الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
ثم اختلفت أفهام العلماء في الضرر الذي قصد الشارع رفعه بالشفعة .

فقالت طائفة : هو الضرر اللاحق بالقسمة ; لأن كل واحد من الشريكين إذا طالب شريكه بالقسمة كان عليه في ذلك من المؤنة والكلفة والغرامة والضيق في مرافق المنزل ما هو معلوم ; فإنه قبل القسمة ربما ارتفق بالدار والأرض كلها وبأي موضع شاء منها ، فإذا وقعت الحدود ضاقت به الدار وقصر على موضع منها ، وفي ذلك من الضرر عليه ما لا خفاء به ، فمكنه الشارع بحكمته ورحمته من رفع هذه المضرة عن نفسه : بأن يكون أحق بالمبيع [ ص: 93 ] من الأجنبي الذي يريد الدخول عليه ، وحرم الشارع على الشريك أن يبيع نصيبه حتى يؤذن شريكه ، فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به ، وإن أذن في البيع وقال : لا غرض لي فيه - لم يكن له الطلب بعد البيع ; هذا مقتضى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا معارض له بوجه ، وهو الصواب المقطوع به ، وهذه طريقة من يرى أنه لا شفعة إلا فيما يقبل القسمة .

وقالت طائفة أخرى : إنما شرعت الشفعة لرفع الضرر اللاحق بالشركة ; فإذا كانا شريكين في عين من الأعيان بإرث أو هبة أو وصية أو ابتياع أو نحو ذلك لم يكن رفع ضرر أحدهما بأولى من رفع ضرر الآخر ; فإذا باع نصيبه كان شريكه أحق به من الأجنبي ; إذ في ذلك إزالة ضرره مع عدم تضرر صاحبه ، فإنه يصل إلى حقه من الثمن ، ويصل هذا إلى استبداده بالمبيع ، فيزول الضرر عنهما جميعا ، وهذا مذهب من يرى الشفعة في الحيوان والثياب والشجر والجواهر والدور الصغار التي لا يمكن قسمتها ، وهذا قول أهل مكة وأهل الظاهر ، ونص عليه الإمام أحمد في رواية حنبل ، قال : قيل لأحمد : فالحيوان دابة تكون بين رجلين أو حمار أو ما كان من نحو ذلك ، قال : هذا كله أوكد ; لأن خليطه الشريك أحق به بالثمن ، وهذا لا يمكن قسمته ; فإذا عرضه على شريكه ، وإلا باعه بعد ذلك ، وقال إسماعيل بن سعيد : سألت أحمد عن الرجل يعرض على شريكه عقارا بينه وبينه أو نخلا ، فقال الشريك : لا أريد ، فباعه ، ثم طلب الشفعة بعد ، قال : له الشفعة في ذلك .

واحتج لهذا القول بحديث جابر الصحيح : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم } وهذا يتناول المنقول والعقار ، وفي كتاب " الخراج " عن يحيى بن آدم عن زهير بن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { من كان له شرك في نخل أو ربعة فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، فإن رضي أخذ ، وإن كره ترك } ، وهذا الإسناد على شرط مسلم ; وفي الترمذي من حديث عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الشريك شفيع ، والشفعة في كل شيء } تفرد به أبو حمزة السكري عن عبد العزيز بهذا الإسناد ، ورواه أبو الأحوص سلام بن سليم عن عبد العزيز ولم يذكر ابن عباس ، ولفظه : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء الأرض والدار والجارية والخادم } ، وكذلك رواه أبو بكر بن عياش وإسرائيل بن يونس عن عبد العزيز مرسلا ; فهذا علة هذا الحديث ، على أن أبا حمزة السكري ثقة احتج به صاحبا الصحيح ، وإن قلنا : " الزيادة من الثقة مقبولة " فرفع الحديث إذا صحيح ، وإلا فغايته أن يكون مرسلا قد عضدته الآثار المرفوعة والقياس الجلي .

وقد روى أبو جعفر الطحاوي عن محمد بن خزيمة عن يوسف بن عدي عن عبيد الله بن إدريس عن ابن جريج عن عطاء عن جابر قال : { قضى [ ص: 94 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء } ورواة هذا الحديث ثقات ، وهو غريب بهذا الإسناد .

