الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وعلى هذا لو أسلم وتحته بنت وأم فأسلمتا معه فإن كان تزويجهما في عقد واحد بطل نكاحهما ثم إن كان لم يدخل بهما فله أن يتزوج البنت دون الأم ، وإن كان دخل بهما لم يكن له أن يتزوج واحدة منهما ; لأن الدخول بكل واحدة منهما يوجب حرمة الأخرى بالمصاهرة على التأبيد ، وإن كان دخل بالأم فليس له أن يتزوج واحدة منهما ; لأن الأم حرمت بعقد البنت ، والبنت حرمت بالدخول بالأم ، وإن كان دخل بالبنت دون الأم فله أن يتزوج البنت دون الأم ; لأن بمجرد العقد على الأم لا يوجب حرمة البنت ، وإن كان تزوجهما في عقدين فنكاح الأولى جائز ، ونكاح الثانية فاسد إن لم يدخل بهما ، وكذلك إن دخل بالأولى فإن كان دخل بالثانية فإن كانت الأولى بنتا فسد نكاحهما ; لأن الأم حرمت بالعقد على البنت [ ص: 56 ] والبنت حرمت بالدخول بالأم ، وإن كانت الأولى أما فنكاح البنت صحيح ; لأن الدخول بالبنت يحرم الأم ، والعقد على الأم لا يحرم البنت فأما على قول محمد رحمه الله تعالى سواء تزوجهما في عقدة أو في عقدين ، فنكاح البنت صحيح ; لأن العقد على الأم لا يوجب حرمة البنت ، والعقد على البنت يوجب حرمة الأم إلا أن يكون دخل بالأم فحينئذ يفرق بينه وبينهما ، وهذا إذا كان دخوله بالأم بعدما تزوج بالبنت ، فإن كان قبل أن يتزوج البنت فنكاح الأم صحيح ; لأن الدخول بها يحرم البنت فإذا لم يصح نكاح البنت لا تحرم الأم بذلك إلا أن يكون دخل بالبنت أيضا فحينئذ تقع الفرقة بينه وبينهما بالمصاهرة ، وليس له أن يتزوج واحدة منهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية