الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وشرط التقديم ) بعد ما تقدم ( وجوده ) أي المطر ( أولهما ) أي الصلاتين ليتحقق الجمع مع العذر ( والأصح اشتراطه عند سلام الأولى ) ليتحقق اتصال آخر الأولى بأول الثانية في حالة العذر .

                                                                                                                            وقضيته اشتراط امتداده بينهما ، وهو كذلك ، ولا يضر انقطاعه فيما عدا ذلك . والثاني لا يشترط وجوده عند سلام الأولى كما في الركوع والسجود ، وهل يشترط تيقنه لذلك أيضا حتى لا يكفي الاستصحاب ، صرح القاضي بالاشتراط فقال : لو قال لآخر بعد سلامه انظر هل انقطع المطر أو لا بطل جمعه للشك في سببه ، ونقله بعضهم عن غير القاضي ، ونقل عن القاضي أيضا خلافه ، ولعله سهو إن لم يتناقض كلام القاضي فيه ، ومال الإسنوي إلى الاكتفاء بالاستصحاب ، وادعى غيره أنه القياس ، والأوجه الأول ، ويؤيده أنه رخصة فلا بد من تحقق سببها ( والثلج والبرد كمطر إن ذابا ) وبلا الثوب ، بخلاف ما إذا لم يذوبا كذلك ومشقتهما نوع آخر لم يرد . نعم لو كان أحدهما قطعا كبارا يخشى منه جاز الجمع به كما في الشامل وغيره في الثلج ، وفي معناه البرد ، وبه صرح في الذخائر ( والأظهر تخصيص الرخصة بالمصلى جماعة بمسجد ) أو غيره ( بعيد ) عن محله عرفا بحيث ( يتأذى ) تأذيا لا يحتمل في العادة ( بالمطر في طريقه ) إليه ، إذ المشقة إنما توجد حينئذ ، بخلاف ما لو انتفى شرط من ذلك كأن كان يصلي في بيته منفردا أو جماعة ، أو يمشي إلى المصلى في كن [ ص: 282 ] أو قرب منه ، أو يصلي منفردا بالمصلى لانتفاء تأذيه فيما عدا الأخيرة والجماعة فيها .

                                                                                                                            وأما جمعه صلى الله عليه وسلم مع أن بيوت أزواجه بجنب المسجد فغير مناف لذلك ; لأنها كلها لم تكن كذلك بل أكثرها كان بعيدا فلعله لما جمع كان فيه على أن للإمام أن يجمع بهم وإن كان مقيما بالمسجد صرح به ابن أبي هريرة وغيره ، والأوجه تقييده بما إذا كان إماما راتبا أو يلزم من عدم إمامته تعطيل الجماعة .

                                                                                                                            قال المحب الطبري : ولمن خرج إلى المسجد قبل وجود المطر فاتفق وجوده وهو في المسجد أن يجمع ; لأنه لو لم يجمع لاحتاج إلى صلاة العصر أيضا : أي أو العشاء في جماعة وفيه مشقة في رجوعه إلى بيته ثم عوده أو في إقامته في المسجد ، وكلام غيره يقتضيه ومقابل الأظهر يترخص مطلقا ، وعلم مما مر أنه لا جمع بغير السفر والمطر كمرض وريح وظلمة وخوف ووحل ، وهو الأصح المشهور ; لأنه لم ينقل ، ولخبر المواقيت فلا يخالف إلا بصريح وإن اختار المصنف في الروضة جوازه في المرض ، وحكى في المجموع عن جماعة من أصحابنا جوازه بالمذكورات ، وقال : إنه قوي جدا في المرض والوحل .

                                                                                                                            قال في المجموع : وإنما لم يلحقوا الوحل المطر كما في عذر الجمعة والجماعة ; لأن تاركهما يأتي ببدلهما ، والجامع يترك الوقت بلا بدل ولأن العذر فيهما ليس مخصوصا بمعين ، بل كل ما يلحق به مشقة شديدة والوحل منه ، وعذر الجمع مضبوط بما جاءت به السنة ولم تجئ بالوحل .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : بعد ما تقدم ) أي في قول المصنف : وشروط التقديم ثلاثة إلخ .

                                                                                                                            ( قوله : وقضيته ) أي تحقق الاتصال .

                                                                                                                            ( قوله : بطل جمعه للشك ) قضيته البطلان وإن أخبره بانقطاعه فورا بحيث زال شكه سريعا ، وقياس ما مر فيما لو ترك نية الجمع ثم نواه فورا من عدم الضرر أنه لا يضر هنا كذلك ، ثم رأيت في سم على منهج ما نصه بعد نقله مثل كلام الشارح : ويحتمل تقييده بما إذا طال زمن الشك فليتأمل ا هـ . وهو يفيد ما ذكرناه ، ويؤيد هذا الاحتمال ما تقدم للشارح من أنه لو تردد بين الصلاتين في أنه نوى الجمع في الأولى ثم تذكر أنه نواه قبل طول الفصل لم يضر .

                                                                                                                            ( قوله : والأظهر تخصيص الرخصة بالمصلي جماعة ) وهل تشترط الجماعة في جميع الصلاة كالمعادة على اعتماد شيخنا الشهاب الرملي أو في الركعة الأولى فله الانفراد في الثانية كالجمعة أو في جزء من أولها ولو دون ركعة ؟ فيه نظر . ويتجه أن لا تشترط الجماعة في الأولى وأنه يكفي وجودها عند الإحرام بالثانية وإن انفرد قبل تمام الركعة ، وأنه لو تباطأ المأمومون عن الإمام اعتبر في صحة صلاته إحرامهم في زمن يسع الفاتحة قبل ركوعه . واختار م ر مرة اشتراط الجماعة عند التحلل من الأولى ا هـ سم على حجر في أثناء كلام . وفيه أيضا : ولو تباطأ عنه المأمومون فهل تبطل صلاته لصيرورته منفردا ينبغي أن يتخرج على التباطؤ عن الجمعة ، وقد تقرر فيها أنه لا بد أن يحرموا وقد بقي قبل الركوع ما يسع الفاتحة وإلا بطلت صلاته ، لكن لا يشترط البقاء هنا في الركوع ، بخلافه في الجمعة ; لأنه يشترط فيها وقوع الركعة الأولى جميعها في جماعة ، بخلافه هنا فإنه يظهر الاكتفاء بالجماعة عند انعقاد الثانية فليتأمل ا هـ . وقوله وقد بقي قبل الركوع ما يسع الفاتحة فيه أنه يأتي للشارح في الجمعة أنه يكفي قراءتهم الفاتحة بعد ركوع الإمام إذا طوله وأدركوه فيه واطمأنوا قبل رفعه هذا ، وقد يقال : أي داع لاعتبار إدراك زمن يسع قراءة الفاتحة [ ص: 282 ] مع عدم اشتراط بقاء القدوة إلى الركوع والاكتفاء بجزء في الجماعة .

                                                                                                                            ( قوله : منفردا بالمصلى ) ولو مسجدا .

                                                                                                                            ( قوله : على أن للإمام أن يجمع بهم ) قضية الاقتصار على الإمام أن غيره من المجاورين بالمسجد أو من بيوتهم بقرب المسجد وحضروا مع من جاءهم من بعد أنهم لا يصلون مع الإمام إذا جمع تقديما بل يؤخرونها إلى وقتها وإن أدى تأخيرهم إلى صلاتهم فرادى بأن لم يكن هناك من يصلح للإمامة غير من صلى ، ولعله غير مراد لما فيه من تفويت الجماعة عليهم .

                                                                                                                            ( قوله : فاتفق وجوده وهو في المسجد أن يجمع ) أي حيث صلى جماعة فرادى كما قد يتوهم وفاقا لطب وهو ظاهر ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            ( قوله : لأن تاركهما يأتي ببدلهما ) فيه نظر ، فإن من ترك الجماعة لعذر لم يأت لها ببدل ، وإنما أتى بالصلاة الواجبة في نفسها وليس الانفراد بدلا عن الجماعة .




                                                                                                                            الخدمات العلمية