الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإذا مات الرجل فقالت الورثة للمرأة قد كان طلقك في حياته ثلاثا وأرادوا أن يأخذوا منها المشكل لم يصدقوا على ذلك وهذا التفريع عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإنه يقول : إذا وقعت الفرقة بالطلاق ففي المشكل القول قول الزوج وإذا وقعت بالموت ففي المشكل القول قول الباقي منهما ، ثم هنا الورثة يدعون طلاقا لم يظهر سببه فلا يقبل قولهم في ذلك إلا بحجة .

ألا ترى أنهم لو أرادوا منع ميراثها بهذه الدعوى لم يقبل قولهم في ذلك ولأن القول قولها بعد ما تحلف بالله أنها ما تعلم أنه طلقها ; لأنها لو أقرت بالطلاق لزمها فإذا أنكرت حلفت عليه ولكن الاستحلاف على فعل الغير يكون على العلم ، فإن علم أنه طلقها في صحته ثلاثا ثم مات ، أو طلقها في مرضه ثلاثا ، ثم مات بعد انقضاء العدة ففي المشكل القول قول ورثة الزوج ; لأنها صارت أجنبية بهذا الطلاق ولو وقعت المنازعة بينهما في المشكل بعد الطلاق كان القول فيه قول الزوج ، فكذلك بعد موته القول فيه قول ورثته ، وإن مات قبل أن تنقضي العدة فهو للمرأة ; لأن الطلاق في المرض لا يجعلها أجنبية ما لم تنقض عدتها .

ألا ترى أنها ترثه بالزوجية إذا مات فكان هذا وما لو وقعت الفرقة بينهما [ ص: 217 ] بالموت سواء ; فلهذا كان القول في المشكل قولها ، وإن كانا مملوكين أو مكاتبين ، أو كافرين فالقول في المتاع على ما وصفنا في الحرين المسلمين ; لأن هذا من باب الدعوى والخصومة . والكفار والمماليك في ذلك يستوون بالأحرار المسلمين كما في سائر الخصومات . والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب

التالي السابق


الخدمات العلمية