الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فصل :

[ المتزين بما ليس فيه وعقوبته ]

وأما قوله : " ومن تزين بما ليس فيه شانه الله " لما كان المتزين بما ليس فيه ضد المخلص - فإنه يظهر للناس أمرا وهو في الباطن بخلافه - عامله الله بنقيض قصده ; فإن المعاقبة بنقيض القصد ثابتة شرعا وقدرا ، ولما كان المخلص يعجل له من ثواب إخلاصه الحلاوة والمحبة والمهابة في قلوب الناس عجل للمتزين بما ليس فيه من عقوبته أن شانه الله بين الناس ; لأنه شان باطنه عند الله ، وهذا موجب أسماء الرب الحسنى وصفاته العليا وحكمته في قضائه وشرعه .

هذا ، ولما كان من تزين للناس بما ليس فيه من الخشوع والدين والنسك والعلم وغير ذلك قد نصب نفسه للوازم هذه الأشياء ومقتضياتها فلا بد أن تطلب منه ، فإذا لم توجد عنده افتضح ، فيشينه ذلك من حيث ظن أنه يزينه ، وأيضا فإنه أخفى عن الناس ما أظهر لله خلافه ، فأظهر الله من عيوبه للناس ما أخفاه عنهم ، جزاء له من جنس عمله ، وكان بعض [ ص: 124 ] الصحابة يقول : أعوذ بالله من خشوع النفاق ، قالوا : وما خشوع النفاق ؟ قال : أن ترى الجسد خاشعا والقلب غير خاشع ; وأساس النفاق وأصله هو التزين للناس بما ليس في الباطن من الإيمان ; فعلم أن هاتين الكلمتين من كلام أمير المؤمنين مشتقة من كلام النبوة ، وهما من أنفع الكلام ، وأشفاه للسقام .

التالي السابق


الخدمات العلمية