الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وشرط سماع كل من العاقدين لفظ الآخر ) ليتحقق رضاهما .

التالي السابق


( قوله : سماع كل ) أي ولو حكما كالكتاب إلى غائبة ; لأن قراءته قائمة مقام الخطاب كما مر . وفي الفتح ينعقد النكاح من الأخرس إذا كانت له إشارة معلومة ( قوله : ليتحقق رضاهما ) أي ليصدر منهما ما من شأنه أن يدل على الرضا إذ حقيقة الرضا غير مشروطة في النكاح لصحته مع الإكراه والهزل رحمتي . وذكر السيد أبو السعود أن الرضا شرط من جانبها لا من جانب الرجل واستدل لذلك بما صرح به القهستاني في المهر من فساد العقد إذا كان الإكراه من جهتها . وأقول فيه نظر فإن ذكر في النقاية أن في النكاح الفاسد لا يجب شيء إن لم يطأها ، وإن وطئها وجب مهر المثل فقال القهستاني عند قوله في النكاح الفاسد : أي الباطل كالنكاح للمحارم المؤبدة أو المؤقتة أو بإكراه من جهتها إلخ ، فقوله : من جهتها معناه أنها إذا أكرهت الزوج على التزويج بها لا يجب لها عليه شيء ; لأن الإكراه جاء من جهتهما فكان في حكم الباطل لا باطلا حقيقة ، وليس معناه أن أحدا أكرهها على التزويج ، ونظير هذه المسألة ما قالوه في كتاب الإكراه من أنه لو أكره على طلاق زوجته قبل الدخول بها لزمه نصف المهر ويرجع به على المكره إن كان المكره له أجنبيا ، فلو كانت الزوجة هي التي أكرهته على الطلاق لم يجب لها شيء نص عليه القهستاني هناك أيضا . وأما ما ذكر من أن نكاح المكره صحيح إن كان هو الرجل ، وإن كان هو المرأة فهو فاسد فلم أر من ذكره ، وإن أوهم كلام القهستاني السابق ذلك ، بل عباراتهم مطلقة في أن نكاح المكره صحيح كطلاقه وعتقه مما يصح مع الهزل ، ولفظ المكره شامل للرجل والمرأة فمن ادعى التخصيص فعليه إثباته بالنقل الصريح ، نعم فرقوا بين الرجل والمرأة في الإكراه على الزنا في إحدى الروايتين ، ثم رأيت في إكراه الكافي للحاكم الشهيد ما هو صريح في الجواز فإنه قال : ولو أكرهت على أن تزوجته بألف ، ومهر مثلها عشرة آلاف زوجها أولياؤها مكرهين فالنكاح جاز ويقول القاضي للزوج : إن شئت أتمم لها مهر مثلها وهي امرأتك إن كان كفؤا لها ، وإلا فرق بينهما ولا شيء لها إلخ فافهم .




الخدمات العلمية