قالوا : ولأن الضرر بالشركة فيما لا ينقسم أبلغ من الضرر بالعقار الذي يقبل القسمة ; فإذا كان الشارع مريدا لرفع الضرر الأدنى فالأعلى أولى بالرفع ، قالوا : ولو كانت الأحاديث مختصة بالعقار والعروض المنقسمة فإثبات الشفعة فيها تنبيه على ثبوتها فيما لا يقبل القسمة .

وقال الآخرون : الأصل عدم انتزاع الإنسان مال غيره إلا برضاه ، ولكن تركنا ذلك في الأرض والعقار لثبوت هذا النص فيه ، وأما الآثار المتضمنة لثبوتها في المنقول فضعيفة معلولة ; وقوله في الحديث الصحيح : { فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة } يدل على اختصاصها بذلك ، وقول جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : { الشفعة في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط } يقتضي انحصارها في ذلك ، قالوا : وقد قال عثمان بن عفان : لا شفعة في بئر ولا فحل ، والأرف يقطع كل شفعة ، والفحل : النخل ، والأرف بوزن الغرف المعالم والحدود .

وقال أحمد : ما أصحه من حديث ، قالوا : والفرق بين المنقول وغيره أن الضرر في غير المنقول يتأبد بتأبده ، وفي المنقول لا يتأبد ; فهو ضرر عارض فهو كالمكيل والموزون . قالوا : والضرر في العقار يكثر جدا ; فإنه يحتاج الشريك إلى إحداث المرافق ، وتغيير الأبنية ، وتضييق الواسع ، وتخريب العامر ، وسوء الجوار ، وغير ذلك مما يختص بالعقار ، فأين ضرر الشركة في العبد والجوهرة والسيف من هذا الضرر ؟ قال المثبتون للشفعة : إنما كان الأصل عدم انتزاع ملك الإنسان منه إلا برضاه لما فيه من الظلم له والإضرار به ، فأما ما لا يتضمن ظلما ولا إضرارا بل مصلحة له بإعطائه الثمن فلشريكه دفع ضرر الشركة عنه ; فليس الأصل عدمه ، بل هو مقتضى أصول الشريعة ، فإن أصول الشريعة توجب المعاوضة للحاجة والمصلحة الراجحة ، وإن لم يرض صاحب المال ، وترك معاوضته ها هنا لشريكه مع كونه قاصدا للبيع ظلم منه وإضرار بشريكه فلا يمكنه الشارع منه ، بل من تأمل مصادر الشريعة ومواردها تبين له أن الشارع لا يمكن هذا الشريك من نقل نصيبه إلى غير شريكه وأن يلحق به من الضرر مثل ما كان عليه أو أزيد منه مع أنه لا مصلحة له في ذلك .

وأما الآثار فقد جاءت بهذا وهذا ، ولو قدر عدم صحتها بالشفعة في المنقول فهي لم تنف ذلك ، بل نبهت عليه كما ذكرنا ; وأما تأبد الضرر وعدمه ففرق فاسد ، فإن من المنقول ما يكون تأبده كتأبد العقار كالجوهرة والسيف والكتاب والبئر ، وإن لم يتأبد ضرره مدى الدهر فقد يطول ضرره كالعبد والجارية ، ولو بقي ضرره مدة فإن الشارع مريد لدفع الضرر [ ص: 95 ] بكل طريق ولو قصرت مدته ، وأما تفريقكم بكثرة الضرر في العقار وقلته في المنقول فلعمر الله إن الضرر في العقار يكثر من تلك الجهات ، ولكن يمكن رفعه بالقسمة ، وأما الضرر في المنقول فإنه لا يمكن رفعه بقسمته ، على أن هذا منتقض بالأرض الواسعة التي ليس فيها شيء مما ذكرتم . فصل [ رأي القائلين بشفعة الجوار ]

وقالت طائفة ثالثة : بل الضرر الذي قصد الشارع رفعه هو ضرر سوء الجوار والشركة في العقار والأرض ; فإن الجار قد يسيء الجوار غالبا أو كثيرا ، فيعلي الجدار ، ويتبع العثار ، ويمنع الضوء ، ويشرف على العورة ، ويطلع على العثرة ، ويؤذي جاره بأنواع الأذى ، ولا يأمن جاره بوائقه ، وهذا مما يشهد به الواقع ، وأيضا فالجار له من الحرمة والحق والذمام ما جعله الله له في كتابه ، ووصى به جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم غاية الوصية ، وعلق النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالله واليوم الآخر بإكرامه .

