الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2192 [ 1089 ] وفي رواية ، قال جابر: فعلناهما مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم نهى عنهما عمر ، فلم نعد لهما.

                                                                                              رواه مسلم (1405) (17) .

                                                                                              [ ص: 317 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 317 ] وقوله : ( كان ابن عباس يأمر بالمتعة ، وكان ابن الزبير ينهى عنها ) ; هذه المتعة التي اختلف فيها : هي فسخ الحج في العمرة التي أمرهم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - . فكان ابن عباس يرى أن ذلك جائز لغير الصحابة ، وكان ابن الزبير يرى أن ذلك خاص بهم . وهي التي قال فيها جابر بن عبد الله : على يدي دار الحديث ، تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهي التي منعها عمر رضي الله عنه واستدل على منعها بقول الله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله ولا معنى لقول من قال : إن اختلافهما كان في الأفضل بين المتعة التي هي الجمع بين الحج والعمرة في عام واحد وسفر واحد ، وبين غيرها من الإفراد والقران ; لأنه لو كان اختلافهما في ذلك لكان استدلال عمر ضائعا ; إذ كان يكون استدلالا في غير محله ، غير أنه لما كان لفظ المتعة يقال عليهما بالاشتراك خفي على كثير من الناس ، وكذلك يصلح هذا اللفظ لمتعة النكاح ، ولذلك ذكرهما جابر عن عمر في نسق واحد . وكان ابن عباس أيضا خالف في متعة النكاح ، ولم يبلغه ناسخها على ما يأتي في النكاح إن شاء الله تعالى .

                                                                                              وقول جابر : ( فعلناهما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نهى عنهما عمر - رضي الله عنه ، فلم نعد لهما ) ; هذا يدل على أن إجماع الصحابة انعقد على ترك العمل بتينك المتعتين ، وأن تينك خاصتان بهم ، ممنوعتان في حق غيرهم ، كما قال أبو ذر .

                                                                                              وقول عمر رضي الله عنه : ( إن القرآن قد نزل منازله ) ; أي : استقرت أحكامه ، وثبتت معالمه ، فلا يقبل النسخ ولا التبديل ، بعد أن توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، [ ص: 318 ] ويعني بذلك : أن متعة الحج قد رفعت لما أمر الله بإتمام الحج والعمرة ، ومتعة النكاح أيضا كذلك ; لما ذكر الله شرائط النكاح في كتابه ، وبين أحكامه ، فلا يزاد فيها ، ولا ينقص منها شيء ، ولا يغير.

                                                                                              وقوله : ( وأبتوا نكاح هذه النساء ) ; يعني : اللاتي عقد عليهن نكاح المتعة ; أي : اقطعوا نكاحهن . وهذا منه أمر ، وتهديد ، ووعيد شديد لمن استمر على ذلك بعد التقدمة .

                                                                                              وقوله : ( إلا رجمته بالحجارة ) ; على جهة التغليظ . وظاهره : أنه كان يرجمه لأنه قد كان حصل عنده على القطع والبتات نسخ نكاح المتعة ، ثم إنه تقدم بهذا البيان الواضح والتغليظ الشديد ; فكأنه لو أتي بمن فعل ذلك بعد تلك الأمور لحكم له بحكم الزاني المحصن ، ولم يقبل له اعتذارا بجهل ولا غيره . قال أبو عمر بن عبد البر : لا خلاف بين العلماء في أن التمتع المراد بقوله تعالى : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي أنه الاعتمار في أشهر الحج [ ص: 319 ] قبل الحج ، في عام واحد ، وسفر واحد ، من غير المكي . قال غيره : عليه كافة فقهاء الأمصار . وروي عن الحسن إسقاط شرط الحج من عامه ، ورأى أن على المعتمر في أشهر الحج هديا حج أو لم يحج . وروي عنه إسقاط شرط العمرة في أشهر الحج ، وقال : إن اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج من عامه فعليه الهدي . وهذان القولان شاذان ، لم يقل بهما أحد من العلماء غيره .




                                                                                              الخدمات العلمية