الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 413 ] حديث علي في دعاء الاستفتاح : رواه مسلم بطوله ، وزاد ابن حبان { إذا قام إلى الصلاة المكتوبة } ، وفي رواية النسائي من حديث جابر : { كان إذا استفتح الصلاة قال : إن صلاتي }قال الشافعي : أستحب أن يأتي به المصلي بتمامه ، ويجعل مكان : { وأنا أول المسلمين } ، " وأنا من المسلمين " ، قلت : وهذه اللفظة في رواية لمسلم أيضا ، وذكرها أبو داود موقوفة على بعض التابعين .

( تنبيه ) زاد الرافعي في سياقه بعد { حنيفا }: { مسلما }وهو عند ابن حبان أيضا من حديث علي وزاد بعد قوله : { لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك } ، وهو في رواية الشافعي عن مسلم بن خالد ، وعبد المجيد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة بسنده ، وزاد بعد { فالخير كله بيدك }: { والمهدي من هديت }وهو في رواية الشافعي أيضا . قوله : إن بعض الأصحاب قال : إن السنة في دعاء الاستفتاح أن يقول : { سبحانك اللهم وبحمدك }. . . الحديث ، وهو في الباب عن أبي الجوزاء عن عائشة ، قالت : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ولا إله غيرك }رواه أبو داود [ ص: 414 ] والحاكم ورجال إسناده ثقات ، لكن فيه انقطاع ، وأعله أبو داود بأنه ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب ، وبأن جماعة رووا قصة الصلاة عن بديل بن ميسرة ولم يذكروا ذلك فيه . وقال الدارقطني : ليس بالقوي . انتهى . وله طريق أخرى رواها الترمذي وابن ماجه من طريق حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة نحوه ، وحارثة ضعيف ، قال ابن خزيمة : حارثة مدني نزل الكوفة وليس ممن يحتج أهل العلم بحديثه ، وهذا صحيح عن عمر لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما قول الترمذي : لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، فمعترض بطريق أبي الجوزاء السابقة ، وبما رواه الطبراني عن عطاء عن عائشة نحوه . وفي الباب عن ابن مسعود ، وعثمان ، وابن سعيد ، وأنس ، والحكم بن عمير ، وأبي أمامة ، وعمرو بن العاص ، وجابر ، قال الحاكم : وقد صح ذلك عن عمر ، ثم ساقه وهو في صحيح ابن خزيمة كما مضى ، وفي صحيح مسلم أيضا ذكره في موضع غير مظنته استطرادا ، وفي إسناده انقطاع .

342 - ( 13 ) - حديث جبير بن مطعم : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ قبل القراءة }رواه أحمد وأبو داود ، [ ص: 415 ] وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديثه بلفظ : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل في الصلاة قال : الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا ، ثلاثا ، سبحان الله بكرة وأصيلا ، ثلاثا ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، من نفخه ونفثه وهمزه }لفظ ابن حبان ، ولفظ الحاكم نحوه ، وحكى ابن خزيمة الاختلاف فيه وقد أوضحت طرقه في المدرج . قوله : وروي عن غير جبير بن مطعم : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ قبل القراءة }. رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم من حديث أبي سعيد الخدري ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام [ ص: 416 ] إلى الصلاة بالليل كبر ، ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ، ثم يقول : لا إله إلا الله ، ثلاثا ، ثم يقول : الله أكبر ، ثلاثا ، ثم يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه }قال الترمذي : حديث أبي سعيد أشهر حديث في الباب ، وقد تكلم في إسناده ، وقال أحمد : لا يصح هذا الحديث ، وقال ابن خزيمة : لا نعلم في الافتتاح : سبحانك اللهم خبرا ثابتا عند أهل المعرفة بالحديث ، وأحسن أسانيده حديث أبي سعيد ، ثم قال : لا نعلم أحدا ولا سمعنا به استعمل هذا الحديث على وجهه ، ورواه أحمد من حديث أبي أمامة نحوه وفيه : { أعوذ بالله من الشيطان الرجيم } ، وفي إسناده من لم يسم .

وروى ابن ماجه وابن خزيمة من حديث ابن مسعود : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ، ونفخه ، ونفثه }ورواه الحاكم والبيهقي بلفظ : { كان إذا دخل في الصلاة } ، وعن أنس نحوه رواه الدارقطني وفيه الحسين بن علي بن الأسود فيه مقال ، وله طريق أخرى ذكرها ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه وضعفها .

( فائدة ) كلام الرافعي يقتضي أنه لم يرد الجمع بين { وجهت وجهي } ، وبين { سبحانك اللهم } ، وليس كذلك ، فقد جاء في حديث ابن عمر رواه الطبراني في الكبير ، وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي رواية عن محمد بن المنكدر عنه ، وهو ضعيف ، وفيه عن جابر أخرجه البيهقي بسند جيد لكنه من رواية ابن المنكدر عنه ، وقد اختلف عليه فيه ، وفيه عن علي رواه إسحاق بن راهويه في مسنده ، وأعله [ ص: 417 ] أبو حاتم . قوله : ورد الخبر بأن صيغة التعوذ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هو كما قال كما تقدم ، وقد ورد بزيادة كما تقدم ، وفي مراسيل أبي داود عن الحسن : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم }.

قوله : وعن بعض أصحابنا أن الأحسن أن يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم انتهى . هو في حديث أبي سعيد الخدري الذي سبق .

قوله : { اشتهر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم التعوذ في الركعة الأولى ، ولم يشتهر في سائر الركعات }. أما اشتهاره في الأولى فمستفاد من الأحاديث المتقدمة ، وأما عدم شهرة تعوذه في باقي الركعات فإنما لم يذكر في الأحاديث المذكورة ، لأنها سيقت في دعاء الاستفتاح ، وعموم قوله : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ }يقتضي الاستعاذة في أول ركعة في ابتداء القراءة ، وقد استحب التعوذ في كل ركعة الحسن ، وعطاء ، وإبراهيم ، وكان ابن سيرين يستفتح في أول كل ركعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية