الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وتجوز المناكحة بين اليهود والنصارى والمجوس ، وقد دللنا على جواز أصل المناكحة فيما بينهم ثم هم أهل ملة واحدة ، وإن اختلفت نحلهم ; لأنه يجمعهم اعتقاد الشرك ، والإنكار ; لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فتجوز المناكحة فيما بينهم كأهل المذاهب فيما بين المسلمين ، ولهذا جوزنا شهادة بعضهم على بعض ، وورثنا بعضهم من بعض ، ثم المولود بينهما على دين الكتابي من الأبوين عندنا تحل ذبيحته ومناكحته للمسلمين ، ولا يحل ذلك عند الشافعي رحمه الله تعالى ; لأن المعارضة تتحقق بينهما ، وأحدهما يوجب الحرمة ، والآخر الحل فيغلب الموجب للحرمة ; لقوله صلى الله عليه وسلم { ما اجتمع الحلال والحرام في شيء إلا غلب الحرام الحلال } بخلاف ما إذا كان أحدهما مسلما ; لأن الكفر لا يعارض الإسلام على ما بينا ، ولكنا نستدل بقوله صلى الله عليه وسلم { كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه } الحديث ، فقد جعل اتفاق الأبوين علة ناقلة عن أصل الفطرة فيثبت ذلك فيما إذا اتفق عليه الأبوان ، وفيما اختلفا فيه يبقى على أصل الفطرة ; ولأن حل الذبيحة والمناكحة من حكم الإسلام فإذا كان ذلك اعتقاد أحد الأبوين يجعل الولد تبعا له في ذلك كما في نفس الإسلام ، وهذا ; لأن اليهودية إذا قوبلت بالمجوسية فالمجوسية شر فلا تقع المعارضة بينهما ، ولكن يترجح جانب التبعية للكتابي ; لأنه يعتقد التوحيد أو يظهره فكان في جعل الولد تبعا له نوع نظر للولد ، وذلك واجب .

التالي السابق


الخدمات العلمية