الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإن قال : تزوجتك شهرا فقالت : زوجت نفسي منك ، فهذا متعة وليس بنكاح عندنا ، وقال زفر رحمه الله تعالى هو نكاح صحيح ; لأن التوقيت شرط فاسد ، فإن النكاح لا يحتمل التوقيت ، والشرط الفاسد لا يبطل النكاح بل يصح النكاح ويبطل الشرط ، كاشتراط الخمر وغيرها ، توضيحه أنه لو شرط أن يطلقها بعد شهر صح النكاح وبطل الشرط ، فكذا إذا تزوجها شهرا ، وحجتنا في ذلك ما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال : لا أوتى برجل تزوج امرأة إلى أجل إلا رجمته ، ولو أدركته ميتا لرجمت قبره والمعنى فيه أن النكاح لا يحتمل التوقيت إنما التوقيت في المتعة ، فإذا وقتا فقد وجد منهما التنصيص على المتعة ، فلا ينعقد به النكاح ، وإن ذكر لفظ النكاح ، وهذا لأنه لا يخلو إما أن ينعقد العقد مؤبدا أو في مدة الأول باطل فإنهما لم يعقدا العقد فيما وراء المدة المذكورة ، ولا يجوز الحكم بانعقاد العقد فيما وراء المدة المذكورة ، ولا يجوز الحكم بانعقاد الحكم في زمان لم يعقدا فيه العقد ، ألا ترى أنهما لو أضافا النكاح إلى ما بعد شهر لم ينعقد في الحال ; لأنهما لم يعقداه في الحال فكذلك هنا ، ولا يجوز أن ينعقد في المدة ; لأن النكاح لا يحتمل ذلك ، وهذا يبين أن التوقيت ليس بمنزلة الشرط ، ولكن ينعدم بالتوقيت أصل العقد في الزمان الذي لم يعقداه فيه ، وهذا بخلاف ما إذا شرط أن يطلقها بعد شهر ; لأن الطلاق قاطع للنكاح فاشتراط القاطع بعد شهر لينقطع به دليل على أنهما عقدا العقد مؤبدا ، ألا ترى أنه لو صح الشرط هناك لا يبطل النكاح بعد مضي شهر ، وهنا لو صح التوقيت لم يكن بينهما عقد بعد مضي الوقت كما في الإجارة . وقال الحسن بن زياد رحمه الله تعالى إن ذكرا من الوقت ما يعلم أنهما لا يعيشان أكثر من ذلك كمائة سنة أو أكثر يكون النكاح صحيحا ; لأن في هذا تأكيد معنى التأبيد ، فإن النكاح يعقد للعمر ، بخلاف ما إذا ذكرا مدة قد يعيشان أكثر من تلك المدة ، وعندنا الكل سواء ; لأن التأبيد من شرط النكاح فالتوقيت يبطله طالت المدة أو قصرت ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .

التالي السابق


الخدمات العلمية