الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو ) ( أسلم أحدهما ) أي أحد المجوسيين أو امرأة الكتابي ( ثمة ) أي في دار الحرب وملحق بها كالبحر الملح ( لم تبن حتى تحيض ثلاثا ) أو تمضي ثلاثة أشهر ( قبل إسلام الآخر ) إقامة لشرط الفرقة مقام السبب ، وليست بعدة لدخول غير المدخول بها .

التالي السابق


( قوله ولو أسلم أحدهما ثمة ) هذا مقابل قوله فيما مر وإذا أسلم أحد الزوجين المجوسيين أو امرأة الكتابي إلخ فإنه مفروض فيما إذا اجتمعا في دار الإسلام كما قدمناه .

ولذا قال في البحر هنا : أطلق في إسلام أحدهما في دار الحرب فشمل ما إذا كان الآخر في دار الإسلام أو في دار الحرب أقام الآخر فيها أو خرج إلى دار الإسلام . فحاصله أنه ما لم يجتمعا في دار الإسلام فإنه لا يعرض الإسلام على المصر ، سواء خرج المسلم أو الآخر لأنه لا يقضى لغائب ولا على غائب ، وكذا في المحيط . ا هـ . ( قوله كالبحر الملح ) قال في النهر : وينبغي أن يكون ما ليس بدار الحرب ولا إسلام ملحقا بدار الحرب كالبحر الملح لأنه لا قهر لأحد عليه ، فإذا أسلم أحدهما وهو راكبه توقفت البينونة على مضي ثلاث حيض أخذا من تعليلهم بتعذر العرض لعدم الولاية . ا هـ . وهل حكم البحر الملح في غير هذه حكم دار الحرب ، حتى لو خرج إليه الذمي صار حربيا وانتقض عهده ، وإذا خرج إليه الحربي وعاد قبل الوصول إلى داره ينقض أمانه ويعشر ما معه يحرر ط ( قوله لم تبن حتى تحيض إلخ ) أفاد بتوقف البينونة على الحيض أن الآخر لو أسلم قبل انقضائها فلا بينونة بحر .

( قوله أو تمضي ثلاثة أشهر ) أي إن كانت لا تحيض لصغر أو كبر كما في البحر ، وإن كانت حاملا فحتى تضع حملها ح عن القهستاني ( قوله إقامة لشرط الفرقة ) وهو مضي هذه المدة مقام السبب وهو الإباء لأن الإباء لا يعرف إلا بالعرض ، وقد عدم العرض لانعدام الولاية ومست الحاجة إلى التفريق لأن المشرك لا يصلح للمسلم وإقامة الشرط عند تعذر العلة جائز ، فإذا مضت هذه المدة صار مضيها بمنزلة تفريق القاضي وتكون فرقة بطلاق على قياس قولهما ، وعلى قياس قول أبي يوسف بغير طلاق لأنها بسبب الإباء حكما وتقديرا بدائع . وبحث في البحر أنه ينبغي أن يقال إن كان المسلم هو المرأة تكون فرقة بطلاق ، لأن الآبي هو الزوج حكما والتفريق بإبائه طلاق عندهما .

فكذا ما قام مقامه وإن كان المسلم الزوج فهي فسخ ( قوله وليست بعدة ) أي ليست [ ص: 192 ] هذه المدة عدة لأن غير المدخول بها داخلة تحت هذا الحكم ، ولو كانت عدة لاختص ذلك بالمدخول بها ، وهل تجب العدة بعد مضي هذه المدة ، فإن كانت المرأة حربية فلا لأنه لا عدة على الحربية ، وإن كانت هي المسلمة فخرجت إلينا فتمت الحيض هنا فكذلك عند أبي حنيفة خلافا لهما لأن المهاجرة لا عدة عليها عنده خلافا لهما كما سيأتي بدائع وهداية وجزم الطحاوي بوجوبها قال في البحر : وينبغي حمله على اختيار قولهما




الخدمات العلمية