الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4076 331 - حدثني عبد الله بن محمد ، حدثنا هشام ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، قال : أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال ناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ما أفاء من أموال هوازن فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يعطي رجالا المائة من الإبل ، فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم ، قال أنس : فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم ، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم غيرهم ، فلما اجتمعوا قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما حديث بلغني عنكم ؟ فقال فقهاء الأنصار : أما رؤساؤنا يا رسول الله ، فلم يقولوا شيئا ، وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويتركنا ، وسيوفنا تقطر من دمائهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فإني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم ، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم ، فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به ، قالوا : يا رسول الله ، قد رضينا ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ستجدون أثرة شديدة ، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فإني على الحوض ، قال أنس : فلم يصبروا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " من أموال هوازن " وهشام هو ابن يوسف الصنعاني . قوله : " فطفق " من أفعال المقاربة من الأفعال التي وضعت للدلالة على الشروع فيه ، وخبره يكون جملة ، وهو هنا ، قوله : " يعطي " ، قوله : " المائة " منصوب بقوله : يعطي ، قوله : " وسيوفنا تقطر " من باب القلب ، قوله : " فحدث " على صيغة المجهول ، أي : أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمقالتهم ، وقال ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري : إن الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمقالتهم سعد بن عبادة ، قوله : " من أدم " بفتحتين جمع أديم ، وهو الجلد الذي تم دباغه ، وقال السيرافي لم يجمع فعيل على فعل ، إلا أديم وأدم ، وأفيق وأفق ، وقضيم وقضم ، والقضم الصحيفة ، وهو بالقاف والضاد المعجمة ، قوله : " غيرهم " أي : غير الأنصار ، قوله : " قام النبي صلى الله عليه وسلم " أي : قام خطيبا ، قوله : " رؤساؤنا " جمع الرئيس ، ويروى : ريسانا بكسر الراء بعدها الياء آخر الحروف ، قوله : " حديثي عهد " أصله حديثين عهد ، فلما أضيف إلى العهد سقطت النون ، قوله : " لما تنقلبون " أي : للذي تنقلبون به ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مما ينقلب هؤلاء بالأموال ، واللام في لما بالفتح لأنه لام التأكيد ، وكلمة " ما " موصولة مبتدأ وخبره قوله : " خير " ، قوله : " أثرة شديدة " وجه الشدة أنهم يستأثرون عليهم بما لهم فيه اشتراك في الاستحقاق .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية