الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=22871_22872 ( وخيرت أمة ) . [ ص: 177 ] ولو أم ولد ( ومكاتبة ) ولو حكما كمعتقة بعض ( عتقت تحت حر أو عبد ولو كان النكاح برضاها ) دفعا لزيادة الملك عليها بطلقة ثالثة ، فإن اختارت نفسها فلا مهر لها أو زوجها فالمهر لسيدها ، ولو صغيرة تؤخر لبلوغها ، وليس لها خيار بلوغ في الأصح ( أو ) nindex.php?page=treesubj&link=22872 ( كانت ) الأمة ( عند النكاح حرة ثم صارت أمة ) بأن ارتدا ولحقا بدار الحرب ثم سبيا معا فأعتقت خيرت عند الثاني خلافا للثالث مبسوط ( والجهل بهذا الخيار ) خيار العتق ( عذر ) [ ص: 178 ] فلو لم تعلم به حتى ارتدا ولحقا فعلمت ففسخت صح إلا إذا قضى باللحاق وليس هذا حكما بل فتوى كافي ( ولا يتوقف على القضاء ) ولا يبطل بسكوت ولا يثبت لغلام ويقتصر على مجلس كخيار مخيرة ، بخلاف خيار البلوغ في الكل خانية .
( قوله وخيرت أمة ) هذا يسمى خيار العتق : قال في النهر : ولو nindex.php?page=treesubj&link=22871اختارت نفسها بلا علم [ ص: 177 ] الزوج يصح ، وقيل لا يصح بغيبته كذا في جامع الفصولين ( قوله ولو أم ولد ) أي أو مدبرة ، وشمل الكبيرة والصغيرة بحر .
( قوله ومكاتبة ) خالف nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر فقال لا خيار لها ، وقواه في الفتح وأجاب عنه في البحر .
( قوله ولو nindex.php?page=treesubj&link=22871كان النكاح برضاها ) وكذا بدون رضاها بالأولى . وعبارة الزيلعي وغيره . ولا فرق في هذا بين أن يكون برضاها أو بغيره . ا هـ . وهذا التعميم ظاهر في غير المكاتبة لما قدمه الشارح قريبا من أن له إجبار قنه على النكاح لا مكاتبه ولا مكاتبته . وفي المعراج أنه ليس له إجبارهما بالإجماع ، وبه تأيد قوله في الشرنبلالية إن نفي رضا المكاتبة منفي فإنه كما لا ينفذ تزويجها نفسها بدون إذن مولاها لبقاء ملكه لرقبتها لا ينفذ تزويجه إياها بدون إذنها لموجب الكتابة ، وتمامه هناك .
( قوله دفعا لزيادة الملك عليها ) علة لقوله خيرت ، وذلك أن nindex.php?page=treesubj&link=22871_25621الزوج كان يملك عليها طلقتين فلما صارت حرة صار يملك عليها طلقة ثالثة وفيه ضرر لها فملكت رفع أصل العقد لدفع الزيادة المضرة لها ، ولهذا لم يثبت خيار العتق للعبد الذكر لأنه ليس عليه ضرر وهو قادر على الطلاق .
( قوله فلا مهر لها ) أي إن لم يدخل بها الزوج لأن اختيارها نفسها فسخ من الأصل ، وإن كان دخل بها فالمهر لسيدها لأن الدخول بحكم نكاح صحيح فتقرر به المسمى بحر .
( قوله أو زوجها ) بالنصف عطف على قوله نفسها .
( قوله فالمهر لسيدها ) أي سواء دخل الزوج بها أو لم يدخل لأن المهر واجب بمقابل ما ملك الزوج من البضع وقد ملكه عن المولى فيكون بدله للمولى بحر عن غاية البيان .
قلت : وقوله سواء دخل بها الزوج أو لم يدخل لا ينافي ما سيأتي متنا من التفصيل ، بأنه لو nindex.php?page=treesubj&link=11168وطئ الزوج قبل العتق فالمهر للمولى أو بعده فلها لأن ذاك فيما إذا كان النكاح بدون إذن المولى ونفذ النكاح بالعتق وبه تملك منافعها فإذا وطئ بعده فالمهر لها بخلاف ما هنا فإن النكاح بالإذن فنفذ النكاح في حال قيام الرق كما سيأتي فافهم .
( قوله ولو صغيرة ) أي لو nindex.php?page=treesubj&link=22861_22871كانت المعتقة صغيرة وقد زوجها مولاها قبل العتق تأخر خيارها إلى بلوغها . قال في البحر لأن فسخ النكاح من التصرفات المترددة بين النفع والضرر فلا تملكه الصغيرة ولا يملكه وليها لقيامه مقامها ، كذا في جامع الفصولين ، فإذا بلغت كان لها خيار العتق لا خيار البلوغ على الأصح كذا في الذخيرة ا هـ . وقيل يثبت لها خيار البلوغ أيضا ، ويدخل تحت خيار العتق . وأما لو nindex.php?page=treesubj&link=22861زوجها بعد العتق ثم بلغت فإن لها خيار البلوغ لأن ولاية المولى عليها في الصورة الأولى كولاية الأب بل أقوى ، وفي هذه كولاية الأخ والعم بل أضعف كما أوضحناه في باب الولي .
( قوله معا ) قيد في الجمل الثلاثة وإنما قيد به لأن بارتداد أحدهما أو لحاقه أو سبيه ينفسخ النكاح ا هـ ح .
( قوله خيرت عند الثاني ) لأنها بالعتق ملكت أمر نفسها وازداد ملك الزوج عليها ح عن البحر .
( قوله خلافا للثالث ) أي حيث قال لا خيار لها لأن بأصل العقد ثبت عليها ملك كامل برضاها ثم انتقص الملك ، فإذا أعتقت عاد إلى أصله كما كان ، ولا يخفى ترجيح قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف لدخوله تحت النص كذا في البحر ، ومراده بالنص { nindex.php?page=hadith&LINKID=108203قوله صلى الله عليه وسلم لبريرة حين أعتقت ملكت بضعك فاختاري } . ا هـ . ح أي حيث أفاد قوله فاختاري أن علة الاختيار ملك البضع على وجه زاد ملك الزوج عليها مثل زنى فرجم وسرق فقطع حيث أفادت الفاء أن العلة الزنا والسرقة كما تقرر في الأصول ، فلا يرد ما أورده الرحمتي من أن النص لا عموم فيه لأنه خطاب لمعينة فتدبر .
( قوله خيار العتق ) بدل من هذا الخيار ح .
( قوله عذر ) أي لاشتغالها بخدمة المولى فلا تتفرغ للتعلم . [ ص: 178 ] ثم إذا علمت يبطل بما يدل على الإعراض في مجلس العلم كخيار المخيرة ، ولو جعل لها قدرا على أن تختاره فقلت سقط خيارها كما في النهر . زاد في تلخيص الجامع ولا شيء لها ; لأنه حق ضعيف فلا يظهر في حق الاعتياض كسائر الخيارات والشفعة والكفالة بالنفس ، بخلاف خيار العيب .
( قوله فلو لم تعلم به ) قال في البحر عن المحيط : إذا nindex.php?page=treesubj&link=22875زوج عبده أمته ثم أعتقها فلم تعلم أن لها الخيار حتى ارتدا ولحقا بدار الحرب ورجعا مسلمين ثم علمت بثبوت الخيار أو علمت بالخيار في دار الحرب فلها الخيار في مجلس العلم . ا هـ . ح وكذا nindex.php?page=treesubj&link=22874_22875_22871الحربية إذا تزوجها حربي ثم أعتقت خيرت سواء علمت في دار الحرب أو في دارنا بعد الإسلام نهر .
( قوله إلا إذا قضى باللحاق ) أي فلا يصح فسخها لعودها رقيقة بالحكم بلحاقها لأن الكفار في دار الحرب كلهم أرقاء وإن كانوا غير مملوكين لأحد كما يأتي أول العتاق . ا هـ . ح ، وأقره ط والرحمتي .
قلت : ما يأتي محمول على الحربي إذا أسر فهو رقيق قبل الإحراز بدارنا وبعده رقيق ومملوك كما سيأتي هناك وهو صريح ما قدمناه أول هذا الباب فالظاهر أن علة عدم صحة الفسخ كون الحكم باللحاق موتا حكميا يسقط به التصرفات الموقوفة على الإسلام فيسقط به حق الفسخ الذي هو حق مجرد بالأولى ، ثم رأيت في شرح التلخيص علل بما قلته ، فلله تعالى الحمد .
( قوله وليس هذا حكما ) جواب سؤال تقديره كيف حكمتم بصحة فسخ من في دار الحرب وأحكامنا منقطعة عنهم ح .
( قوله بل فتوى ) أي إخبار عند السؤال عن الحادثة ط .
( قوله ولا يتوقف ) أي الفسخ بخيار العتق لا يتوقف على قضاء القاضي ( قوله ولا يبطل بسكوت ) أي ولو كانت بكرا بل لا بد من الرضا صريحا أو دلالة ط .
( قوله ولا يثبت لغلام ) أي لعبد ذكر لأنه ليس فيه زيادة ملك عليه ، بخلاف الأمة ولأنه يملك الطلاق فلا حاجة إلى الفسخ ( قوله ويقتصر على مجلس ) أي مجلس العلم ويمتد إلى آخره ، فإذا قامت بطل .
( قوله كخيار مخيرة ) أي من nindex.php?page=treesubj&link=22875قال لها زوجها اختاري نفسك فإنها تختار ما دامت في المجلس ( قوله بخلاف خيار البلوغ في الكل ) أي في كل الخمسة المذكورة ، فإن الجهل فيه ليس بعذر ، ويتوقف على القضاء ويبطل بسكوتها بعد علمها بالنكاح ، ويثبت للأنثى والغلام ولا يمتد إلى آخر المجلس إن كانت بكرا ، ولو ثيبا فوقته العسر إلى وجود الرضا صريحا أو دلالة كما في الغلام إذا بلغ .