الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإذا تسمى الرجل لامرأة بغير اسمه وانتسب لها إلى غير نسبه فتزوجته فالمسألة على ثلاثة أوجه : ( أحدها ) : أن يكون النسب المكتوم أفضل مما أظهره بأن أخبرها أنه من العرب ثم تبين أنه من قريش ، وفي هذا لا خيار لها ، ولا للأولياء ; لأنها وجدته خيرا مما شرط لها فهو كمن اشترى شيئا على أنه معيب فإذا هو سليم .

( والثاني ) : إذا كان نسبه المكتوم دون ما أظهره ، ولكنه في النسب المكتوم غير كفء لها بأن تزوج قرشية على أنه من قريش ثم تبين أنه من [ ص: 30 ] العرب أو من الموالي ، وفي هذا لها الخيار ، وإن رضيت هي فللأولياء أن يفرقوا بينهما ; لعدم الكفاءة .

( والثالث : ) إن كان النسب المكتوم دون ما أظهر ، ولكنه في النسب المكتوم كفؤ لها بأن تزوج عربية على أنه من قريش ثم تبين أنه من العرب ، وفي هذا ليس للأولياء حق المطالبة بالفرقة بالاتفاق ; لأن حق الخصومة للأولياء ; لدفع العار عن أنفسهم حتى لا ينسب إليهم بالمصاهرة من لا يكافئهم ، وهذا غير موجود هنا ، ولكن لها الخيار إن شاءت أقامت معه ، وإن شاءت فارقته عندنا ، وقال زفر رحمه الله تعالى لا خيار لها كما لا يثبت للأولياء ; لأن الحق في المطالبة بالكفاءة ، وهي موجودة ولكنا نقول : شرط لها زيادة منفعة ، وهو أن يكون ولدها منه صالحا للخلافة فإذا لم تنل هذا الشرط كان لها الخيار كمن اشترى عبدا على أنه كاتب أو خباز فوجده لا يحسنه ، وهذا لأن في الاستفراش ذلا في جانبها ، والمرأة قد ترضى استفراش من هو أفضل منها ، ولا ترضى استفراش من هو مثلها فإذا ظهر أنه غرها فقد تبين انعدام تمام الرضا منها فلهذا كان لها الخيار .

بخلاف الأولياء فإن ثبوت الخيار لهم ; لعدم الكفاءة فقط وللشافعي رحمه الله تعالى في هذه المسألة ثلاثة أقوال : قول مثل قولنا وقول مثل قول زفر رحمه الله تعالى وقول آخر : أن النكاح باطل ; لأنها زوجت نفسها من رجل هو قرشي ، ولم يوجد ذلك الرجل ولكنا نقول الإشارة مع التسمية إذا اجتمعا فالعبرة للإشارة ; لأن التعريف بالإشارة أبلغ ، وبهذا ونحوه نستدل على قلة فقهه فإن مثل هذا الجواب لا يعجز عنه غير الفقيه ، ومن سئل عن طريق فقال : إما من هذا الجانب وإما من هذا الجانب فيشير إلى الجوانب الأربعة علم أنه لا علم له بالطريق أصلا

التالي السابق


الخدمات العلمية