الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ 1153 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=657620حلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحلق طائفة من أصحابه، وقصر بعضهم ، قال عبد الله: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رحم الله المحلقين" مرة، أو مرتين، ثم قال: (والمقصرين) .
رواه أحمد ( 2 \ 119 و 141) والبخاري ( 1727)، ومسلم ( 1301)(316)، وأبو داود (1979)، والترمذي (913)، وابن ماجه (3044).
[ 1154 ] وعنه nindex.php?page=hadith&LINKID=679548أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: nindex.php?page=treesubj&link=3692_3686 "رحم الله المحلقين" قالوا : والمقصرين يا رسول الله؟ قال : "والمقصرين" .
وفي رواية : قال في الرابعة : "والمقصرين".
رواه مسلم (1301) (317- 319).
[ 1155 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=651613قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم اغفر للمحلقين قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين؟ قال: اللهم اغفر للمحلقين. قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين؟ قال: "اللهم اغفر للمحلقين". قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين؟ قال: "وللمقصرين" .
رواه البخاري ( 1728)، ومسلم ( 1302)، وابن ماجه (303).
[ 1156 ] وعن يحيى بن الحصين، عن جدته ، أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثا ، وللمقصرين مرة.
أحاديث هذا الباب تدل: على أن nindex.php?page=treesubj&link=3686الحلاق نسك يثاب فاعله . وهو مذهب [ ص: 404 ] الجمهور . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أحد قوليه ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء : إلى أنه ليس بنسك ، بل هو مباح . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لأنه ورد بعد الحظر ، فحمل على الإباحة ، كاللباس ، والطيب . وهذه الأحاديث ترد عليهم من وجهين :
أحدهما : أنها تضمنت أن كل واحد من الحلاق والتقصير فيه ثواب ، ولو كان مباحا لاستوى فعله وتركه .
وثانيهما : تفضيل الحلاق على التقصير . ولو كانا مباحين لما كان لأحدهما مزية على الآخر في نظر الشرع .
واختلف القائلون بكونهما نسكين في الموجب لأفضلية الحلاق على التقصير. فقيل : لما ذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=683986حلق رجال يوم الحديبية ، وقصر آخرون ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (اللهم ارحم المحلقين) ثلاثا ، قيل : يا رسول الله! لم ظاهرت لهم بالترحم ؟ قال : (لأنهم لم يشكوا) . وحاصله : أنه أمرهم يوم الحديبية بالحلاق ، فما قام منهم أحد ; لما وقع في أنفسهم من أمر الصلح ، فلما حلق النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا للمحلقين ، أو استغفر لهم ثلاثا ، وللمقصرين واحدة ، فبادروا إلى ذلك. قال nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر : وكون ذلك يوم الحديبية هو المحفوظ. وقيل : بل كان ذلك في حجة الوداع ; كما روته أم الحصين من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، وهو إمام ثقة ، وإنما كان الحلاق أفضل لأنه أبلغ في العبادة ، وأدل على صدق النية في [ ص: 405 ] التذلل لله تعالى ; لأن المقصر مبق على نفسه بعض الزينة التي ينبغي للحاج أن يكون مجانبا لها . والله أعلم .
والمحصر في الحلاق والتقصير كغيره ; في كون ذلك نسكا له ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وصاحباه : ليس على المحصر شيء من ذلك ، ويرده حلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية .
ولا خلاف في أن nindex.php?page=treesubj&link=3690حكم النساء التقصير ، وأن الحلاق غير لازم لهن عندنا وعند كثير من العلماء ، على أن الحلاق لهن غير جائز ; لأنه مثلة فيهن . ويدل على أنه ليس بمشروع لهن : بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=33862 (ليس على النساء الحلق ، إنما على النساء التقصير) .
وجمهورهم: على أن من لبد ، أو عقص ، أو ضفر لزمه أن يحلق ، ولا يقصر [ ص: 406 ] للسنة الواردة بذلك ; ولأن التقصير لا يعم الشعر . ومن سنته عموم التقصير . وخالف في هذا أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، وقالوا : إن الملبد والمضفر كغيره يجزئه التقصير .