الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( الخامس : الرقاب ) للنص ( وهم المكاتبون المسلمون الذين لا يجدون وفاء ما يؤدون ، ولو مع القوة والكسب ) نص عليه ، لعموم قوله تعالى { وفي الرقاب } قال في المبدع : لا يختلف المذهب أنهم ، أي المكاتبون من الرقاب بدليل قوله " أعتقت رقابي " فإنه يشمله ، وفي قوله تعالى { فكاتبوهم } الآية إشعار به ولأنه يملك المال على سيده ، ويصرف إليه أرش جنايته ، فكان له الأخذ منها إن لم يجد وفاء ، كالغريم .

                                                                                                                      ( ولا يدفع ) من الزكاة ( إلى من علق عتقه على مجيء المال ) ; لأنه ليس كالمكاتب ، إذ لا يملك كسبه ، ولا يصرف إليه أرش جنايته فالإعطاء له إعطاء لسيده ، لا في الرقاب ( وللمكاتب الأخذ قبل حلول نجم ) لئلا يؤدي إلى فسخها عند حلول النجم ولا شيء معه .

                                                                                                                      ( ولو تلفت ) الزكاة ( بيده ) أي المكاتب ( أجزأت ) ربها ، لوجود الإيتاء المأمور به ( ولم يغرمها سواء عتق أم لا ) كالغارم وابن السبيل ، ( ولو دفع إليه ) أي المكاتب ( ما يقضي به دينه ، لم يجز له أن يصرفه في غيره ) لأنه إنما يأخذ أخذا مراعى .

                                                                                                                      ( ويأتي قريبا ، ولو عتق ) المكاتب ( تبرعا من سيده أو غيره فما معه منها ) أي الزكاة ( له ) أي : للمكاتب ( في قول ) قدمه في الرعايتين والحاويين .

                                                                                                                      وقيل : مع فقره ، وقيل : [ ص: 280 ] بل للمعطى ، اختاره أبو بكر والقاضي ، قاله في الحاويين ، وقدمه في المحرر ، وقيل : بل هو للمكاتبين ، قاله في الإنصاف ، وصحح في تصحيح الفروع : أنه يرد ما فضل إذا عتق بأداء أو إبراء وقال : وجزم به في الكافي والمقنع ، والإفادات والوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس وإدراك الغاية وغيرهم ا هـ وهو معنى ما جزم به المصنف فيما يأتي في قوله : وما فضل مع غارم ومكاتب - إلى آخره ( ولو عجز ) المكاتب ( أو مات وبيده وفاء أو اشترى بالزكاة شيئا ثم عجز والعوض بيده فهو لسيده ) كسائر ماله ( ويجوز الدفع ) أي دفع الإمام أو المالك الزكاة ( إلى سيده ) أي سيد المكاتب ( بلا إذنه ) أي إذن المكاتب ، كوفاء دين المدين بها .

                                                                                                                      ( وهو ) أي دفع الزكاة إلى سيد المكاتب ( الأولى ) من دفع الزكاة إلى المكاتب ، لما ذكر بقوله ( فإن رق ) المكاتب ( لعجزه ) عن الوفاء ( أخذت من سيده ) بخلاف ما لو دفعت للمكاتب ، ثم دفعها إلى سيده ، كما تقدم ( ويجوز أن يفدي بها ) أي الزكاة ( أسيرا مسلما في أيدي الكفار ) نص عليه ; لأنه فك رقبة الأسير ، فهو كفك رقبة العبد من الرق ; ولأن فيه إعزازا للدين ، فهو كصرفه إلى المؤلفة قلوبهم ولأنه يدفعه إلى الأسير ، كفك رقبته من الأسر ، أشبه ما يدفعه إلى الغارم ، لفك رقبته من الدين .

                                                                                                                      ( قال أبو المعالي : ومثله لو دفع إلى فقير مسلم غرمه سلطان مالا ، ليدفع جوره ، ويجوز أن يشتري منها ) أي الزكاة ( رقبة يعتقها ) روي عن ابن عباس ، لعموم قوله تعالى { وفي الرقاب } وهو متناول للقن ، بل ظاهر فيه ، فإن الرقبة تنصرف إليه إذا أطلقت كقوله تعالى { فتحرير رقبة } و ( لا ) يجوز أن يشتري من الزكاة من يعتق عليه بالشراء ، كرحم محرم كأخيه وعمه ; لأن نفع زكاته عاد إلى رحمه المحرم ، فلم يجز ، كما لو دفعها إلى أبيه ( ولا إعتاق عبده أو مكاتبه عنها ) أي عن الزكاة ، ولو كان ماله عبيدا للتجارة لأن ذلك ليس إيتاء للزكاة ، وهو بمنزلة إخراج العروض أو القيمة القيمة ( ومن أعتق من الزكاة ) رقيقا ( فما رجع من ولائه ) إذا مات عن غير وارث يستغرق ( رد في عتق مثله في رواية ) صححها في الإنصاف ، وقيل : وفي الصدقات أيضا ، قدمه ابن تميم ا هـ قلت : يأتي في العتق أنه إن كان المعتق رب المال ، فالولاء له ; لحديث { إنما الولاء لمن [ ص: 281 ] أعتق } ( وما أعتقه الساعي من الزكاة ) أو الإمام منها ( فولاؤه للمسلمين ) ; لأنه نائب عنهم .

                                                                                                                      ( وأما المكاتب ) إذا عتق بأدائه مال الكتابة من الزكاة ( فولاؤه لسيده ) للحديث ، لأنه عتق بسبب كتابته ( ولا يعطى المكاتب لجهة الفقر ; لأنه عبد ) ما بقي عليه درهم ، والعبد لا يعطى لفقره .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية