الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن لم يمكن أخذها ) أي الزكاة بالتغييب أو غيره ( استتيب ثلاثة أيام وجوبا ) لأن الزكاة أحد مباني الإسلام فيستتاب تاركها كالصلاة ( فإن تاب ) و ( أخرج ) كف عنه ( وإلا ) أي وإن لم يخرج ( قتل ) لاتفاق الصحابة على قتال مانعها ( حدا ) لا كفرا لقول عبد الله بن شقيق " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفرا إلا الصلاة رواه الترمذي وما حكى أحمد عن ابن مسعود " ما مانع الزكاة بمسلم رواه الأثرم ، معناه : التغليظ ومقاربة الكفر ، دون حقيقته ( وأخذت من تركته ) من غير زيادة لأن القتل لا يسقط حق الآدمي .

                                                                                                                      فكذا الزكاة ( وإن لم يمكن أخذها ) أي الزكاة من مانعها ( إلا بقتال وجب على الإمام قتاله ، إن وضعها مواضعها ) لاتفاق الصديق مع الصحابة على قتال مانعي الزكاة وقال " والله لو منعوني عناقا - وفي لفظ : عقالا - كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها " متفق عليه فإن لم يضعها مواضعها لم يقاتله ، لاحتمال أن منعه إياها لاعتقاده ذلك عذرا [ ص: 258 ] ( ولا يكفر ) مانع الزكاة تهاونا أو بخلا ( بقتاله له ) أي للإمام لما تقدم عن عبد الله بن شقيق .

                                                                                                                      ولأن عمر وغيره امتنعوا ابتداء من قتال مانعي الزكاة ولو اعتقدوا كفرهم ما امتنعوا منه ، ثم اتفقوا على القتال فبقي عدم التكفير على اعتقادهم الأول ، وما روي عن الصديق أنه لما قاتل مانعي الزكاة وعضتهم الحرب قالوا ، نؤديها قال " لا أقبلها حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وأن قتلاكم في النار " يحتمل أنه فيمن منعها جحودا ولحق بأهل الردة منهم فقد كان فيهم طائفة كذلك على أنه لا يلزم من الحكم بالنار الحكم بالكفر ، بدليل العصاة من هذه الأمة لو فرق القاضي بين الصلاة وغيرها من العبادات بتعذر فيها والمقصود الأعظم دفع حاجة الفقير وهو حاصل بأدائها مع القتال .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية