الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل الشرط الرابع : أن يكون من زوج يمكنه الجماع وتلزمه الكفارة بالحنث مسلما كان أو كافرا ، حرا أو عبدا ، سليما أو خصيا أو مريضا يرجى برؤه ، فأما العاجز عن الوطء بجب ، أو شلل ، فلا يصح إيلاؤه . ويحتمل أن يصح ، وفيئته أن يقول : لو قدرت لجامعتك . ولا يصح إيلاء الصبي والمجنون . وفي إيلاء السكران وجهان . ومدة الإيلاء في الأحرار ، والرقيق سواء . وعنه : في العبد أنها على النصف ، ولا حق لسيد الأمة في طلب الفيئة ، والعفو عنها ، وإنما ذلك إليها .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( الشرط الرابع أن يكون من زوج ) نص عليه بشرط أن يكون مكلفا [ ص: 19 ] للآية ، ولأن غير الزوج موطوءته أمته ، والأمة لا حق لها في الوطء كالأجنبية . والذمي كالمسلم إذا ترافعوا إلينا في قول أكثرهم ، فإن أسلم لم ينقطع إيلاؤه ، ويتخرج : وأجنبي كلزومه الكفارة . ( يمكنه الجماع ) لأنه إذا لم يمكنه الجماع كالمجبوب فيمينه يمين على مستحيل ، فلم ينعقد . كما لو حلف ليقلب الحجر ذهبا . ولأن الإيلاء اليمين المانعة من الجماع ، ويمين من شأنه ما ذكر لا يمنعه ، بل فعل ذلك متعذر منه . ( وتلزمه ) أي : الزوج ( الكفارة بالحنث ) لأنه إذا كان صبيا ، أو مجنونا ، فلا يعتبر قوله ، ولا يمينه ضرورة عدم الأهلية . ( مسلما كان ، أو كافرا ، حرا ، أو عبدا ، سليما ، أو خصيا ، أو مريضا يرجى برؤه ) أو مرضوضا ، أو مجبوبا بقي من ذكره ما يمكنه الجماع به . وكذا إن كان لعارض مرجو الزوال كحبس ونحوه ; لأنه قادر على الوطء فصح منه الامتناع منه . وعنه : أو لا كرتق . اختاره القاضي وأصحابه . ( فأما العاجز عن الوطء بجب ، أو شلل ، فلا يصح إيلاؤه ) لأن من شرطه إمكان الجماع ، وهو معدوم ، وكذا إن كان لعارض غير مرجو الزوال ; لأنه حلف على ترك مستحيل ، فلم يصح كالحلف على ترك الطيران . ( ويحتمل أن يصح ) لمرض مرجو الزوال ، والأولى أولى . وعليه لو حلف ، ثم جب ففي بطلانه وجهان . قاله في الترغيب ( وفيئته أن يقول : لو قدرت لجامعتك ) لأنه يقدر على أكثر منه ، وعنه : فيئة كل معذور فئت إليك ، ولا حنث بفيئة اللسان .

                                                                                                                          ( ولا يصح إيلاء الصبي ، والمجنون ) لرفع القلم عنهما . والمذهب صحة إيلاء المميز [ ص: 20 ] لأنه يصح طلاقه ( وفي إيلاء السكران وجهان ) بناء على طلاقه ، والأشهر صحته .

                                                                                                                          ( ومدة الإيلاء في الأحرار ، والرقيق سواء ) في ظاهر المذهب ونصره في " الشرح " لعموم النص ، ولأنها مدة ضربت للوطء أشبهت مدة العنة ، ( وعنه : أنها في العبد على النصف ) . نقل أبو طالب أن أحمد رجع إليه ، وأنه قول التابعين كلهم إلا الزهري وحده واختاره أبو بكر كالطلاق ، والنكاح ، ولأن مدة الإيلاء ثبت ابتداؤها بقول الزوج ، فوجب أن تختلف كمدة العدة وظاهرها ما سبق أنه لا يشترط لصحته الغضب ولا قصد الإضرار . وقاله ابن مسعود وأهل العراق . وقال ابن عباس : إنما الإيلاء في الغضب ( ولا حق لسيد الأمة في طلب الفيئة ، والعفو عنها ، وإنما ذلك إليها ) . وجملة ذلك أن الحرة ، والأمة سواء في استحقاق المطالبة ، عفا السيد أو لا ; لأن الحق لها لكون الاستمتاع يحصل لها . فإن تركت المطالبة لم يكن لمولاها المطالبة به ; لأنه لا حق له . لا يقال : حقه في الولد ; لأنه لا يعزل عنها إلا بإذنه ; لأنه لا يستحق على الزوج استيلاد المرأة بدليل أنه لو حلف ليعزلن عنها أو لا يستولدها - لم يكن مؤليا .




                                                                                                                          الخدمات العلمية