الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4051 308 - حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عمرو بن سلمة ، قال : قال لي أبو قلابة : ألا تلقاه فتسأله ، قال : فلقيته فسألته فقال : كنا بما ممر الناس ، كان يمر بنا الركبان فنسألهم : ما للناس ؟ ما للناس ؟ ما هذا الرجل ؟ فيقولون : يزعم أن الله أرسله أوحى إليه ، أو أوحى الله بكذا ، فكنت أحفظ ذلك الكلام ، وكأنما يغرى في صدري ، وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح ، فيقولون : اتركوه وقومه ، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق ، فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم ، وبدر أبي قومي بإسلامهم ، فلما قدم قال : جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقا فقال : صلوا صلاة كذا في حين كذا ، وصلوا كذا في حين كذا ، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم ، وليؤمكم أكثركم قرآنا ، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني ، لما كنت أتلقى من الركبان ، فقدموني بين أيديهم ، وأنا ابن ست أو سبع سنين ، وكانت علي بردة كنت إذا سجدت تقلصت عني ، فقالت امرأة من الحي : ألا تغطوا عنا است قارئكم ، فاشتروا فقطعوا لي قميصا ، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " بإسلامهم الفتح " وفي قوله : " وقعة أهل الفتح " وأيوب هو السختياني ، وأبو قلابة ، بكسر القاف اسمه عبد الله بن زيد الجرمي ، وعمرو بن سلمة بكسر اللام ابن قيس الجرمي ، يكنى أبا يزيد ، قال أبو عمر : أدرك النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وكان يؤم قومه على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، وقد قيل : إنه قدم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مع أبيه ، ولم يختلف في قدوم أبيه على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، نزل عمرو بن سلمة البصرة ، ويقال : مختلف في صحبة عمرو ، وما له في البخاري سوى هذا الحديث ، وكذا أبوه لكن وقع ذكر عمرو بن سلمة في حديث مالك بن الحويرث في صفة الصلاة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قال لي أبو قلابة " أي : قال أيوب : قال لي أبو قلابة : ألا تلقاه " أي : ألا تلقى عمرو بن سلمة ، قوله : " فقال " أي : عمرو بن سلمة ، " كنا بماء " أراد به المنزل الذي ينزل عليه الناس ، قوله : " ممر الناس " بالجر صفة لماء ، وهو بتشديد الراء ، اسم موضع المرور ، ويجوز فيه الرفع على تقدير : هو ممر الناس ، قوله : " الركبان " جمع راكب الإبل خاصة ، ثم اتسع فيه ، فأطلق على من ركب دابة ، قوله : " ما للناس ؟ ما للناس ؟ " كذا هو مكرر مرتين ، قوله : " ما هذا الرجل ؟ " أي : يسألون عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وعن حال العرب [ ص: 290 ] معه ، قوله : " أو أوحى الله بكذا " شك من الراوي ، يريد به حكاية ما كانوا يخبرونهم به مما سمعوه من القرآن ، وفي المستخرج لأبي نعيم فيقولون : نبي يزعم أن الله أرسله ، وأن الله أوحى إليه كذا وكذا ، فجعلت أحفظ ذلك الكلام ، ورواية أبي داود وكنت غلاما حافظا فحفظت من ذلك قرآنا كثيرا ، قوله : " ذلك الكلام " ويروى ذاك الكلام ، قوله : " فكأنما " ويروى وكأنما ، قوله : " يغرى " بضم الياء ، وفتح الغين المعجمة وتشديد الراء من التغرية ، وهو الإلصاق بالغراء ، ورجح القاضي عياض هذه الرواية ، وفي رواية الكشميهني : " يقر " بضم الياء ، وفتح القاف وتشديد الراء من القرار ، وفي رواية عنه بزيادة ألف مقصورا من التقرية ، أي : يجمع ، وفي رواية الأكثرين يقرأ بالهمزة من القراءة ، قوله : " تلوم " بفتح التاء المثناة من فوق ، وفتح اللام وتشديد الواو ، وأصله تتلوم فحذفت إحدى التاءين ومعناه تنتظر ، قوله : " الفتح " أي : فتح مكة ، قوله : " وقومه " منصوب على المعية ، قوله : " بادر " أي : أسرع ، وكذا قوله : " بدر " يقال بدرت إلى شيء وبادرت ، أي : أسرعت ، قوله : " فلما قدم " أي : أبوه من عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وقوله هذا يشعر بأنه ما وفد مع أبيه ، ولكن لا يمنع أن يكون وفد بعد ذلك ، قوله : " فنظروا " أي : إلى من كان أكثر قرآنا ، قوله : " بردة " وهي الشملة المخططة ، وقيل كساء أسود مربع فيه صفر ، تلبسه الأعراب ، وجمعها برد ، قوله : " تقلصت " أي : انجمعت وانضمت ، وفي رواية أبي داود تكشفت عني ، وفي رواية له : فكنت أؤمهم في بردة موصولة فيها فتق ، فكنت إذا سجدت خرجت استي ، قوله : " ألا تغطوا " بحذف النون كذا قال ابن التين ، وفي الأصل : " ألا تغطون " لعدم الموجب لحذف النون ، وفي رواية أبي داود فقالت امرأة من النساء : داروا عنا عورة قارئكم ، قوله : " فاشتروا " مفعوله محذوف ، أي : فاشتروا ثوبا ، وفي رواية أبي داود فاشتروا لي قميصا عمانيا ، وهو بضم العين المهملة وتخفيف الميم نسبة إلى عمان من البحرين .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية