارة اتفاقا .

وسيأتي في قوله كراء ولم يقبل ; لأن تجاسره على الرفع له المستصعب عادة غالبا دل على تحققه رؤية الهلال وأبعد تأويله ، بخلاف من لم يرفع فعدم رفعه دل على عدم تحققه الرؤية ، فلا يقال من رفع أولى بقرب التأويل لاستناده لرد الحاكم وإن أفطر من لا اعتناء لهم بعد رؤية المنفرد فعليهم الكفارة ; لأنه في حقهم كعدلين في حق غيرهم .

( لا ) يثبت رمضان ( ب ) حساب ( منجم ) بضم ففتح فكسر مثقلا في حق غيره وحق نفسه ، ولو وقع في القلب صدقه لأمر الشارع بتكذيبه ، وهو الذي يحسب قوس الهلال ونوره . وقيل هو الذي يرى أن أول الشهر طلوع نجم معلوم ، والحاسب الذي يحسب سير الشمس والقمر وعلى كل لا يصوم أحد بقوله ولا يعتمد هو في نفسه على [ ص: 114 ] ذلك وحرم تصديق منجم ويقتل إن اعتقد تأثير النجوم وأنها الفاعلة بلا استتابة إن أسره ، فإن أظهر . وبرهن عليه فمرتد فيستتاب فإن تاب وإلا قتل وإن لم يعتقد تأثيرها واعتقد أن الفاعل هو الله تعالى وجعلهما أمارة على ما يحدث في العالم فمؤمن عاص .

عند ابن رشد يزجر عن اعتقاده ويؤدب عليه ويحرم تصديقه لقوله تعالى { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله } ولخبره { من صدق كاهنا أو عرافا أو منجما فقد كفر بما أنزل على محمد } صلى الله عليه وسلم . وغير عاص عند المازري إذا أسند ذلك لعادة أجراها الله تعالى لحديث { إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك غديقة } ، وأما الحديث القدسي وهو { أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي ، فالذي قال مطرنا بفضل الله فهو مؤمن بي وكافر بالكوكب ، والذي قال مطرنا بنوء كذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب } فهو فيمن نسب الفعل للنوء بهذا جمع الإمام مالك رضي الله عنه بينهما . .




الخدمات العلمية