وقال الإمام أحمد : الجيران ثلاثة : جار له حق ، وهو الذمي الأجنبي له حق الجوار ، وجار له حقان ، وهو المسلم الأجنبي له حق الجوار وحق الإسلام ، وجار له ثلاثة حقوق ، وهو المسلم القريب له حق الجوار وحق الإسلام وحق القرابة ; ومثل هذا ولو لم يرد في الشريك فأدنى المراتب مساواته به فيما يندفع به الضرر ، لا سيما والحكم بالشفعة ثبت في الشركة لإفضائها إلى ضرر المجاورة فإنهما إذا اقتسما تجاورا .

قالوا : ولهذا السبب اختصت بالعقار دون المنقولات ; إذ المنقولات لا تتأتى فيها المجاورة ، فإذا ثبتت في الشركة في العقار لإفضائها إلى المجاورة فحقيقة المجاورة أولى بالثبوت فيها .

قالوا : وهذا معقول النصوص لو لم ترد بالثبوت فيها ، فكيف وقد صرحت بالثبوت فيها أعظم من تصريحها بالثبوت للشريك ؟ ففي صحيح البخاري من حديث عمرو بن الشريد قال : جاء المسور بن مخرمة فوضع يده على منكبي ، فانطلقت معه إلى سعد بن أبي وقاص ، فقال أبو رافع : ألا تأمر هذا أن يشتري مني بيتي الذي في داره ، فقال : لا أزيده على أربعمائة منجمة ، فقال : قد أعطيت خمسمائة نقدا فمنعته ، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { الجار أحق بصقبه } ما بعتك ، وروى عمرو بن الشريد أيضا عن أبيه الشريد بن سويد الثقفي قال : { قلت : يا رسول الله ، أرض ليس لأحد فيها قسم ولا شرك إلا [ ص: 96 ] الجوار قال : الجار أحق بسقبه } أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وإسناده صحيح .

وقال البخاري : هو أصح من رواية عمرو عن أبي رافع - يعني المتقدم - وقال أيضا : كلا الحديثين عندي صحيح .

وعن الحسن عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { جار الدار أولى بالدار } رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، انتهى .

وقد صح سماع الحسن من سمرة ، وغاية هذا أنه كتاب ، ولم تزل الأمة تعمل بالكتب قديما وحديثا ، وأجمع الصحابة على العمل بالكتب ، وكذلك الخلفاء بعدهم ، وليس اعتماد الناس في العلم إلا على الكتب فإن لم يعمل بما فيها تعطلت الشريعة ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب كتبه إلى الآفاق والنواحي فيعمل بها من تصل إليه ، ولا يقول : هذا كتاب ، وكذلك خلفاؤه بعد ، والناس إلى اليوم ، فرد السنن بهذا الخيال البارد الفاسد من أبطل الباطل ، والحفظ يخون ، والكتاب لا يخون .

وروى قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { جار الدار أحق بالدار } رواه ابن ماجه من طريق عيسى بن يونس عن سعيد عن قتادة ، وكلهم أئمة ثقات .

وروى أهل السنن الأربعة من حديث ميزان الكوفة عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الجار أحق بشفعة جاره ، ينتظر بها وإن كان غائبا ، إذا كان طريقهما واحدا } وهذا حديث صحيح فلا يرد . فإن قيل : قد قال الترمذي : تكلم شعبة في عبد الملك من أجل هذا الحديث .

وقال وكيع عنه : لو أن عبد الملك روى حديثا آخر مثل حديث الشفعة لطرحت حديثه ، وكذلك قال يحيى القطان . وقال أحمد : هو حديث منكر ، وقال يحيى بن معين : هو حديث لم يحدث به إلا عبد الملك ، فأنكر الناس عليه ، ولكنه ثقة صدوق . فالجواب أن عبد الملك هذا حافظ ثقة صدوق ، ولم يتعرض له أحد بجرح ألبتة ، وأثنى عليه أئمة زمانه ومن بعدهم ، .

