الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3285 [ 1263 ] وعن ابن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع نخيل بني النضير ، وحرق وهي البويرة . ولها يقول حسان:


                                                                                              وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير

                                                                                              وفي ذلك نزلت: ما قطعتم من لينة أو تركتموها الآية
                                                                                              [الحشر: 5] .

                                                                                              رواه البخاري (3021)، ومسلم (1746) (30)، وأبو داود (2615)، والترمذي (3298).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : ( قطع نخيل بني النضير ، وحرق ) ; دليل للجمهور على جواز قطع نخل العدو ، وتحريقها إذا لم يرج مصيرها للمسلمين ، وكان قطعها نكاية للعدو .

                                                                                              [ ص: 530 ] وقد منع ذلك الليث بن سعد ، وأبو ثور ، وقد روي عن الصديق أبي بكر رضي الله عنه . واختلف في ذلك عن الأوزاعي ، واعتذر لهم عن هذا الحديث : بأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قطع تلك النخيل ليوسع موضع جولان الخيل للقتال . وهذا تأويل يدل على فساده قوله تعالى : ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ولا شك في أن هذه الآية نزلت فيما عاب المشركون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قطع نخيل بني النضير ، فبين فيها : أن الله تعالى أباحه لنبيه - صلى الله عليه وسلم - خزيا للمشركين ، ونكاية لهم . والآية نص في تعليل ذلك. ويمكن أن يحمل ما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه من منع ذلك على ما إذا لم يكن في قطعها نكاية ، أو ارتجي عودها للمسلمين ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              و (اللينة) : النخلة ; أي نخلة كانت . وقيل : العجوة . وقيل : كرام النخل ، قاله سفيان . وقال جعفر بن محمد : هي العجوة . وقيل : الفسيل ; لأنه ألين. وقيل : أغصان الأشجار للينها . وقيل : هي النخلة القريبة من الأرض . قال الأخفش : اللينة من اللون. وأصله : لونة ، وتجمع : لين ، وليان . قال :


                                                                                              وسالفة كسحوق الليا ن أضرم فيها الغوي السعر



                                                                                              و ( البويرة ) المذكورة في شعر حسان : موضع من بلاد بني النضير . و ( مستطير ) : منتشر .




                                                                                              الخدمات العلمية