الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3068 ) مسألة ; قال فإن كانت السلعة تالفة تحالفا ورجعا إلى قيمة مثلها إلا أن يشاء المشتري أن يعطي الثمن على ما قال البائع . فإن اختلفا في الصفة فالقول قول المشتري ، مع يمينه في الصفة وجملته ; أنهما إذا اختلفا في ثمن السلعة بعد تلفها فعن أحمد فيها روايتان إحداهما يتحالفان ، مثل ما لو كانت قائمة . وهو قول الشافعي وإحدى الروايتين عن مالك والأخرى ، القول قول المشتري مع يمينه . اختارها أبو بكر وهذا قول النخعي والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة لقوله عليه السلام في الحديث { والسلعة قائمة } فمفهومه أنه لا يشرع التحالف عند تلفها ولأنهما اتفقا على نقل السلعة إلى المشتري ، واستحقاق عشرة في ثمنها ، واختلفا في عشرة زائدة البائع يدعيها والمشتري ينكرها ، والقول قول المنكر .

                                                                                                                                            وتركنا هذا القياس حال قيام السلعة للحديث الوارد فيه ، ففيما عداه يبقى على القياس . ووجه الرواية الأولى عموم قوله : { إذا اختلف المتبايعان فالقول قول البائع والمشتري بالخيار } وقال أحمد ولم يقل فيه : { والمبيع قائم } إلا يزيد بن هارون قال أبو عبد الله وقد أخطأ رواة الحلف عن المسعودي لم يقولوا هذه الكلمة ، ولكنها في حديث معن ولأن كل واحد منهما مدع ومنكر فيشرع اليمين ، كحال قيام السلعة ، وما ذكروه من المعنى يبطل بحال قيام السلعة ، فإن ذلك لا يختلف بقيام السلعة وتلفها وقولهم : تركناه للحديث قلنا : ليس في الحديث تحالفا ، وليس ذلك بثابت في شيء من الأخبار .

                                                                                                                                            قال ابن المنذر وليس في هذا الباب حديث يعتمد عليه . وعلى أنه إذا خولف الأصل لمعنى ، وجب تعدية الحكم بتعدي ذلك المعنى ، فنقيس عليه بل يثبت الحكم بالبينة فإن التحالف إذا ثبت مع قيام السلعة مع أنه يمكن معرفة ثمنها للمعرفة بقيمتها ، فإن الظاهر أن الثمن يكون بالقيمة ، فمع تعذر ذلك أولى .

                                                                                                                                            فإذا تحالفا ، فإن رضي أحدهما بما قال الآخر ، لم يفسخ العقد ; لعدم الحاجة إلى فسخه ، وإن لم يرضيا ، فلكل واحد منهما فسخه ، كما له ذلك في حال بقاء السلعة ، ويرد الثمن الذي قبضه البائع إلى المشتري ، ويدفع المشتري قيمة السلعة إلى البائع ، فإن كان من جنس واحد ، وتساويا بعد التقابض ، تقاصا .

                                                                                                                                            وينبغي أن لا يشرع التحالف ولا الفسخ ، فيما إذا كانت قيمة السلعة مساوية للثمن الذي ادعاه المشتري ، ويكون القول قول المشتري مع يمينه [ ص: 139 ] لأنه لا فائدة في يمين البائع ولا فسخ البيع ; لأن الحاصل بذلك الرجوع إلى ما ادعاه المشتري وإن كانت القيمة أقل ، فلا فائدة للبائع في الفسخ ، فيحتمل أن لا يشرع له اليمين ولا الفسخ ; لأن ذلك ضرر عليه من غير فائدة ، ويحتمل أن يشرع لتحصيل الفائدة للمشتري . ومتى اختلفا في قيمة السلعة ، رجعا إلى قيمة مثلها ، موصوفا بصفاتها ، فإن اختلفا في الصفة ، فالقول قول المشتري مع يمينه ; لأنه غارم ، والقول قول الغارم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية