الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3379 [ 1326 ] وعنه قال: كتب نجدة بن عامر إلى ابن عباس قال: فشهدت ابن عباس حين قرأ كتابه، وحين كتب جوابه، وقال ابن عباس: والله لولا أن أرده عن نتن يقع فيه ما كتبت إليه، ولا نعمة عين، قال: فكتب إليه: إنك سألت عن سهم ذي القربى الذين ذكر الله من هم؟ وإنا كنا نرى أن قرابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هم نحن، فأبى ذلك علينا قومنا، وسألت عن اليتيم متى ينقضي يتمه؟ وإنه إذا بلغ النكاح وأونس منه رشد ودفع إليه ماله، فقد انقضى يتمه، وسألت هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقتل من صبيان المشركين أحدا؟ فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يقتل منهم أحدا، وأنت فلا تقتل منهم أحدا، إلا أن تكون تعلم منهم ما يعلم الخضر عليه السلام من الغلام حين قتله، وسألت عن المرأة والعبد هل كان لهما سهم معلوم إذا حضروا البأس، وإنهم لم يكن لهم سهم معلوم، إلا أن يحذيا من غنائم القوم .

                                                                                              رواه مسلم (1812) (140).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : ( فأبى علينا قومنا ) ; كأنه قال : هو لبني هاشم ، وقال بنو المطلب : هو لنا . قاله أبو الفرج ابن الجوزي وقد قدمنا مذهب مالك في هذا ، وحجته عليه .

                                                                                              وقوله : ( وكتبت تسألني عن قتل الصبيان ... فلا تقتل الصبيان ) ; هذا مذهب كافة العلماء : أن الصبيان لا يقتلون إلا أن يبيت العدو ، فيصاب صبيانهم معهم . وقد تقدم : أن الصبيان لا يقتلون لأنه لا يكون منهم قتال غالبا ، ولأنهم مال .

                                                                                              وقوله : ( إلا أن تكون تعلم منهم ما يعلم الخضر ) ; يعني : أن قتل الخضر ; [ ص: 690 ] لذلك الصبي كان بأمر الله تعالى له بذلك ، وبعد أن أعلمه الله تعالى أن قتله ذلك الغلام مصلحة لأبويه . وهذا النوع من العلم متعذر على السائل وغيره ممن لا يعلمه الله بذلك ، فلا يحل قتل صبي بحال من الأحوال . هذا معنى كلامه .

                                                                                              وقوله : ( لولا أن أرده عن نتن يقع فيه ) ; أي : عن فعل فاحش يستقبحه من سمعه من العلماء ، ويستخبثه كما يستخبث الشيء المنتن. وفي الرواية الأخرى : (لولا أن يقع في أحموقة) ; أي : في فعل من أفعال الحمقى . يعني به : العمل على غير العلم .

                                                                                              وقوله : ( ولا نعمة عين ) ، الرواية بضم النون ، وفيها لغات : نعمة- بفتح النون- ، ونعم عين ، ونعم ، ونعمى ، ونعامى ، ونعيم ، ونعام . وكل ذلك بمعنى واحد ; أي : فلا أنعم عينه ، ولا أريها ما يسرها . وهي منصوبة على المصدر .

                                                                                              و ( البأس ) : الحرب. ومنه قوله تعالى : وسرابيل تقيكم بأسكم [النحل: 81] وأصل البأس : الشدة ، والمشقة . والله تعالى أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية