الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الثانية

[ ص: 21 ] [ كيفية المسح على الخفين ]

وأما تحديد المحل : فاختلف فيه أيضا فقهاء الأمصار ، فقال قوم : إن الواجب من ذلك مسح أعلى الخف ، وإن مسح الباطن ( أعني أسفل الخف ) مستحب ، ومالك أحد من رأى هذا والشافعي ، ومنهم من أوجب مسح ظهورهما وبطونهما ، وهو مذهب ابن نافع من أصحاب مالك ، ومنهم من أوجب مسح الظهور فقط ولم يستحب مسح البطون ، وهو مذهب أبي حنيفة وداود وسفيان وجماعة ، وشذ أشهب فقال : إن الواجب مسح الباطن ، أو الأعلى أيهما مسح ، والأعلى مستحب .

وسبب اختلافهم تعارض الآثار الواردة في ذلك وتشبيه المسح بالغسل ، وذلك أن في ذلك أثرين متعارضين ، أحدهما حديث المغيرة بن شعبة وفيه : " أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخف وباطنه " والآخر حديث علي : " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهر خفيه " ، فمن ذهب مذهب الجمع بين الحديثين حمل حديث المغيرة على الاستحباب ، وحديث علي على الوجوب ، وهي طريقة حسنة .

ومن ذهب مذهب الترجيح أخذ إما بحديث علي ، وإما بحديث المغيرة ، فمن رجح حديث المغيرة على حديث علي رجحه من قبل القياس ( أعني قياس المسح على الغسل ) ومن رجح حديث علي رجحه من قبل مخالفته للقياس أو من جهة السند ، والأسعد في هذه المسألة هو مالك . وأما من أجاز الاقتصار على مسح الباطن فقط فلا أعلم له حجة ; لأنه لا هذا الأثر اتبع ، ولا هذا القياس استعمل ، ( أعني قياس المسح على الغسل ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية