الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويكبر المسبوق ويقرأ الفاتحة وإن كان الإمام في ) تكبيرة ( غيرها ) كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو الدعاء لأن ما أدركه أول صلاته فيراعى ترتيبها ( ولو كبر الإمام أخرى قبل شروعه في الفاتحة ) بأن كبر عقب تكبيره ( كبر معه وسقطت القراءة ) عنه كما لو ركع الإمام عقب تكبير المسبوق فإنه يركع معه ويتحملها عنه ( وإن كبرها وهو في الفاتحة تركها وتابعه في الأصح ) كما لو ركع الإمام والمسبوق في أثناء الفاتحة ، ولا ينافي هذا ما مر من عدم تعينها بعد الأولى لفوات محلها الأصلي هنا ، إذ الأكمل قراءتها فيها فتحملها عنه الإمام ، ولو سلم الإمام عقب تكبيرة المسبوق لم تسقط عنه القراءة وتقدم في المسبوق في نظير ما هنا أنه من اشتغل بافتتاح أو تعوذ تخلف وقرأ بقدره وإلا تابعه ولم يذكراه هنا .

                                                                                                                            قال في الكفاية : ولا شك في جريانه هنا بناء على ندب التعوذ : أي على الأصح والافتتاح على مقابله ، وقد صرح بما قاله الفوراني ، وتحريره أنه إذا اشتغل بالتعوذ فلم يفرغ من الفاتحة حتى كبر الإمام الثانية أو الثالثة لزمه التخلف للقراءة بقدر التعوذ ، ويكون متخلفا بعذر إن غلب على ظنه أنه يدرك الفاتحة بعد التعوذ وإلا فغير معذور ، فإن لم يتمها حتى كبر الإمام الثالثة بطلت صلاته ، ومقابل الأصح يتخلف ويتمها على ما مر نظيره في كتاب الجماعة ( وإذا سلم الإمام تدارك المسبوق ) وجوبا ( باقي التكبيرات بأذكارها ) وجوبا [ ص: 482 ] في الواجب وندبا في المندوب كما يأتي في الركعات بالقراءة وغيرها وخالفت تكبيرات العيد حيث لا يأتي بما فاته منها ، فإن التكبير هنا بمنزلة أفعال الصلاة فلا يمكن الإخلال بها وفي العيد سنة فسقطت بفوات محلها ( وفي قول لا تشترط الأذكار ) بل يأتي ببقية التكبيرات نسقا ; لأن الجنازة ترفع بعد سلام الإمام فليس الوقت وقت تطويل ، وادعى المحب الطبري أن محل الخلاف عند رفع الجنازة ، فإن اتفق بقاؤها لسبب ما أو كانت على غائب فلا وجه للخلاف بل يأتي بالأذكار قطعا .

                                                                                                                            قال الأذرعي : وكأنه من تفقه ، وإطلاق الأصحاب يفهم عدم الفرق ا هـ .

                                                                                                                            وهذا هو الأوجه وعلى الأول يستحب أن لا ترفع الجنازة حتى يتم المسبوق ما فاته ، فإن رفعت لم يضر وإن حولت عن القبلة ، بخلاف ابتداء عقد الصلاة لا يحتمل فيه ذلك والجنازة حاضرة لأنه يحتمل في الدوام ما لا يحتمل في الابتداء ، ذكره في المجموع ، وقضيته أن الموافق كالمسبوق في ذلك .

                                                                                                                            ولو أحرم على جنازة يمشى بها وصلى عليها جاز بشرط أن لا يكون ما بينهما أكثر من ثلثمائة ذراع كما سيأتي ، وأن يكون محاذيا لها كالمأموم مع الإمام على القول بذلك المار في صلاة الجماعة ، ولا يضر المشي بها كما لو أحرم الإمام في سرير وحمله إنسان ومشى به فإنه يجوز ، كما تجوز الصلاة خلفه وهو في سفينة سائرة ، قاله ابن العماد وغيره .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وهو في الفاتحة تركها ) أي فلو اشتغل بإكمال الفاتحة فمتخلف بغير عذر ، فإن كبر إمامه أخرى قبل متابعته بطلت صلاته .

                                                                                                                            [ فرع ] يجوز الاستخلاف في صلاة الجنازة بشرطه م ر ا هـ سم على منهج . أقول : ولعل شرطه عدم طول الفصل ( قوله : ويكون متخلفا بعذر ) وينبغي أن يكون من العذر ما لو ترك المأموم الموافق للقراءة في الأولى ، [ ص: 482 ] وجمع بينها وبين الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية فكبر الإمام قبل فراغه منهما فتخلف لإتمام الواجب عليه ( قوله : وإطلاق الأصحاب يفهم عدم الفرق ) أي بين الرفع وعدمه في جريان الخلاف ( قوله : وعلى الأول يستحب إلخ ) أي والمخاطب بذلك الولي فيأمرهم بتأخير الحمل ، فإن لم يتفق من الولي أمر ولا نهي استحب التأخير من المباشرين للحمل ، فإن أرادوا الحمل استحب للآحاد أمرهم بعدم الحمل ا هـ ( قوله : لم يضر وإن حولت عن القبلة ) قال حج : ما لم يزد ما بينهما على ثلثمائة ذراع أو يحل بينهما حائل مضر في غير المسجد ( قوله : بشرط أن لا يكون . . إلخ ) قضية هذا تخصيص ذلك بوقت الإحرام ، ومفهومه أنه إذا زادت المسافة على ذلك بعد الإحرام لم يضر ، وقد يشعر كلام حج بخلافه حيث قال : والمشي بها قبل إحرام المصلي وبعده وإن حولت عن القبلة ما لم يزد ما بينهما على ثلثمائة ذراع أو يحل إلخ ( قوله : أكثر من ثلثمائة ذراع ) أي يقينا ، وعليه فلو شك في المسافة هل تزيد على ذلك أو لا لم يضر ; لأن الأصل عدم التقدم ( قوله : وأن يكون محاذيا لها ) بأن لا يتحول عن القبلة ( قوله : على القول بذلك ) أي القول المرجوح .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لزمه التخلف إلخ ) انظر هلا بطلت صلاته بالتخلف بتكبيرتين نظير ما مر في بطء القراءة ، وما ذكر معه مع استواء الجميع من حيث العذر كما مر في الجماعة قوله : وجوبا أي بالنسبة للتكبيرات ، وقوله : بعد ذلك وجوبا في الواجب وندبا في المندوب : أي بالنسبة [ ص: 482 ] للأذكار .




                                                                                                                            الخدمات العلمية