وإنما أنكر عليه من أنكر هذا الحديث ظنا منهم أنه مخالف لرواية الزهري عن أبي سلمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : { الشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة } ولا يحتمل مخالفة العرزمي لمثل الزهري ، وقد صح هذا عن جابر من رواية الزهري عن أبي سلمة عنه ، ومن رواية ابن جريج عن أبي الزبير عنه ، ومن حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه ، فخالفهم العرزمي ، ولهذا شهد الأئمة بإنكار حديثه ، ولم يقدموه على حديث هؤلاء ، قال مهنا بن يحيى الشامي : [ ص: 97 ] سألت أحمد بن حنبل عن حديث عبد الملك هذا ، فقال : قد أنكره شعبة ، فقلت : لأي شيء أنكره ؟ فقال : حديث الزهري عن أبي سلمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما قال عبد الملك عن عطاء عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وسنبين - إن شاء الله - أن حديث عبد الملك عن جابر لا يناقض حديث أبي سلمة عنه ، بل مفهومه يوافق منطوقه ، وسائر أحاديث جابر يصدق بعضها بعضا .

وروى جرير بن عبد الحميد عن منصور عن الحكم عن علي وعبد الله قالا : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة للجوار } وهذا وإن كان منقطعا فإن الثوري رواه عن منصور عن الحكم عمن سمع عليا وعبد الله ; فهو يصلح للاستشهاد وإن لم يكن عليه وحده الاعتماد .

وفي سنن ابن ماجه من حديث شريك القاضي عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من كان له أرض وأراد بيعها فليعرضها على جاره } ورجال هذا الإسناد محتج بهم في الصحيح .

وفي سنن النسائي من حديث أبي الزبير عن جابر قال : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة للجوار } رواه عن الفضل بن موسى الشيباني عن الحسين بن واقد عن أبي الزبير ، وهو على شرط مسلم .

وقال شعيب بن أيوب الصريفيني : ثنا أبو أمامة عن سعيد بن أبي عروبة ثنا قتادة عن سليمان اليشكري عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من كان له جار في حائط أو شريك فلا يبعه حتى يعرضه عليه } وهؤلاء ثقات كلهم ، وعلة هذا الحديث ما ذكره الترمذي قال : سمعت محمدا يعني البخاري - يقول : سليمان اليشكري : يقال إنه مات في حياة جابر بن عبد الله ، قال : ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر ، قال : ويقال : إنما يحدث قتادة عن صحيفة سليمان اليشكري ، وكان له كتاب عن جابر بن عبد الله .

قلت : وغاية هذا أن يكون كتابا ، والأخذ عن الكتب حجة ، وقال محمد بن عمران بن أبي ليلى عن أبيه : حدثني ابن أبي ليلى يعني محمد بن عبد الرحمن - عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الجار أحق بسقبه ما كان } .

وقال ابن أبي شيبة : ثنا وكيع عن هشام بن المغيرة الثقفي قال : سمعت الشعبي يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الشفيع أولى من الجار ، والجار أولى من الجنب } وإسناده إلى الشعبي صحيح ، قالوا : ولأن حق الأصيل - وهو الجار - أسبق من حق الدخيل ، وكل معنى اقتضى ثبوت الشفعة للشريك فمثله في حق الجار ; فإن الناس يتفاوتون في الجوار تفاوتا فاحشا ، ويتأذى بعضهم ببعض ، ويقع بينهم من العداوة ما هو معهود ، والضرر بذلك دائم متأبد ، ولا يندفع ذلك إلا برضاء الجار : إن شاء أقر الدخيل على جواره له ، وإن شاء انتزع الملك بثمنه واستراح من مؤنة المجاورة ومفسدتها . [ ص: 98 ]

وإذا كان الجار يخاف التأذي بالمجاورة على وجه اللزوم ، كان كالشريك يخاف التأذي بشريكه على وجه اللزوم .

قالوا : ولا يرد علينا المستأجر مع المالك ; فإن منفعة الإجارة لا تتأبد عادة .

وأيضا فالملك بالإجارة ملك منفعة ، ولا لزوم بين ملك الجار وبين منفعة دار جاره ، بخلاف مسألتنا ; فإن الضرر بسبب اتصال الملك بالملك كما أنه في الشركة حاصل بسبب اتصال الملك بالملك ; فوجب بحكم عناية الشارع ورعايته لمصالح العباد إزالة الضررين جميعا على وجه لا يضر البائع ، وقد أمكن ههنا ، فيبعد القول به ، فهذا تقرير قول هؤلاء نصا وقياسا .

التالي السابق


الخدمات العلمية